10‏/8‏/2025

الهايكو اللحجي والأمير العبدلي


الوادي الفياض من طرائف نوبة عياض
الهايكو اللحجي والأمير العبدلي
--------------------------------------



يظن أهل لحج أن قائل هذا "الشعر" هو (عوض هادي بادهول) والحقّ أنه منه براء، إنما قائله الحقيقي هو (قادري أحمد عوض) من نوبة عياض من بيت الجابري ومتزوج من بيت النجار في الحوطة وله سكن فيها، وكانت تربطه ببادهول زمالة عمل في الشرطة العبدلية.
كان عوض هادي رجلاً جلفاً لا يقبل المزاح، وذلك ما دعى قادري إلى ابتكار هذا النظم وإلصاقه بزميله الحرن فيحظى بمتعتين: متعة نظم شعر الطمبرة ومتعة الضحك من غضب زميله. وقد ساعد قادري على الاستمرار في النظم إلحاح الأمير أحمد بن علي العبدلي على سماعه ومتابعته للجديد منه.
خبّرني الوالد محمد سعيد عبيد دنّم وبحضور قادري أحمد عوض ، رحمهما الله، في سوق القرية أن الذي ينظم "الشعر" باسم عوض هادي هو زميله قادري. وزاد: " كان قادري وعوض هادي الهراني جندييّن في الشرطة العبدلية "مرتبّين"أي مكلّفين في الوهط. ومرّة نظم قادري قول: "من رتبة الوهط يا منذوق أنا ما اقدر / صبوح أربع كدر / شوف حالتي كيف تعبان؟" .. وأسمعها لقائد الشرطة العبدلية وقتذاك الأمير العبدلي ـ رحمه الله ـ فضحك كثيراً ، وأعجبه الأمر فكان يسأل قادري دوماً عن آخر أقوال عوض هادي؛ ذلك أن قادري ينظم ويلصق النظم بعوض الذي يغضبه هذا الأمر .. "
كان ابن دنّم يحدثني بذلك وقادري يستمع ويضحك ويقول "مش حقي هذا عوض هادي اللي يقول، هوْ الشاعر" وبنبرة مازحة تدل على أنه هو الناظم الحقيقي بما يؤكد كلام جاره وصديقه .
وقادري مزارع من أسرة فلاحية لها بالأرض التصاق عميق، وقد تقاعد مزارعاً في (مزرعة الشجيرات) لذلك تجد كل صور وتشبيهات "نظمه الطمبري" لا تخرج عن الأرض والزرع ومتطلبات الفلاح وحاجياته:
من الوهط روّحت معبي كما القفعة
والراس حبة قرع
والعين حبه طماطيس
وقال:
حالي وريقه عسل
كما اللبن في قارورة
وقال:
أربع كسَب ذي ورثها عوض في المزراب
وديك مكسي شعر
لا زرّخ الصبح أذّن
وكان اقترض سالم التيح من جاره عوض هادي مبلغاً لنصيد القصب فتأخر في التسديد والظاهر أنه فضفض واشتكى عند زميله قادري فنظم :
ميتين شلّيتها قرضة مع المنصد
عجيب من شل ورد
واتخبروا سالم التيح
لقد ابتدع قادري الهايكو اللحجي، الذي يشتمل على عناصر الهايكو الياباني الرئيسية كعدد الأبيات والتغيّر وشرط الإدهاش .. غير أن موضوعه الإضحاك والقهقهة فقط.

------------------------
لقراءة المقالة أنظر مدونة جمال السيد : (في الحلمنتيشي والطمبرة) .