شريط

4‏/4‏/2011

رمزي .. ربّ غفّار واحنا منّها با نولّي

الفنان رمزي محمد حسين لرمزي صوت حلو ، فيه شجو وتطريب ، ويحفّ به عنفوان عجيب ، وفيه سلطنة و"جهورية" أندلسية تُذَكِّر بذاك الزمن العربي الجميل في الصقع الغربي الريّان. وفي صوت رمزي وضوح كبير ، ومدّ وامتداد مفرح حدّ أنك تسمع بوضوح حالي آخر حرف في البيت مهما كان طوله، وهذه ميزة أشهد أني ما وجدتها عند أحد من مطربينا المحليين.

ورمزي عازف عود ماهر لا تشبع من عزفه المتجدّد المتنوّع المبدع ، يرغم أذنك على تتبّعه والتقاطه من بين الآلات الأخرى ، ويستحوذ على سمعك وشعورك ، ويجبرك على شكره. وتصاحبه إيقاعات تنمّ عن حذق ضاربوها وإبداعهم ، إنهم في الحقيقة يدهشوك بجديد ضربهم وبذوقهم الرفيع. وابننا موهوب ويؤدي الألوان اللحجية والصنعانية والحضرمية بإطراب واقتدار.

ولكن هذا الجمال الأنيق لا يخلو من قبيح فمن مآخذنا عليه: قراءته الخاطئة للنصوص المغناة مثل "ارحم قُليب المولّع بحق طه ومحمود" والصحيح "أغفر ذنوب المولع" فالاستعانة والشفاعة، طلباً للمغفرة ، تكون (بالحبيب) وليس بالحبيبة، ومثال غنائه: " والله ما فرقته وانا به ذري" بالذال وأصلها بالزين: "زري" أي متفاخر؛ أو قوله: (لا تَرضَى بنا عاذلي) والصحيح (لا تُرضِي)، أو (خلي في عناده ضل الساحري) والصحيح (السامري) وهو تضمين لقصة السامري والعجل وضلاله لبني إسرائيل؛ وهكذا أخطاء تدل على أن المغني لا يفقه مغناه.

ويبدأ رمزي معظم أغانيه بالدان أو الموال غير مدرك أن الدان لا يصلح مدخلاً لكل أغنية، وأنه لا يجوز التمويل بمطالع كل الأغاني. فالدان هو مقطع شعري يحمل فكرة معينة هي غير فكرة الأغنية وجمعهما في مقام واحد ومقاربتهما في معنى واحد يتطلب خبرة عالية بالمقامات الموسيقية وروح نقدية عالمة بأسرار القصيد.

أبوبكر عدّس ويغمط رمزي الكورس حقه ، مع أن للكورس معناه وغايته. يمثل الكورس محطة تجديدية للمستمع ، ويحمل سر القصيدة /الأغنية إذ هو ملخص مركز للفكرة الرئيسية للأغنية ، وله فائدته للمغني باعتباره فترة استراحة يلتقط فيها المغني أنفاسه ليقدر أن يؤدي المقطع الذي يلي بنفس القوة والجمال ، وإجمالاً لغناء الكورس لذته الخاصة به، حتى لصوت ذاك الكورس الصارخ بطريقة حضرمية : (هيه) أو (طيّب) حلاوتها.

مقدمات الأغاني جيدة جداً غير أن لزمات الأغاني غير متقنة وخاصة من عازف الأورغ ـ رحم الله الأستاذ أبوبكر عدّس الذي كان يدرك الربع تون ، ويراعي اللزمات ويشدد على حفظها وإتقانها.

أما ترتيب الأغاني في الكاسيت يجرح الذوق السليم ؛ فالانتقال من أغنية لأخرى يتطلب حذقاً وخبرة ، ذلك أن أخذ وجدان المستمع والتنقل به من حالة لأخرى ومن مقام موسيقي لآخر، ومن معنى إلى معنى ينبغي أن يحدث في هارمونية نغمية محسوبة ، وبسلاسة في تتابع المعاني والأفكار للفوز بأذن المستمع وبخاطره.

أما عنوان الكاسيت " الزمن غدار" فلا يعبر إطلاقاً عن محتواه العام وان احتوى على أغنية بهذا العنوان؛ ولا نفع منه حتى من الوجهة التجارية ؛ وكان أجمل وأحلى ما يعبر عن معاني أغاني هذا الكاسيت هو :" ربّ غفّار واحنا منّها بانولّي". في هذه العبارة تلخيص مركز لإيمان الشاعر العميق بآخرته ووعي متين بدنياه ، ووسطيه مطلوبة. وأحسب أن النص للشاعر للمرحوم الدبا ، اسمعه يقول:

خذت دورة على شاطـى البريقا بخلّي / جيـت بـسـبـح  ولكـني  لقيتـه مملّـي

قال خَلِّـي مكانك ، حـط وانــزل محلي / هاهنا الناس حد يمسي وحد بايظلي

ملتقـى كل عاشـق أو من الحـب مبلي / والطبيعة جميلة وانت شلّيت عقلي

قلـت يا ليـل شعشع بدر نور المهلي / حان جني الحـلا من حـاليــة بانحلّـي

جَني لَ الصبح وان أذن غبش با نصلي/ رب غفّــار ، واحنا منهـا با نـولّي

لحن الأغنية عجيب ، ترى فيه بحر عدن وريح الحسوة وصدق العقربي، وكان رمزي في أدائها رائعاً كطبع بئر أحمد ، رائقاً كماء (اللبخة)، شافياً كدوش العقارب .

مؤخراً شاهدت رمزي يغني ( ما بنساك ) فوجدته مطرباً بارعاً قد اشتد "عوده " يستحوذ على مشاعر مشاهديه ويدخلهم هالة نغمه مسرورين مشدوهين.  وفي أغنية (يا الله اليوم سألك) ، وهي لناصر بن عمر بن عاطف جابر اليافعي ، وجدت رمزي سلطان طرب حقيقي. لقد جعلني أحس بهوى يافع يلفع فؤادي؛ وكنت سمعتها قبله من مطربين آخرين لكني ما تذوقتها إلا من إبن محمد حسين ـ عافاه:

            قـــال (أبو ناصر) أن العشق داهـي وغلاب  *   إنمـــا حسبي الله

            من هوى الزين يصبر لو رقد فوق مزراب   *  قـــال ذي جنة الله      

            قلت : يا خــل  أيش ذي  علّمك  بالتخضّاب   *  قــال  علمني  الله

            قلت :  يـا خــل  بـا شم  عـرفك  والاطيـاب   *  قال روح لك على الله 

إن صوت رمزي ثروة ينبغي الاستفادة منها لتطوير الأغنية. هو مطرب موهوب ، في أدائه سلطنة وشجى لذيذ. لقد جمع بين البحروالرمل: إحساء الشعر وأوتاره ، ورمل البحر ومزماره ؛ وفي مقلوب (رمزي) ما يذكّر بالنشيد الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  imageأغنية (يا الله اليوم سألك يا كريماني) كلمات: ناصر عمر بن عاطف اليافعي،غناء: رمزي محمد

      أغنية ( با تحمّم على شاطئ البحيرة) كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان، غناء: رمزي م حسين 

     رابط أغنية (يقولون لي سيبه) بصوت رمزي

http://www.4shared.com/audio/-6yU-6oP/___online.html