شريط

27‏/12‏/2010

القذع على الرَّجَز (1)

مقالة القذع على الحمار سبتمبر 1989 الهجاء هو أصل الشعر، وكان للهجاء دوراً هاماً في توجيه حياة الإنسان العربي ، حيث كانت وظيفة الشاعر الهجّاء هي إبطال قوى الخصم وتخويفه ونشر الرعب في قلوب الأعداء. ولذلك لجأ الشاعر العربي - إمعاناً في التخويف - إلى تغيير هيئته لتساعده على الإيحاء بالاجتياح واللعن. فلبيد ، مثلاً ، كان يدهن أحد شقي رأسه، ويرخي أزاره ، وينتعل نعلاً واحدة ، وكان حسّان شاعر الرسول (ص) يخضب شاربيه وعنفقته بالحناء.

ومعلوم ما قام به شعراء "النقائض" في العصر الأموي من تسعير لنار الهجاء ورمي الحطب لإعادة إشعالها بعدما خبى الإسلام أوارها ؛ ونذكر صرخة جرير فاضحاً النميري الراعي الذي فضّل الفرزدق عليه: (فغض الطرف إنك من نمير..). وذهب شعراء النقائض يعددون المثالب ، ويكشفون العورات. وكان الشاعر منهم لا ينتقم لنفسه بقدر ما ينتصف لقومه فيمتدحهم ويهجو أعداءهم بما يحملنا على القول بأن الهجاء قد كان آنئذ هجاء قوم لقوم وليس هجاء شخصياً كالذي شاع في الأعصر التالية. وقد خلا شعر الهجاء الجاهلي من العصبية السياسية التي تميز بها الهجاء في العصور: الإسلامي والأموي والعباسي وحتى اليوم.

والهجاء نوعان: شخصي وقبلي (عام). فأما الشخصي فذلك الذي يدور حول شخص معين لأنه ارتكب إثماً، أو اقترف جريرة أو أتى ما يغضب الشاعر كعدم جزاء الشاعر على مدحه للمهجو ، وسنقصر حديثنا هنا عن هذا النوع. وأما العام فهو هجاء الشاعر لقوم أو قبيلة سواء تناول القبيلة ككل او رماها في شخص احد أفرادها ، بقطع النظر عن تدني أو علو منزلة المهجو في القوم، لأنه لا يهم الشاعر سوى الحصول على ثُلمة ينفذ منها إليهم، وإن كان في التعرض لسيد القوم والتمثيل به أثر أشد ووجع أعمق. ويأتي الهجاء مباشراً في شكل قذع وتجريح وكشف للمساوئ وإظهار للعيوب، أو غير مباشر في شكل (الفخر). والفخر هجاء أيضاً. فافتخار الشاعر بقومه وبما يتحلون به من حميد الصفات في الأخلاق والعادات وسواها هو هجاء لقوم آخرين يفتقرون لمثل تلك المحامد والمكارم ، خاصة وأن نمط القبيلة هو الشكل الحياتي للإنسان العربي الذي أملته عليه ظروف طبيعية وبيئية. وقد يعمد الشاعر لمثل ذلك من الفخر تجنباً للفتنة وإثارة الصراعات التي قد يؤدي إليها الهجاء المباشر كقول (محمد دباشي – صاحب بيت عياض) مفتخراً بأنه من قبيلة كثيرة العدد، جيدة العدة، لا يأبه أفرادها للموت، مُحقّراً ضمناً قبيلة أخرى لضعفها عدة وعدداً؛ (من الرجز):

القبيلة عوجـا ، عَجــي تِركوبها  *   أوزنتهـــا عنــد الثريــا لا بعيـد

ما بسري الا في كراديس العَوَل  *   أهـــل الفرنجيات زينات الحـديد

ومن ذلك قول (صالح علي عون – صاحب بيت عياض) يفتخر على آخرين بما يمتلكه من مال، وبما تحوي قبيلته من رجال، قادراً بهمتهم أن يعيد بناء الجسر الترابي الذي جرفته السيول من الحجر. ويلمح ساخراً لتكن المواساة للضعفاء الذين سدودهم مبنية من جذوع وأغصان الأشجار (مِشعبة) ، (من الممتد أو الوسيم):

رُد بالــدان واذي عـــــاد قلبك  سلي  *  (بن عون) ما يسمـع الداعي ولا يستجيبه

شــددون المُنيبـة واقرنـــــون البقـر  *  ( فالج ) تخــرّب علينا من  أماكن  صعيبة

في القلب ببني لخلي دار عالي حجر  *  وصاحب الدار ما هو مثل  مولى  الزريبة

لقد أعطى الهجاء صورة صادقة للمجتمع العربي ، فكشف عيوب ذلك المجتمع وأظهر مساوئه سلوكياً واجتماعياً، وأبان مواطن الخير، ومحامد الأخلاق التي تحلى بها الإنسان العربي (البدوي)؛ وفي كشف العيوب والمخازي دعوة لتجنبها. لذلك فقد جنحوا به إلى الصدق ، ونأوا به عن الكذب. فالهجاء الذي يُمليه الإدعاء وليس فيه غير المَين مرفوض عندهم. (1) لكن هذا الهجاء الجاهلي لم يثبت على حاله في العصور التالية ، حيث انحلت الأخلاق وتفسخت الأعراف الإجتماعية، وسرت عدوى المدنية تنخر فيها. ويكاد يكون الهجاء في الشعر العامي اليمني سباً وشتماً كله ماخلا قليل من القصائد التي ترقى موضوعياً وفنياً إلى ذلك الهجاء الذي ننشد الحديث عنه، اما الباقي فقد بُني على الكذب والزور والإدعاء وإلصاق الشين بما ليس في المهجو، ولا فنّ فيه ، ولا فائدة منه سوى الإضحاك وملء الفراغ.

ولا يختلف الهجاء العامي اليمني عن الحكمي إلا في اعتماد العامي إعتماداً يكاد يكون كاملاً على (بحر الرجز)؛ ذلك البحر العربي الذي رفضه الشاعر الجاهلي خاصة حيث لا ينظمون على الرجز، ويدعونه " حمار الشعر" ، لأن الهجاء أجلّ من أن يأتي عليه. والرجّاز عندهم ، وإن أجاد ، لا يبلغ في الهجاء به مبلغاً عظيماً. قال (ابن سلام):"والرجز لا يقوم للقصيد في الهجاء ، وذلك لأنه لا يفي بالوعيد ولا يقوم بمتطلبات التهديد، لسهولة امتطائه". أما شاعر العامية فقد امتطى (حمار الشعر) ومشى به ، ومن على ظهره انبرى يقذع ويقذف لهباً بدلاً من أن يلقي التحية والسلام.

     الهجاء الشخصي

عيّر شاعر الهجاء بالعيوب الخلقية كالعمى والعور وانقباض الوجه، والطول والقصر وغيرها. فالرجل طويل القامة مهاب مرغوب فيه، وقصيرها مذموم خامل الذكر. قال (بحاشرة) صاحب بيت عياض يهجو قصيراً، من (الرجز التام):

صححتون للعبد ، صلاته جائزة  *   ذي يدخل المسجد وكرعانه يبوس

كُلّه من (علوان) ذي قـــد كبّره  *   م العـبد بـا جيبه فـي حفـره نكوس

إن المهجو ، لقصره وعدم تساوي يديه ورجليه ، لا يستطيع غسل مرفقيه وكعبيه حال الوضوء فيؤدي الصلاة بوضوء ناقص.

والرمي بالبخل طبع قديم في العرب. البخيل "النادري" ممقوت مذموم، و"الحاتمي" الكريم محبوب مبجّل. قال الأخطل:

قومٌ إذا استنبح الأضيافُ كلبَهمُ  *   قالوا لأمهمُ بولي على النار

وقال عبيد محلتي  صاحب الوهط ، يهجو أهل عمران الصيادين ، (من الرجز التام):

مروّة (العمراني) مرض وافي  *   تعدّمك العِيشة وراس المال

بعـــــــد السنة لا كــَدْ لك ربطة  *   منّـك يشأ فـي ربطته دسمال

وقال (علي أحمد بحاشره ـ صاحب بيت عياض) يتندّر بأهل العرس البخلاء الذين استدعوه لإحياء احتفالهم بالمديح والثناء، ولكنهم نسوا أن يكرموه فقلب عرسهم جحيماً. قال (من الرجز التام):

يا اهل الحراوة ما طعمنا رزقكم  *  لا من (الكنب) كِسْرة ولا من (البحرية)

لا قد  الحراوة هكذا في شرعكم  *   با نزوج  (العرّي)  على  ذي (العرية)

وفي نعت الشاعر للعريس بـ(العري) وهو القط الكبير الحجم القبيح المنظر ما فيه من الهزء والتجريح، ومعلوم أنه لا تليق بالعري (العريس) إلا عروسة (عريّة) مثله.

ولعبيد محلتي هجاء مرّ في (أهل البان) ما نزال  نتمثّل به ونتندّر. والمحلتي يستخدم في شعره (التذييل) البديعي فيخرج الكلام مخرج المثل السائر، قال:

ما شي سلا و(اهل البان) في الجُمرك  *  يتعشّروا حتى من كرا الجمّال

وعلى رجع ذلك قال الشاعر (أمبيلة) صاحب الحمراء عن أرض البان في منطقة (زايدة):

روّح الفايدة سالم ببدلة وكوز *   وفضل في (زايدة) يصنع مخانق وأُرْضة

وأقذع الهجاء وأمرّه هو ذلك الذي يكشف العورات ويطرق الأعراض، وحامل لواء هذا اللون شاعران هما: (بحاشرة) و(أحمد عنوبة) وكلاهما تنين يقذف لهباً. قال بحاشرة يهجو من أبوا مصاهرته، (من الرجز التام):

قد كان (ماعوضة) قبيلي ما اخيره  *    واليوم (ماعوضة) تمكّن بالرياض

ما با خـذ إلا مــن رجــال المجحفة  *  ولاّ المحلة  ذي قبل  ساكن عياض

… وهكذا ظل شاعر الهجاء العامي يقذع ويشهِّر على وزن "حمار الشعر" ،الرجز ، ويقذف حممه كيفما اتفق، فهو في خضم حميته وهيجانه لا يتورّع عن التنبذ بألفاظ تستحي من قولها الرعاع ، ولا يهتم إلا باقتفاء المعايب والمخازي ــــ  و" البغض يعمي عن المحاسن " كما يقول سهل بن هارون

__________________

1) د.عجلان، عباس بيومي: “ الهجاء الجاهلي ، صوره وأساليبه الفنية”. مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية 1985.

■  نشرت بمجلة (الحكمة) ، العدد (164) السنة (19)  في سبتمبر 1989م

__________________________________________

image أغنية (منيتي مالي سواه) كلمات ولحن عبدالله هادي سبيت ، غناء فيصل علوي.

1‏/12‏/2010

الدرزي .. أغاني مختارة

 

بعدت عني بختيارك

كلمات: محمد حسين الدرزي        لحن : سعودي أحمد صالح تفاحة  

بعـدت عنــي بختيــارك      وعشت عمري في انتظاركالأديب  اللبيب محمد حسين الدرزي  

سنين طويلة أشتاق إليك

فــي كل ليلة أسـأل عليك

سألت عنك ــ حتـى ظنــوني

وعرفت أنك ــ يانور عيوني

بعدت عني بختيارك

*   *   * 

كتمت آهــاتي وحنيني      فـي فــؤادي يا ضنيني

حرمت نفسي نعيم حياتي

وعشت أمسي وذكرياتي

من بعـــادك  ــ  ما شكيت

من عنـادك  ــ  ما بكيـت

بعدت عني بختيارك

*   *   * 

إذا تجيني تبأ السماح       سماح وما قد راح راحالفنان سعودي أحمد صالح

واللي يحب  يسمح حبيبه

مهما تعب يرضى بنصيبه

وانته نصيبـي ــ رضيــت بـك

وانته حبيبـي ــ من غير شك

وبعدت عني بختيارك

 

سرى طيفه يذكّرني

كلمات : محمد حسين الدرزي          لحن: عبده سعيد كرد 

ســـرى طيفه يذكّــرني بما قد مّرْ

سرى نكّش مقاريط الهوى الدمَّر

يعــاتبني / على كيفه

يحاسبني / على كيفه

عــلى كيفه مسى يأمــر ويتـأمّرالأديب الشاعر الدرزي بضيافتي 9 أغسطس 1996

*   *   *

على ضوّه ولمعة صدره المرمر

سمر لما يضاحكنا الشفق لحمر

يصالحني / على كيفه

يقـابحـنـي / عـلى كيفه

علـى كيفه وبس مـا بيننـا يعمر

*   *   *

نسد ما نسد ، لا نشكـي ونتذمّر  

ومَن يبعـد تجيبه قَرْعة المَحمَر

يجـادلني / على كيفه

يجاملنـي / على كيفه

علـى كيفه يبأ يُروَى يبأ يضْمَر

 

لحج يا نغمة أصيلة

لحن: الأمير عبد عبدالكريم               غناء: الدكتور أحمد فضل سعد

لحج يا نغمة أصيلة    عانقـت لحنـي الأصيـلالأمير الشاعر والملحن عبده عبدالكريم في ضيافتي عام 1996

لحج يا كلمة جميلة    تحضن المعنى الجميل

أنت مهد المعرفة

والظلال الوارفة

والهوى الشافي العليل

*     *     *

إنْ غبت بالجسم عنّش     ما اعتقد روحي تغيبالفنان الدكتور احمد فضل سعد

إنتِ  إلهامـــي  ومنّش     بستمــد فنـي العجيـب

لحج يــا مرتع صباي

بــاش تنسيني ضنـاي

لا  متى دمعـي يسيـل

*    *     *

 

30‏/11‏/2010

القمندان .. أبو الغناء اليمني

الشاعر الأمير أحمد فضلالقمندان لقب غلب على اسم الأمير الشاعر أحمد فضل بن علي محسن العبدلي اللحجي. ولد سنة 1885 م في مدينة الحوطة محافظة لحج ـ اليمن، وتوفي سنة 1943م. هو أبو الغناء الموقع في جزيرة العرب بلا منازع. القمندان شاعر عامي فحل، وكاتب مجيد ومؤرخ ثقة. كتب الشعر العامي فتسلل إلى قلوب الناس إذ وجدوا في أغانيه تعبيراً عن مشاعرهم وما تلتهب به أفئدتهم من لواعج الغرام. غلبت على شعر الأمير بساطة المزارع وفرحة الفلاح فالأرض والزرع والخضرة والريحان هي غاية متعته، بل كانت المرأة وسيلته للتمتع بالفاكهة والرياحين أو مكملاً ضرورياً لذلك.

    ترك الأمير القمندان ديوان شعر عنوانه: "الأغاني اللحجية" صدر عن مطبعة الهلال ـ عدن عام 1938م ، ثم وسّعه وأسماه:"المصدر المفيد في غناء لحج الجديد" وصدر عن مطبعة فتاة الجزيرة ـ عدن عام 1943، ثم عن دار الهمداني ـ عدن مرتين في 1983و1989م، وفي بيروت عام 2006 . وفي التاريخ ترك كتاب "هدية الزمن في  أخبار ملوك لحج وعدن"(ثلاث طبعات)، وله أربع مقالات:"فصل الخطاب في تحريم العود والرباب" و"لمن النصر اليوم: لسبول الذرة أم لطبول المجاذيب؟"و"الخزائن المظلمة"و "وداع بيت على أكبار"، يجادل في الأولى السيد الحضرمي صاحب كتاب "رقية المصاب بالعود والرباب" ، ويدعو في الثانية والثالثة إلى التخلي عن الشعوذة وخرافات القرون الوسطى والسير نحو العلم والعمل والتحرر، وفي الرابعة يودع داراً استئجرها من هندي بعدن إبان الإحتلال العثماني للحج في الحرب العظمى. زاره الأديب الكبيرامين الريحاني في لحج وأسماه في كتابه (ملوك العرب):"شاعر لحج وفيلسوفها" ووصفه بـ"سلك الكهربا في لحج".  هدية الزمن للعبدلي

من غنائياته:

أحبك ياســلام  --  بصوت فضل محمد اللحجي

يـــا منيتـــي ، يــا ســـــلا خــــاطري   /   وانــــــا  احبـــــــك  يـا ســـلام  
ليـــه  الجفــــا ،  ليــه  تجـرحنــــــي   /  
وانــــــا  احبـــــــك  يـا ســـلام 

لك  عنــق  الظبـــــاء  يــا سيـــــــدي / وعين المها لك وتغــريد الحمـام
واحنــا عبيـــدك فــي  الهـــوى  جُملة   /
وانــــــا  احبـــــــك  يـا ســـلام 


يترنم علــــى البــانة ، عشيه ، قمري  /  الروضـة علـى غصـن السلام المصدر المفيد في غناء لحج الجديد
ذكرنــي بأحبــــــــابي  وبكانــي الغرام  /  
وانـــــا  احبــــــك يــا ســــلام


جبـيــــن  لك  بيضــــــاء  هلاليــــــة  /  وجعــد اسـود هنيـدي  رام  رام
يا آسري،  ليه تظلــــم فــي الهــــوى / 
وانــــــا  حِبّـــــــك  يـــا  ســـلام


بين (الرمادة)  و(الحسيني)  فــــــاح  / عرف الفــل والكــاذي والبشـام
يمسي يداعــب فــي الهــوى هاجسي  / 
وانــــــا  احبـــــك  يـــا ســـلام


يـــا هــركلــــــي غـــــنّ  بالبــــــاكرِ  /  ثَــمْ  ، مـــن خلــف ( الكِـــدَام )
حيث  الصفا  حيث  سُعـدك  والمنام   / 
وانــــــا  حِبــــــــك  يـا ســـلام 

يا زيـن ليه التقـلاب احبك يا سلام

ليه وعدني وعاب / قفّـل على نفسه الباب  /يـا حقَيــب  الخضــاب 
افتـح   البــاب / وإلا با يقــع  دوب قبقــاب / أوجس  القلــب  ذاب

ليه ضاع الحساب/  تسلق حزيران في آب  / قــد كشفنـــا النقـاب

المحبة    عـــذاب / مَن صابهُ الله بها صاب / ذاك فصــل الخطاب

في الحسيني مست / خيرة جماعة وأصحاب / والسمر طاب طاب

يسحبوا الأنس/ بيـن الفـل والورد سحباب / في  جنــاين  عجاب

ثم صوت الربــب / والعـود والماء ينساب /  والمطر والسحـاب

اسكبوا لي شـراب/ قهـوة قرنفل  وعنـاب / بعـد  مــاء الكــزاب

قد دَنَا الأنس كـان / قــاب قوسين أو قـاب / فاسقني  والصحاب   
اسقني     اسقني  / من أنكر العشق كذاب / قـال غيـر الصواب
ليه ، ليه العتــاب /  مافيش للعِتب  أسباب / من سعى فيه خاب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المرفقات (3)

  • يا منيتي يا سلا خاطري بصوت فضل محمد اللحجي (‏3297 كيلوبايت ) تنزيل
  • يا زين ليه التقلاب، للقمندان بصوت فيصل علوي (‏1950 كيلوبايت ) تنزيل
  • ليتني واحبيبي ، للقمندان بصوت عبود زين -  (‏1322 كيلوبايت) تنزيل

1‏/11‏/2010

القمندان .. الحاضر بمجمرة رومانسية

الشاعر الأمير أحمد فضل القمندان أتخيل القمندان طفلاً مجدوراً يؤثر العزلة والإنفراد بالنفس رغم اتساع حالة البذخ والعز من حوله ، ثم يتيماً يفتقد حنان الأب ومحبته، ولا تشبعه شفقة الإخوان والأعمام .. يبحث عن الدفء في عيون الحبيبة ويتشبث بأردانها. ولم يكد يفيق حتى يتداركها الموت ويختطفها منه فيشرب من كاسات الهجر والحرمان والألم حتى الثمالة. فولد ذلك عنده نوعاً من الكبت وشعوراً بالخيبة والفشل "مركب نقص"..

ثم أتخيله كبيراً تدفعه حياة القصور المترفة ـ بما تكتنفه تلك القصور من صراعات حادة ومخاصمات ومنافسات على المجد والسلطان .. التي لا يقدر قلبه الضعيف وشعوره المرهف على تحملها ـ تدفعه إلى الإنكباب على اللهو والهروب إلى الطبيعة يغرّق فيها أحزانه. وعلى شدة ألمه وحزنه غالى في حبها وافرط للتعويض (compensation)، فهو يشعر معها بالأمان وتمنحه بعضاً من التوازن، فانبرى يفلحها شعراً وعملا.

ولما كان الأمر كذلك ، كان عليه ، بحس الرعوي/ الفلاح وبأخلاقه ، أن يبادلها حباً بحب ، ووفاء بوفاء. هل يزرعها (مشقراً) في هامته ، على عادة أهل بلدته المزارعين حين يتباهون بعشقهم؟ ليكن ذلك ، إبقاء على تلك العادة الحميدة ، ولكن ليزد هو ، في تعال وتفرّدٍ رومانسي ، غرس الورد في "مشقره":

             رب ساعة سلي وانتشى  /   بفعل الورد في مشقري

وأظنه ، لولا الحياء لدلى من مشقره ذاك شيئاً من الفاكهة أيضاً.  بطبع الفلاح وأخلاقه وسلامة طويته يدعو للكل بالسقيا وليشمل الخير كل البلاد:

            ســـال السيل جـانا الوادي يسفــح ويتلاطم / بأ رزقي من المَقسَم

            با سقّي الزريعي ذي في (الثعلب) بلا معقم / عمّ الخيــر فينــا عم

لا أدري، هل أحب روح الخير تلك في أبي العلاء أم عمقها في قلبه إحساسه مثله بالظلم والحرمان وخطر الجفاف، فقاسمه في الوباء وفي الإحساس؟ أم هي روح اليماني الصميم من قبل تحطم السد. إنها في كل الأحوال لا تخرج عن الروح الرومانسية العذبة.

أجل لتسقى الأرض كلها من طين (الحسيني) في (الشقعة) إلى (الزريعي) في (الثعلب)، ولكن بنظام، بالترتيب حسب التقليد الزراعي الموروث ؛ ومن شق عن العرف في البداية نهدده:

            والنبي ما اعمد (المنتا) ونا لي (الرداعة)

مقالة القمندان بمجمرة رومانسية بالحكمة يقول المثل الزراعي العامي "من تردّعك قتلك". بلى، لا يستطيع (ابن سعيد) أن يروي أرضه قبل (وريور والهاشمية) وإلا لأقام عليه خاله (ابن عبد) الدنيا وأقعدها. إن القمندان فلاح قح ، فمن كان مزارع مثلي وجدته يتململ ضحكاً وطرباً من هذا القول الجميل لأنه ينمّ عن روح المزارع الحق ، ويرفع الغطاء عن حالة الفلاح/ المزارع ساعة "السقو". وهل يفوّت الفلاح ساعة فرح كساعة السقو ، ليلاً كانت أو نهاراً ، فما بالك إذا كان ذلك الفلاح شاعراً رومانسياً أيضاً. السقو عنده يعني الوصال ؛ والفعل "رددنا" في صيغة الجمع في البيت التالي يؤكد حضوره ساعة السقو:

          مسى ماطر بوادي الهوى رددنا لِجاع المحبة  /  "زحينا" العشق عقبه وأبّه

وماذا بعد السقو:

          بسلق لا تبأ جلجل ، ولاّ لا تُبأ مَتلَم  /  وانت كِيل واتكرّم

سيبذرها سمسماً (جلجل) أو حبوب ذرة (متلم). وبعد جهد جهيد تطرح الأرض خيراتها ، وما أن يحين موعد الحصاد الذي اقترن هذه المرة بزوال الجراد ، حتى تتدفق السيول مبشرة بموسم جديد سعيد:

          يا غربة "الإحسان" زال الجراد  /   وســال ماء السقو فـي كل واد

          فما علــــى الزرّاع إن "قبّضوا"، /   لحصدك ، النصّاد، آن الحصاد

الشاعر أحمد فضل القمندان إنّي لا أستطيع أن أمر بالبيت الثاني ماط الشفتين فكلمة "قبّضوا" فيه لها معنى خاص. فالشاعر لم يستعمل مفردة "عربنوا" على شيوعها واستقامة الوزن بها أيضاً، وذلك لأن "التقبيض" يوحي إلى الجزء الأول من مهر العروس الذي يعطى لوالدها. فمثلما يرتضي والد العروس عن ثقة ومحبة بالخاطب وأهله ويخلص في التزامه لهم ، يقبض / يعربن المزارع من الحاصدين من يخصه بمحبته ويثق به وبإخلاصه ويطمئن إلى صبره حين التأخر عن دفع المتبقي من الأجر /المهر.

وساعة الحصاد عند الفلاح القمندان هي ساعة الفرحة الكبرى والمرادف لجود المحبوب بالوصال يمتزج فيها العمل بالرقص والغناء ، وتتوحد روائح الطيوب برائحة الجسد:

            رقَّ نسيمُ الصبحِ، زفَّ الهوا  /   شذى الهُرد والكاشني والزباد

            إنّ  بنـات  (الحـــاو)  صرّابنا  /   والمشرقيـــات أهـــل الــرواد

أنظر كم هو فرح بريح المرأة العاملة التي تشاركه ذلك الفرح ، وكيف تفعل فيه روائح طيوبها المحلية وتقدر على فعل مالم تقدر عليه عطور القاهرة وطيوب الهند التي امتلأت بها دواليب أخيه السلطان عبدالكريم.

إنه يذكرني بحاصدة الرومانتيكي الإنكليزي وردزورث (Wordsworth) في قصيدته (The Solitary Reaper). هو ذات النفَس الرومانتيكي الخيّر؛ نظل مثبتين أمامه ما تسلقنا سلم العمر تماماً كتسمّر وردزورث أمام غناء تلك الحاصدة الريفية:

                                                   I listened motionless and still

                                                              And as I mounted up the hill          

                                                           The music in my heart I bore      

                                              Long after it was heard no more

ويلتقط صورة بديعة لتلك الرفيقة : إنها كسبولة البر ، صغيرة ونحيفة ، منتصبة القامة وغالية وأحلى من حبوب الكنب:

            وبأ سبول البر / ما بأ شي الكنب

ومثلما يفرح لإخوته المزارعين بالسقيا ، يفرح لهم أيضاً بوفرة المحصول ، ويفرح أكثر بالأرض التي تجود فيخلدها في شعره:

           تبارك الزرع الذي أنبتت  /  (رقعة علي منصور) فيها وزاد

ولابد بعد الحصاد من نخل الغلة وتصفيتها من الشوائب ، وليحضر كلّ بمنخله:

           بذلح صفاء يهل الحسيني /  با انتسب

هكذا على عكس أبي نواس في البحث عن نسب ، ذهب العبدلي يستجدي الإنتماء إلى (الحسيني) وأهله المزارعين ، وما أشقاه من أمير يبحث عن هوية ، أما من قال غير ذلك فقد ضل.

           شيخ المزارعين

كان القمندان ـ الرعوي شامل الإطلاع ، على دراية تامة بسائر معارف بيئته والزراعية منها بشكل خاص. يحفظ عادات بلاده وتقاليدها. ولا أغالي إن قلت أنه قد كان منها ــ على حدّ لغته: “ في المرتابة”:

            عادني با اشترح بين (الرتب) و(الشواعة)

يمتزج حبه العذري لها بالطفولة ، والطفولة بالطبيعة ؛ والطفولة هي الطبيعة بكراً أصيلة:

ليش الهوى يهل الهوى حلّق على قلبي ودج  /  جاهل لعب في القلب سوّى داخله حفرة ونَج

وكلـما  سبَيت  له  ســالــت دمـوعه وارتبــج  /  وان جيت انا با شــل بـدّي هزّ قلبي وانتسج

فيــن الــــذي با يسحره بعطيه في فـــالج فلج  /  أخــاف يصبــح سـاحره أسير عينه والدعَج

وانظر إلى البيت التالي لتستشف منه مزارعية القمندان وتسمع صدى نبض قلب مزارع خبير:

               مَن ليس ينساه قلبي كيف ينساني  /  جُـدْ باللقاء ، يا شقر في سَواني

ولماذا شقر (السواني) بالذات؟ أقول لك: عندما يفرغ المزارع من حصد او جني المحصول ، يترك الأرض سنة أو أكثر للراحة وينتقل للعمل بقطعة أرض غيرها ، وبذلك تبقى الشجيرات والعلائق ومنها الشقر في قطعة الأرض الأولى دون ري فتجف ، وحين يجف الشقر يرسل ريحاً أنفذ وأعبق من الريح التي يرسلها الشقر المروي في الحدائق والبساتين.

والقمندان عالم بالتقويم الزراعي ، يعرف حساب الفصول والسنين والأشهر والأيام ، مواسم الأمطار، ومواعيد البذر، ويستطيع التمييز بين أول شهر في الصيف من آخره:

                   ليه ضاع الحساب  /  تسلق حزيران في آب

ويعتز كرعوي متحرر بما هو مفيد وعقلاني من تلك العادات والتقاليد ، ويمقت ما بُني منها على الخرافة أو الوهم ويعمل على دحضها ، وحكايته مع الشيخ الذي يحيي الموتى مشهورة. قال متهكماً عابثاً ومخاطباً المحبوب بلغته:

كحيل العين مسمسني وسمسم  /   ونـا قــاصد كرامة دقّ بابه

معي (الجذبة) بقلبي و(الدمندم)  /   وبي مكريب يلهبني لِهابه

وكان واسع الاستطلاع كثير التجوال بين المزارع والقرى والأراضي الزراعية ، يحمل في رأسه خارطة لبلدته بقراها وشعابها ووديانها:

غاره على الظبي حِلّه  /  من (العند) لا (المحلة)  /  والصوت لما (عويدين)

وقال:

أجلِ همومك في ساعة طرب ممدوح  /  لا ترهن (البطحاء) فيها ولا (المبطوح)

المقالة منشورة بجريدة الثقافية العدد(220 وعندما تعلم أن البطحاء والمبطوح هما قطعتا أرض زراعية جيدتا التربة واسعتا المساحة يملكهما مزارعان آخران تتوثق مما نزعم. ويتكشف لك مدى عشق ذلك "الرعوي” وهيامه واعتزازه بالأرض الزراعية حدّ أن يرسلها مثلاً: (لا ترهن البطحاء). وحين يؤرخ الرعوي فإن قطعة الأرض الزراعية المسماة (أم القفع)  وإن كانت رديئة التربة ، تحتل مكاناً في التاريخ وتصبح شاهداً على خروج العثمانيين من لحج، ثم تستوطن عقل المؤرخ فاروق أباظه فيورد في كتابه (الحكم العثماني في اليمن) نقلاً عن (هدية الزمن) : " واستلم الجنرال الإنجليزي  "بتي" لحجاً وعسكر في أم القفع"، و لا أظن الأباظة إلا قد حسبها مدينة أو مركزاً سكانياً.

في شعر القمندان عفة ، فليس هناك بذيء لفظ ولا فاحش كلام ، وهو لم يتخذ من الإمارة وسيلة للمروق أو الخروج عن حدود الحشمة كما فعل الوليد بن يزيد على العهد الأموي ، ولكنه مزارع لا أمير ، له أخلاق المزارع ورقة المزارع وظرفه.لم يصل به عشقه حد تخطي حدود اللفظ المعقول والعبارة المقبوله من قبل أهله المزارعين؛ فإذا أعجبه نهد كنى عنه بقوله:

با اجني من الموز ذي صفّر حلي في قتابه

وإذا صرّح فهكذا:

وعاد النهود  /  في صدر ميداني سلا كل مكبود

ولغته هي لغة المزارع في لحج بكل مدلولاتها ، وبكل ما تحمله من أحاسيس وما تثيره من شجون: (بسلق ، بذلح ، منتا ، رداعة ، الرواد ، غربه ، بيني ..) لا يخرج عنها ، ولا يقدر؛ وإذا استخدم من الفصحى لفظاً فلأن لذلك اللفظ من القوة والدلالة ما ليس لقرينه العامي ، أو لأنه تجذر في وجدانه بسبب قراءاته الكثيرة في آداب العرب وتاريخهم. إن لغته هي لغة الرعوي/الفلاح الذي يفلح الأرض بيده. إن مدح أو شكر هو مزارع خالص يحفظ الود ويرد الوفاء بأحسن منه. قال يشكر معلمه (العبادي) على كتاب أهداه له:

            يا أيهــا المولى الذي /   نعمـــاؤه  متـراسلــــــة

            والغيثُ إن شحّ الزما  /  ن لدى السنين الماحلة

وإن سخر أرسلها ضحكات مجلجلة منعشة تسقط على إثرها عمته ـ تلك العمامة التي أنعشت بصر وقلب الأديب أمين الريحاني. قال في المواصلات:

        تبصـر الموتر حَنيّـه مُفجعه  /  حمّلــــــه  مـــولاه   لما  شبّعـــه

        صف والبنكــة عليها أربعة  /  من صبر جالس ومن ملّ استقام

أما إذا ضجر فإنه لا يخرج عن ثوب الفلاح الجلف مع شيء من اللين والظرف تماماً مثل التراب.. وكأي فلاح تحتل الحواس عنده موقعاً متقدماً عن العقل بل وعن القلب. وعلى طريقة الفلاحين في الاختيار:(اطعم واحكم). وبنفَس رومانتيكي في التلذذ بالحرمان والعذاب يكون المحبوب قبل الطعم هكذا:

            آح يا نا من البعد آح  /  يا خضاري بلون البلح

أما بعد الطعم فهكذا:

            هات الكاس والقدح  /   يا رغــدود يا بلــح

وهو يشم حتى بعينيه:

            سرى ينفح من الغالي ويشتَم   /   ندى عرف المعفّص من خضابه

وإذا برّح الشوق بالرعوي وأرغمه لاعج الغرام للالتقاء بالمحبوب ، واللقاء خيال ، فليكن ذلك سرّاً، إذعاناً للعرف السائد، وخوفاً على المحبوب من الظنون:

            خَفَا يسري معي ليليه بالسكته مغطى مجمّش  /  ولا قد لحلح الصبح غبّش

         شاعر الطبيعة والحب والألم

قبر القمندان بمسجد الجامع بحوطة لحج كان القمندان والطبيعة صنوين. وإذا جاز لنا نسبته إلى إحدى المدارس الأدبية فهو رومانتيكي محض. كل شعره وتجاربه تدور في الحب والطبيعة والألم. جاء في كتاب غنيمي هلال الرومانتيكية: " كان الأدب الرومانتيكي أدباً تقدمياً ينظر إلى المستقبل ليغير الحاضر ويستبدل به خيراً منه ، فليس للحاضر قداسة إلا بمقدار ما يساعد على بناء هذا المستقبل الذي يحلم به".  قلت وهل خرج القمندان عن ذلك قولاً أو فعلاً؟

لقد كانت ثورة القمندان وتقدميته تكمن قي محاولاته لإيجاد مجتمع مثالي قائم على أسس من " التقدم العلمي والمساواة والحب". أما التقدم العلمي فنجد له مثالاً صارخاً في رحلاته إلى الهند لجلب الغروس ونقل المعارف الزراعية العلمية كإدخال نظام الإصطفاء  النوعي الاصطناعي (التقليم)، أو دعوته إلى التخصص في الزراعة ؛ هوذا يقول مفتخراً:

          ســـلام منــي عليكـــم يا حبـــايب  /   يــوم الهنــا با تجـونا للحسيني

          شوفوا هنا أيش سا نواب ساهب   /  لا تحسبوا عاد ثم غربه وبيني

                                         يا حمام الحيط غني

وقال داعياً أخاه السلطان عبدالكريم إلى تحديث البلاد بالعلم وبالاستفادة من المنجزات العلمية في البلدان الأوربية من خلال إقامة المعامل وإدخال وسائل النقل والمواصلات الحديثة وغيرها:

        إن قلبـــــي لم يــزل فــي أضلعـي /  كلمــا حـس شقـاء العُرب أنْ

        هل نرى السكة والقطر على الش  /ــامخات السود تجري بالغُدَن

        ونـــرى طيـــارنـا تحـــت السمــاء  /  يختفــي بين سحـــاباتٍ طَبَن

        ودخـــــانٍ للمعـــامل أمــــلأ الجــو  /  حتى غيّـب الشمس ، وجَن

        أمـــــة المختــــــار والهفـــي لقــــد  /  خيّــم الجهـلُ عليهــا ودفن

أما الحب عند القمندان فهو نشدان للجمال لحقيقة، والحقيقة عند الرومانتيكيين كما يقول الفرد دي موسيه: "هي الجمال ولا جمال دون حقيقة". حبه ممتزج بالطبيعة، وأجمل ما فيه ذلك الخيال الذي تثيره اللقيا ، حتى الحرمان وحتى العذاب في الهجران والحرمان لهما لذتهما اللتين لا يعرفهما إلا الرومانتتكيين:

وانا فــؤادي يمسي لا متـى مــا يرقــد فــي حبكــم صــابر  /  أسير يا سيــدي قــل لي أيش ذنبه

قمري بكى فوق غصن البان ذكرني بأحبابي غناء الطائر  /  تنــوح يــا قمــري مـن بُعـد الأحبة

حِـــسْ الكبــــد تصطلــــي بالنـــار ، تكـــويني وانــا صــابر  /  وجنـة الفــردوس مقرونــة بقربه

هل يفهم المحبوب هذا التحرق والوجع الذي كتب بغير لهجته؟ قطعاً لا يفهم ومن لا يفهم لا يشعر، فليجرب الشاعر التبسيط لعلّ المحبوب يفهم فيشعر ويتجاوب: المطرب فيصل علوي سعد

          آح يـابوي من ذا الهــوى /   لا  يحــاذر ، ولا  له  دواء 

          صاب حتى ( أمير اللوا )  /   وين بشكي من اللي جرى

          حــرّق القلب حــرّ النوى   /   كيـف ودّف وكـيف اكتوى

          مــا تجي شي المحبة سوا  /   كــم متيّـم مسـى يعتـري

ولعمري إن لفظة : “يعتري” تحمل من الدقة والقوة ما لم تحمله “ صرد” عاشقة ابن أبي ربيعة. وليحاول التنازل قليلاً:

          با اذلح لك الغـــالي لما تقــول لي بس  /   بمسي على بابك والبرد سعبوب

          وان خفت من أهلك بسري معك بالدس  /  يا خـاطري ما شانك ليه متعوب

إن شعر القمندان بل حياته كلها: تراب وسحاب وجنائن عجاب ، وغزل وغناء وشراب وأصحاب ، وفي كل ذلك عذاباتٍ عِذاب:

        المحبـة  عـــــذاب  /  من صابه الله بها صاب  /  ذاك فصــل الخطـاب

        في الحسيني مسَت / خيـرة جماعة وأصحاب  /  والسمر طــاب طاب

        يسحبـــوا  الأنــــس  / بين الفل والورد سحباب /  فــي جنـاين عجاب

        ثـمّ صــــوت الربـــاب / والعــود والماء ينســاب / والمطـر والسحاب

        اسكبــوا لــي شــراب / قهــوة قرنفـــل وعنّـــاب / بعـد مــاء الكـزاب

                                    يازين ليه التقلاب

القمندان لقد كان القمندان مجمرة دائمة الاشتعال ؛ بخورها مزيج من ألم العشق ووجع الطبيعة اللذيذ. ولم تزل المجمرة ترسل ريحها قصائد من نغم تملؤنا بالفرح. لقد استطاع أن يثير مشاعرنا حتى الذروة فيمنحنا بهجة وسروراً وذلك هو سر عظمته كفنان

 

  نشرت بمجلة (الحكمة) العدد (158) في مارس 1989، ثم بجريدة (الثقافية) العدد (220) في 4 ديسمبر2003

14‏/10‏/2010

المشهوري صاحب العود

الفنان زين راجل لزين راجل رخامة صوت الزاجل ، في صوته شجو وتطريب ، وفي صوت زين وضوح مقبول ، ومدّ مفرح ، وفيه صفاء مع خنّة مستحبة كانت من متطلبات الغناء بمقاييس زمان. إن المادة الخام المصنوع منها صوت زين غالية وغير متوفرة. يذكرني صوت الراجل بطرب لحج الأصلي الأصيل. له صبابة حالية لم أجد مثلها إلا عند المسلمي ـ رحمة الله عليه.

وزين عازف عود ماهر ، لا تشبع من عزفه البديع ؛ في عزف زين كل الحلا والزين: نغم صافي ضافي ، وريشة لا تخطيء الوتر، وفي تصبيعه إتقان ينمّ عن حذق ومهارة ، وفيه شجو مُرنٍّ لا يُمَل ، تعيده على مسمعك مرات ومرات فلا تشبع منه. زين في الأصل عازف عود ويمكن تصنيفه ضمن الطبقة الثانية مع السرحاني والشيخ يحيى العقربي وفريد حمدون. مارس الغناء من مدة قصيرة فأبدع.

إذا طلبت الطرب اللحجي المؤصّل وجدته جارياً متدفقاً من حناجر وأصابع فضل محمد وفيصل علوي والدباشي وأقرانهم. وهذا زين راجل (دباشي) عصرنا في عفوية أدائه، وهو (فضل) أيامنا في رنّته وخنّته. أهداني الفنان الراجل أربعة كاسيتات من غنائه فاستمعت لها واستمتعت بكثير من الأغنيات.

يدرك هذا الوهطي الزين أن الدان لا يصلح مدخلاً لكل أغنية، وأنه لا يجوز التمويل بمطالع كل الأغاني؛ لذلك كان الراجل موفقاً في اختيار الكسرات لـ"داناته". ومن أحلى الأغاني التي يؤديها زين هيالفقيد الشاعر احمد عباد الحسيني شاباً (ياشاكي غرامك): 

يا شاكي غرامك ، ياباكي هواك / مَن يسمع كلامك ، مَن يقبل شكاك

                        يا ما قد بكى / قلبي واشتكى

من نار المحبة ذي تضرم ضريم / يا شــاكي غرامك قلبك لك غـريم

لطالما سمعت هذه الأغنية من مطربين كبار بينهم فيصل علوي ، لكني ما طعمتها إلا من حنجرة هذا المطرب. أي بالله، لكأنك تتذوق من حنجرة هذا الزين المشبك الوهطي ذي العلامة التجارية المميزة: "صنع في بيت الهيش". إنك في صحراء الوهط ، فإذا سرت القريحة سارت محلتية ، وإذا امتطى الطرب صهوة الفن كان (حمدونياً) ، وهو (المشهوريُّ) إذا ترجّل.

تصاحب الراجل إيقاعات تنمّ عن حذق ضاربوها وإبداعهم ، وصاحبنا لا يغمط الكورس حقه ، فهو يدري أن للكورس معناه وغايته ، لكنه لا يهتم بانتقاء أصوات الكورس. ومن مآخذنا عليه: عدم التزامه بغناء الأبيات مرتبة، وقراءته الخاطئة للنصوص المغناة مثل: "دم يا ورش غاني" والصحيح (هاني)؛ وإقحامه أسماء أصحابه في الأغنية إرضاء أو تملّقاً كالصراخ :"وازجر" وهو أمر غير مُستحب حتى في المخدرة. لكنه في بعض خطأه جميل كغنائه : " مِن يِسمع كلامك، مِن يِقبل شكاك" بكسر ميم (مَن) وياء المضارع ، ونحن نقبلها منه لأنها طريقة أهلنا المزارعين في الكلام. وقد أبدع زين في أداء أغانٍ بعينها مثال: (يا شقي في يوم عيدك) ، (اسألك بالحب يافاتن جميل) لأحمد عباد الحسيني، و(أنا حبك ياسلام) للقمندلن، (متى ياكرام الحي) ، (منقب صدفة لاقيته) و(ليه يازين ماشان) لعبده عبدالكريم. وفي (حبيتك ونا ما اعرفك) لابن هادي سبيت أبدع الراجل أيما إبداع، وأشهد أني ما طعمت هذه الأغنية ، على كثرة من غنوها، سوى من صوت الراجل. أما لحنها فعجيب ، كان صوته في أدائها متدفقاً كماء (مجاهد)، حالياً كحلوى الوهط :

كأني إلا اعرفك من زمان / ما أحـلاك ما ألطفك

حبيتك وانا ما اعرفك

مَنْ حَبك حظي واشتهر/ والرحمـن  ذي  شرّفك

حبيتك وانا ما اعرفك

إن هذا الطرب ينعش النفس منا ، ويجدد الذاكرة ؛ فيه تأريخنا ، ماضينا الجميل حيث المرح يقفز من سطور القصيد ، فيمدُّ الصدقُ يديه ليتلقاه متبسماً:

قالوا لي: كفـايه جنان / هـذا قط مــاشي يبان

ذا موصوف ذا بوفلان / يا مجنون أيش اكلفك؟

وأشد ما أعجبني من غناء الراجل (غزلان في الوادي) للقمندان. غناها فوقعت النقطة عن رأس الزين وسار حاسراً فقرأتها: (وراجل بلبل الروضة رخيم) :

غزلان في الوادي وزاجل بلبل الروضة رخيم / يا خـاطري لما مـتى عـادك مولّع به تهيم

نار الهوى من فرقته تكوي فؤادي جيم ميم / ومبسمه فيه الدواء يطفي اللهيب سكر وليم

إن الجمال كل الجمال يكمن في البساطة ، واللحجي بسيط وخفيف ، انظر إلى تلك الاستعارة الشعبية حين  يكون الحبيب كالدواء الشعبي الناجع:سكر وليم. ولا يحيد مطربنا عن هذه البساطة حتى في معاملاته اليومية.  لقد جمع (ابن مشهور) في أدائه نقاء والتماع رمال أكواد (عورره وبئر حيدرة والمكشاحية)، تلك الجالسة فرِحةً على حافتي عُبري (مجاهد) و(عابرين). نحن الذين نشأنا على طرب فضل محمد اللحجي والدباشي وفيصل علوي والقعطبي والمسلمي ومحمد سعد عبدالله نستطيب غناء الزين الراجل لأنه زاخر بالعفوية و"المحلية" والحلا والبساطة والجمال.

في اسم (راجل) ما يعبر عن بساطة الرجل المعتمد على ساقيه – وريشته ، وكما هو ماهر في النحت على عود الخشب ، هو ماهر في الضرب على عود الطرب. ولو شئنا كلمة مختصرة قلنا: إن طرب (بن حمودة) ملوكي ، لقد جمع في صوته وأدائه وعزفه طُرَفاً من محاسن الطرب اللحجي الأصيل

13‏/10‏/2010

الصنعاني .. فمُ الطرب

عدن ، الأربعاء ، ‏30‏‏/‏06‏‏/‏2005‏

محمد سعد صنعانيقُبِضَ أبونا في عيدين: أضحىً مبارك ، وتموز جباّر .. وجاء عيده الأدبي في (يوم الربوع)، وفي هذا الصيف القائض ، الصيف الذي يضيّع اللبن.

محمد سعد فم الطرب ، إنه لحجي ؛ ولحج هي نبع المعرفة الصافي المتجدد ، وهي نهر الطرب الحي. على قممها السود نصبَ بنوها عروشاً لودٍّ ونكرح مناراتِ هدىً أولى، وفي بطون وديانها السيالة جعلوا لعبقر مسكناً مقدساً ، ومن جمال سفوحها العامرة بالخضرة والثمار نظموا أناشيدَ وأغانٍ ألهمت العالم وما تزال ، ومن بخورها وعفصها والفاغية حفروا لأيزوس وعسرخ في ذهن الأسطورة مجداً عالمياً عاليا.

ظلّت الأغنية اللحجية زمناً ترفل مزهوّة في ثوب (شيناوي) قمنداني بديع كذاك الذي اشتراه العبدلي لصاحبته (عيشة):

          تقول (عيشة) تبأ الاّ ثوب شيناوي وعقده زين  /  يا مَن يبأ عند (عيشة) يطرح الألفين

 

ولكن من القديم ما لا يعتق .. وهذه أغنيتنا اليوم تلبس على أيدي الصنعاني واخوته (ويلاً) جديداً شفافاً مشجّراً، ألوانه تسرّ الأذن والعين والخاطر.

ما أن نصل بوابة ستينات القرن العشرين حتى يطلع (أبو اسمهان) من ثنايا الندوة اللحجية يعدو به الوتر في ميدان التلحين، ونرى اللحن يلبس جديداً. إنّ الصنعاني في ميدان التلحين ثالثُ سبعةٍ إذ هم في بطن العود: عبدالله هادي سبيت الشاعر الثائر المجدد المُجيد، وفضل محمد اللحجي الموسيقار الشهيد، وأبو عبدالمجيد الأمير عبدالحميد، والأمير محسن بن احمد مهدي، وصلاح ناصر كرد، وسعودي أحمد صالح، ولا بأس من أن نضيف إلى هؤلاء عيسى وكريشه وحنش ومهيد وابن عنكاو؛ فعلى يد هؤلاء جميعاً يستقيم دورٌ متين آخر من أدوار الغناء اللحجي.

أدرك الصنعاني باكراً أن الأغنية اللحجية هي عنوان الطرب العربي كلّه ، وهي أصله وفصله وسرّه. وعلِمَ – وهو المتخصص المختص - أنْ ليس لبلد في المسكونه أكثر من إيقاعين اثنين أو ثلاثة ، في حين تزخر لحج بأكثر من عشرين إيقاع رئيس أو يزيد ، فنهض حِسّه الأصيل ليضع ألحان:(بالعيون السود) و(كان يا ما كان في ماضي الزمن كان لي محبوب) ، و ( دق عودك غنّ يا بلبل تبن) متجاوزاً (ربع التون) قصد تمكين غير العربي من استساغة واستطابة لحننا اللحجي العجيب.. وخرج اللحن من دهاليز الزمن السليماني ، والعباء القمنداني إلى فضاء رحب آخر.

.. ولما رأى (أبو عبدالقوي) أهل بلدته ، بكل موروثهم الثّر ، منطوين على أنفسهم ، يخبطون في العفوية والمحلية ، قد مسّهم التحنّط بشرّه ، ينظرون إلى الوراء ، خشي أن يمسخهم الله أعمدة من ملح كما فعل بامرأة لوط ، فهبّ يعلمهم التدوين الموسيقي (النوته) كي يُسمِعوا العالم ما أبدعته الروح اللحجية الحالمة من فنّ ، ومن شعر ، ومن فكر، وليتدربوا على طعم فن الآخر والتطعّم به ؛ لأن التطعيم خير الوسائل لترقية الأنواع.العازف والملحن صلاح كرد

وكانت للصنعاني درايةٌ كافية باللغة وصرفها ونحوها. ما كان ، رحمه الله، يلحن في القراءة أو يتقرّأ في اللحن. إذا غنى الفصيح سعدت الفصحى بغُنائه وغِناه. مكّنته معرفته للغة وأسرارها من إتقان اختيار النصوص، وقادته نفسه الشاعرة وبصيرته بخوافي الكلم إلى خلق الروائع.

إنّ الشعر موسيقى ، ولذلك قالت العرب: أنشد فلان قصيدة. وقد كان الصنعاني شاعراً مبدعاً استطاع إنشاد القصائد. ودلتنا حسن قراءته الموسيقية للشعر على مكانته المتميزة في صرح الغناء اللحجي. ليس قراءة النص موسيقياً بالأمر الهين بل هي تتطلب إدراكاً بعيداً لمعنى النص ، وبمقدار عمق فهم النص يكون جمال اللحن. والأصعب من ذلك وضع المقدمات الموسيقية للأغاني ، وهذه تعني قراءة معمقة ثانية للنص الملحن ، لا يقدر عليها سوى قلب موهوب متفرد ، وقد أبدع الصنعاني في هذا وفي ذاك وأجاد ، ويكاد لا يدانيه أو يقاربه في موضوع المقدمات في بلدنا أحد.

أما في اللحن فدونك رائعة عبدالخالق مفتاح "بالعيون السود" التي قرأها الصنعاني موسيقياً فكانت درّة فريدة انتظمت في عقد الغناء اللحجي، تحلّت بها العواطلُ الحسان ، وكانت (لَبّةً) على صدور بنات (لِحْسان)، وازدانت بها العمامة العبدلية. وأما من حيث المقدمات الموسيقية فيكفي أن أدلك على "لوعتي"، وأخواتها كثار.

الملحن محمد سعد صنعاني2وفوق ذلك حبا الله الصنعاني صوتاً أسراً فيه شجىً وشجن حلوٌ نادر، وفيه صفاء ماء السماء ، وموسيقية ابن كلثوم، فجاءت ألحانه وأغانيه كأنها الشهد المصفى. وأنت لا تعدم مع الصنعاني تلك الروح اللحجية المرحة حيث يضفي على النص المبتسم مرحاً وحسناً عجيباً. استمع له وهو يلقن مستمعه تلقيناً:

 

كحيل العين جاهل زين أقلش / وفي خده رأيت الورد أفتش

وتفاح الوجـن حـالي مقرمش / فسبحان الذي صوّر ونقّش

ويمشي زين زين ـ كحيل المقلتين ـ ولا ادري أين أين

كحيـل العين بالواله مرشرش / عليــــه مدكــــــم ومدحـش

أنظر، إن "رأمشة" الشاعر والملحن/ المغني ظاهرة. حاولا تزيين الزين في عيون السامعين، وناديا على بضاعتهما: "اشتروا منّي كبزرة لحجي".. وكما تدافع العشاق وتداحشوا للظفر بالزين المنقّش، تداحن الشعراء والمغنون وتدافعوا للفوز بروائع الصنعاني الحسان. وكما استخرج مسرور بن مبروك من نار (عبادي) المدفونه درراً، واجتلى القصائد على القات المُبَرّح والمداعة، استوحى (أبو عبدالقوي) من سكون ليل الحوطة المحروسة ندى الفجر وسلاه، فكانت سلوى وندى و اسمهان ألحاناً لحجية اصطفّت إلى ألحان: (بكشفه للثام) ،(إن خلف لي الخل وعدا)، (دق عودك غنّ يا بلبل تبن)، و ــالشاعر عبدالله سالم باجهل1

 

لوعتي والحب والهجر الطويل

يأمروا دمعي على خـدي يسيل

والهوى عـذّب فؤادي والجميل

ما رحمني صاحب الخد الأسيل

آه ، كم زمن الفضائيات هذا مفيد. إنه خير زمن لمجد الأغنية اللحجية؛ لن نبقي عليها "برتقالة" ولا "جنظاله"، وسنملأ الدنيا شعراً وطرباً غالياً يشبع العقل والوجدان ، فمن لأغنيتنا بصنعاني آخر يسمعها للعالمين؟

لقد نفخ الصنعاني من روحه فيما وضع من ألحان، فأرانا في كلّ لحنٍ إبداعاً وفرحاً ، وفي كلّ جملةٍ موسيقية حياة لحجية تمور بالدفء، وبالمحبة والسلام.

.. ولما كان لإبن السلطان جرامفوناً، اصطنع الولد محمد لنفسه من علبة الكبريت الفارغه حاكياً يهاتفه ...

وكبُرَ المعلم الفنان مسحولاً من متردّم الدار إلى باحة المسجد.. هو شقاء من تدركه حرفة الأدب..

لا يُكْبِرُ التاريخُ شعباً لم ينلْ / أدباؤهُ حظـّاً من الإكبار

ليس ملكوت الفن أكلاً وشرباً وتخزيناً، بل وحياً وإلهاماً. أما رأيتم كيف قدّر الصنعاني الصمت واستوحاه ؟! إنّ الطبّال والزمّار يضخّمان صيت العرس ، ولو كان الحريو أسوداً أنوداً كصاحبة الشاعر الدميح ...

لقد امتلأت حياة أبينا بالروائع التي تزهى بها الفضائيات، وتفخر بها لحج كل الفخر. إنّ (أبي سلوى) ركنٌ من أركان نهضتنا الأدبية والفنية، وهو واحد من رجالاتنا الذين يُحَدّونَ من الجهات الأربع ■

 

ــــــــــــــــــــــ

■  كلمة ألقيت بمقر اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بحوطة لحج في ذكرى وفاة الفقيد في ‏30‏‏/‏06‏‏/‏2005‏ ، ثم نشرت بجريدة (الأيام)  العدد (2128) السنة 26 في 25/6/2007م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

imageأغنية ( لوعتي ) كلات: سال با جهل ، لحن: محمد سعد صنعاني ، غناء: عبدالكري توفيق