أتخيل القمندان طفلاً مجدوراً يؤثر العزلة والإنفراد بالنفس رغم اتساع حالة البذخ والعز من حوله ، ثم يتيماً يفتقد حنان الأب ومحبته، ولا تشبعه شفقة الإخوان والأعمام .. يبحث عن الدفء في عيون الحبيبة ويتشبث بأردانها. ولم يكد يفيق حتى يتداركها الموت ويختطفها منه فيشرب من كاسات الهجر والحرمان والألم حتى الثمالة. فولد ذلك عنده نوعاً من الكبت وشعوراً بالخيبة والفشل "مركب نقص"..
ثم أتخيله كبيراً تدفعه حياة القصور المترفة ـ بما تكتنفه تلك القصور من صراعات حادة ومخاصمات ومنافسات على المجد والسلطان .. التي لا يقدر قلبه الضعيف وشعوره المرهف على تحملها ـ تدفعه إلى الإنكباب على اللهو والهروب إلى الطبيعة يغرّق فيها أحزانه. وعلى شدة ألمه وحزنه غالى في حبها وافرط للتعويض (compensation)، فهو يشعر معها بالأمان وتمنحه بعضاً من التوازن، فانبرى يفلحها شعراً وعملا.
ولما كان الأمر كذلك ، كان عليه ، بحس الرعوي/ الفلاح وبأخلاقه ، أن يبادلها حباً بحب ، ووفاء بوفاء. هل يزرعها (مشقراً) في هامته ، على عادة أهل بلدته المزارعين حين يتباهون بعشقهم؟ ليكن ذلك ، إبقاء على تلك العادة الحميدة ، ولكن ليزد هو ، في تعال وتفرّدٍ رومانسي ، غرس الورد في "مشقره":
رب ساعة سلي وانتشى / بفعل الورد في مشقري
وأظنه ، لولا الحياء لدلى من مشقره ذاك شيئاً من الفاكهة أيضاً. بطبع الفلاح وأخلاقه وسلامة طويته يدعو للكل بالسقيا وليشمل الخير كل البلاد:
ســـال السيل جـانا الوادي يسفــح ويتلاطم / بأ رزقي من المَقسَم
با سقّي الزريعي ذي في (الثعلب) بلا معقم / عمّ الخيــر فينــا عم
لا أدري، هل أحب روح الخير تلك في أبي العلاء أم عمقها في قلبه إحساسه مثله بالظلم والحرمان وخطر الجفاف، فقاسمه في الوباء وفي الإحساس؟ أم هي روح اليماني الصميم من قبل تحطم السد. إنها في كل الأحوال لا تخرج عن الروح الرومانسية العذبة.
أجل لتسقى الأرض كلها من طين (الحسيني) في (الشقعة) إلى (الزريعي) في (الثعلب)، ولكن بنظام، بالترتيب حسب التقليد الزراعي الموروث ؛ ومن شق عن العرف في البداية نهدده:
والنبي ما اعمد (المنتا) ونا لي (الرداعة)
يقول المثل الزراعي العامي "من تردّعك قتلك". بلى، لا يستطيع (ابن سعيد) أن يروي أرضه قبل (وريور والهاشمية) وإلا لأقام عليه خاله (ابن عبد) الدنيا وأقعدها. إن القمندان فلاح قح ، فمن كان مزارع مثلي وجدته يتململ ضحكاً وطرباً من هذا القول الجميل لأنه ينمّ عن روح المزارع الحق ، ويرفع الغطاء عن حالة الفلاح/ المزارع ساعة "السقو". وهل يفوّت الفلاح ساعة فرح كساعة السقو ، ليلاً كانت أو نهاراً ، فما بالك إذا كان ذلك الفلاح شاعراً رومانسياً أيضاً. السقو عنده يعني الوصال ؛ والفعل "رددنا" في صيغة الجمع في البيت التالي يؤكد حضوره ساعة السقو:
مسى ماطر بوادي الهوى رددنا لِجاع المحبة / "زحينا" العشق عقبه وأبّه
وماذا بعد السقو:
بسلق لا تبأ جلجل ، ولاّ لا تُبأ مَتلَم / وانت كِيل واتكرّم
سيبذرها سمسماً (جلجل) أو حبوب ذرة (متلم). وبعد جهد جهيد تطرح الأرض خيراتها ، وما أن يحين موعد الحصاد الذي اقترن هذه المرة بزوال الجراد ، حتى تتدفق السيول مبشرة بموسم جديد سعيد:
يا غربة "الإحسان" زال الجراد / وســال ماء السقو فـي كل واد
فما علــــى الزرّاع إن "قبّضوا"، / لحصدك ، النصّاد، آن الحصاد
إنّي لا أستطيع أن أمر بالبيت الثاني ماط الشفتين فكلمة "قبّضوا" فيه لها معنى خاص. فالشاعر لم يستعمل مفردة "عربنوا" على شيوعها واستقامة الوزن بها أيضاً، وذلك لأن "التقبيض" يوحي إلى الجزء الأول من مهر العروس الذي يعطى لوالدها. فمثلما يرتضي والد العروس عن ثقة ومحبة بالخاطب وأهله ويخلص في التزامه لهم ، يقبض / يعربن المزارع من الحاصدين من يخصه بمحبته ويثق به وبإخلاصه ويطمئن إلى صبره حين التأخر عن دفع المتبقي من الأجر /المهر.
وساعة الحصاد عند الفلاح القمندان هي ساعة الفرحة الكبرى والمرادف لجود المحبوب بالوصال يمتزج فيها العمل بالرقص والغناء ، وتتوحد روائح الطيوب برائحة الجسد:
رقَّ نسيمُ الصبحِ، زفَّ الهوا / شذى الهُرد والكاشني والزباد
إنّ بنـات (الحـــاو) صرّابنا / والمشرقيـــات أهـــل الــرواد
أنظر كم هو فرح بريح المرأة العاملة التي تشاركه ذلك الفرح ، وكيف تفعل فيه روائح طيوبها المحلية وتقدر على فعل مالم تقدر عليه عطور القاهرة وطيوب الهند التي امتلأت بها دواليب أخيه السلطان عبدالكريم.
إنه يذكرني بحاصدة الرومانتيكي الإنكليزي وردزورث (Wordsworth) في قصيدته (The Solitary Reaper). هو ذات النفَس الرومانتيكي الخيّر؛ نظل مثبتين أمامه ما تسلقنا سلم العمر تماماً كتسمّر وردزورث أمام غناء تلك الحاصدة الريفية:
I listened motionless and still
And as I mounted up the hill
The music in my heart I bore
Long after it was heard no more
ويلتقط صورة بديعة لتلك الرفيقة : إنها كسبولة البر ، صغيرة ونحيفة ، منتصبة القامة وغالية وأحلى من حبوب الكنب:
وبأ سبول البر / ما بأ شي الكنب
ومثلما يفرح لإخوته المزارعين بالسقيا ، يفرح لهم أيضاً بوفرة المحصول ، ويفرح أكثر بالأرض التي تجود فيخلدها في شعره:
تبارك الزرع الذي أنبتت / (رقعة علي منصور) فيها وزاد
ولابد بعد الحصاد من نخل الغلة وتصفيتها من الشوائب ، وليحضر كلّ بمنخله:
بذلح صفاء يهل الحسيني / با انتسب
هكذا على عكس أبي نواس في البحث عن نسب ، ذهب العبدلي يستجدي الإنتماء إلى (الحسيني) وأهله المزارعين ، وما أشقاه من أمير يبحث عن هوية ، أما من قال غير ذلك فقد ضل.
شيخ المزارعين
كان القمندان ـ الرعوي شامل الإطلاع ، على دراية تامة بسائر معارف بيئته والزراعية منها بشكل خاص. يحفظ عادات بلاده وتقاليدها. ولا أغالي إن قلت أنه قد كان منها ــ على حدّ لغته: “ في المرتابة”:
عادني با اشترح بين (الرتب) و(الشواعة)
يمتزج حبه العذري لها بالطفولة ، والطفولة بالطبيعة ؛ والطفولة هي الطبيعة بكراً أصيلة:
ليش الهوى يهل الهوى حلّق على قلبي ودج / جاهل لعب في القلب سوّى داخله حفرة ونَج
وكلـما سبَيت له ســالــت دمـوعه وارتبــج / وان جيت انا با شــل بـدّي هزّ قلبي وانتسج
فيــن الــــذي با يسحره بعطيه في فـــالج فلج / أخــاف يصبــح سـاحره أسير عينه والدعَج
وانظر إلى البيت التالي لتستشف منه مزارعية القمندان وتسمع صدى نبض قلب مزارع خبير:
مَن ليس ينساه قلبي كيف ينساني / جُـدْ باللقاء ، يا شقر في سَواني
ولماذا شقر (السواني) بالذات؟ أقول لك: عندما يفرغ المزارع من حصد او جني المحصول ، يترك الأرض سنة أو أكثر للراحة وينتقل للعمل بقطعة أرض غيرها ، وبذلك تبقى الشجيرات والعلائق ومنها الشقر في قطعة الأرض الأولى دون ري فتجف ، وحين يجف الشقر يرسل ريحاً أنفذ وأعبق من الريح التي يرسلها الشقر المروي في الحدائق والبساتين.
والقمندان عالم بالتقويم الزراعي ، يعرف حساب الفصول والسنين والأشهر والأيام ، مواسم الأمطار، ومواعيد البذر، ويستطيع التمييز بين أول شهر في الصيف من آخره:
ليه ضاع الحساب / تسلق حزيران في آب
ويعتز كرعوي متحرر بما هو مفيد وعقلاني من تلك العادات والتقاليد ، ويمقت ما بُني منها على الخرافة أو الوهم ويعمل على دحضها ، وحكايته مع الشيخ الذي يحيي الموتى مشهورة. قال متهكماً عابثاً ومخاطباً المحبوب بلغته:
كحيل العين مسمسني وسمسم / ونـا قــاصد كرامة دقّ بابه
معي (الجذبة) بقلبي و(الدمندم) / وبي مكريب يلهبني لِهابه
وكان واسع الاستطلاع كثير التجوال بين المزارع والقرى والأراضي الزراعية ، يحمل في رأسه خارطة لبلدته بقراها وشعابها ووديانها:
غاره على الظبي حِلّه / من (العند) لا (المحلة) / والصوت لما (عويدين)
وقال:
أجلِ همومك في ساعة طرب ممدوح / لا ترهن (البطحاء) فيها ولا (المبطوح)
وعندما تعلم أن البطحاء والمبطوح هما قطعتا أرض زراعية جيدتا التربة واسعتا المساحة يملكهما مزارعان آخران تتوثق مما نزعم. ويتكشف لك مدى عشق ذلك "الرعوي” وهيامه واعتزازه بالأرض الزراعية حدّ أن يرسلها مثلاً: (لا ترهن البطحاء). وحين يؤرخ الرعوي فإن قطعة الأرض الزراعية المسماة (أم القفع) وإن كانت رديئة التربة ، تحتل مكاناً في التاريخ وتصبح شاهداً على خروج العثمانيين من لحج، ثم تستوطن عقل المؤرخ فاروق أباظه فيورد في كتابه (الحكم العثماني في اليمن) نقلاً عن (هدية الزمن) : " واستلم الجنرال الإنجليزي "بتي" لحجاً وعسكر في أم القفع"، و لا أظن الأباظة إلا قد حسبها مدينة أو مركزاً سكانياً.
في شعر القمندان عفة ، فليس هناك بذيء لفظ ولا فاحش كلام ، وهو لم يتخذ من الإمارة وسيلة للمروق أو الخروج عن حدود الحشمة كما فعل الوليد بن يزيد على العهد الأموي ، ولكنه مزارع لا أمير ، له أخلاق المزارع ورقة المزارع وظرفه.لم يصل به عشقه حد تخطي حدود اللفظ المعقول والعبارة المقبوله من قبل أهله المزارعين؛ فإذا أعجبه نهد كنى عنه بقوله:
با اجني من الموز ذي صفّر حلي في قتابه
وإذا صرّح فهكذا:
وعاد النهود / في صدر ميداني سلا كل مكبود
ولغته هي لغة المزارع في لحج بكل مدلولاتها ، وبكل ما تحمله من أحاسيس وما تثيره من شجون: (بسلق ، بذلح ، منتا ، رداعة ، الرواد ، غربه ، بيني ..) لا يخرج عنها ، ولا يقدر؛ وإذا استخدم من الفصحى لفظاً فلأن لذلك اللفظ من القوة والدلالة ما ليس لقرينه العامي ، أو لأنه تجذر في وجدانه بسبب قراءاته الكثيرة في آداب العرب وتاريخهم. إن لغته هي لغة الرعوي/الفلاح الذي يفلح الأرض بيده. إن مدح أو شكر هو مزارع خالص يحفظ الود ويرد الوفاء بأحسن منه. قال يشكر معلمه (العبادي) على كتاب أهداه له:
يا أيهــا المولى الذي / نعمـــاؤه متـراسلــــــة
والغيثُ إن شحّ الزما / ن لدى السنين الماحلة
وإن سخر أرسلها ضحكات مجلجلة منعشة تسقط على إثرها عمته ـ تلك العمامة التي أنعشت بصر وقلب الأديب أمين الريحاني. قال في المواصلات:
تبصـر الموتر حَنيّـه مُفجعه / حمّلــــــه مـــولاه لما شبّعـــه
صف والبنكــة عليها أربعة / من صبر جالس ومن ملّ استقام
أما إذا ضجر فإنه لا يخرج عن ثوب الفلاح الجلف مع شيء من اللين والظرف تماماً مثل التراب.. وكأي فلاح تحتل الحواس عنده موقعاً متقدماً عن العقل بل وعن القلب. وعلى طريقة الفلاحين في الاختيار:(اطعم واحكم). وبنفَس رومانتيكي في التلذذ بالحرمان والعذاب يكون المحبوب قبل الطعم هكذا:
آح يا نا من البعد آح / يا خضاري بلون البلح
أما بعد الطعم فهكذا:
هات الكاس والقدح / يا رغــدود يا بلــح
وهو يشم حتى بعينيه:
سرى ينفح من الغالي ويشتَم / ندى عرف المعفّص من خضابه
وإذا برّح الشوق بالرعوي وأرغمه لاعج الغرام للالتقاء بالمحبوب ، واللقاء خيال ، فليكن ذلك سرّاً، إذعاناً للعرف السائد، وخوفاً على المحبوب من الظنون:
خَفَا يسري معي ليليه بالسكته مغطى مجمّش / ولا قد لحلح الصبح غبّش
شاعر الطبيعة والحب والألم
كان القمندان والطبيعة صنوين. وإذا جاز لنا نسبته إلى إحدى المدارس الأدبية فهو رومانتيكي محض. كل شعره وتجاربه تدور في الحب والطبيعة والألم. جاء في كتاب غنيمي هلال الرومانتيكية: " كان الأدب الرومانتيكي أدباً تقدمياً ينظر إلى المستقبل ليغير الحاضر ويستبدل به خيراً منه ، فليس للحاضر قداسة إلا بمقدار ما يساعد على بناء هذا المستقبل الذي يحلم به". قلت وهل خرج القمندان عن ذلك قولاً أو فعلاً؟
لقد كانت ثورة القمندان وتقدميته تكمن قي محاولاته لإيجاد مجتمع مثالي قائم على أسس من " التقدم العلمي والمساواة والحب". أما التقدم العلمي فنجد له مثالاً صارخاً في رحلاته إلى الهند لجلب الغروس ونقل المعارف الزراعية العلمية كإدخال نظام الإصطفاء النوعي الاصطناعي (التقليم)، أو دعوته إلى التخصص في الزراعة ؛ هوذا يقول مفتخراً:
ســـلام منــي عليكـــم يا حبـــايب / يــوم الهنــا با تجـونا للحسيني
شوفوا هنا أيش سا نواب ساهب / لا تحسبوا عاد ثم غربه وبيني
يا حمام الحيط غني
وقال داعياً أخاه السلطان عبدالكريم إلى تحديث البلاد بالعلم وبالاستفادة من المنجزات العلمية في البلدان الأوربية من خلال إقامة المعامل وإدخال وسائل النقل والمواصلات الحديثة وغيرها:
إن قلبـــــي لم يــزل فــي أضلعـي / كلمــا حـس شقـاء العُرب أنْ
هل نرى السكة والقطر على الش /ــامخات السود تجري بالغُدَن
ونـــرى طيـــارنـا تحـــت السمــاء / يختفــي بين سحـــاباتٍ طَبَن
ودخـــــانٍ للمعـــامل أمــــلأ الجــو / حتى غيّـب الشمس ، وجَن
أمـــــة المختــــــار والهفـــي لقــــد / خيّــم الجهـلُ عليهــا ودفن
أما الحب عند القمندان فهو نشدان للجمال لحقيقة، والحقيقة عند الرومانتيكيين كما يقول الفرد دي موسيه: "هي الجمال ولا جمال دون حقيقة". حبه ممتزج بالطبيعة، وأجمل ما فيه ذلك الخيال الذي تثيره اللقيا ، حتى الحرمان وحتى العذاب في الهجران والحرمان لهما لذتهما اللتين لا يعرفهما إلا الرومانتتكيين:
وانا فــؤادي يمسي لا متـى مــا يرقــد فــي حبكــم صــابر / أسير يا سيــدي قــل لي أيش ذنبه
قمري بكى فوق غصن البان ذكرني بأحبابي غناء الطائر / تنــوح يــا قمــري مـن بُعـد الأحبة
حِـــسْ الكبــــد تصطلــــي بالنـــار ، تكـــويني وانــا صــابر / وجنـة الفــردوس مقرونــة بقربه
هل يفهم المحبوب هذا التحرق والوجع الذي كتب بغير لهجته؟ قطعاً لا يفهم ومن لا يفهم لا يشعر، فليجرب الشاعر التبسيط لعلّ المحبوب يفهم فيشعر ويتجاوب:
آح يـابوي من ذا الهــوى / لا يحــاذر ، ولا له دواء
صاب حتى ( أمير اللوا ) / وين بشكي من اللي جرى
حــرّق القلب حــرّ النوى / كيـف ودّف وكـيف اكتوى
مــا تجي شي المحبة سوا / كــم متيّـم مسـى يعتـري
ولعمري إن لفظة : “يعتري” تحمل من الدقة والقوة ما لم تحمله “ صرد” عاشقة ابن أبي ربيعة. وليحاول التنازل قليلاً:
با اذلح لك الغـــالي لما تقــول لي بس / بمسي على بابك والبرد سعبوب
وان خفت من أهلك بسري معك بالدس / يا خـاطري ما شانك ليه متعوب
إن شعر القمندان بل حياته كلها: تراب وسحاب وجنائن عجاب ، وغزل وغناء وشراب وأصحاب ، وفي كل ذلك عذاباتٍ عِذاب:
المحبـة عـــــذاب / من صابه الله بها صاب / ذاك فصــل الخطـاب
في الحسيني مسَت / خيـرة جماعة وأصحاب / والسمر طــاب طاب
يسحبـــوا الأنــــس / بين الفل والورد سحباب / فــي جنـاين عجاب
ثـمّ صــــوت الربـــاب / والعــود والماء ينســاب / والمطـر والسحاب
اسكبــوا لــي شــراب / قهــوة قرنفـــل وعنّـــاب / بعـد مــاء الكـزاب
يازين ليه التقلاب
لقد كان القمندان مجمرة دائمة الاشتعال ؛ بخورها مزيج من ألم العشق ووجع الطبيعة اللذيذ. ولم تزل المجمرة ترسل ريحها قصائد من نغم تملؤنا بالفرح. لقد استطاع أن يثير مشاعرنا حتى الذروة فيمنحنا بهجة وسروراً وذلك هو سر عظمته كفنان ■
■ نشرت بمجلة (الحكمة) العدد (158) في مارس 1989، ثم بجريدة (الثقافية) العدد (220) في 4 ديسمبر2003