شعر ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان ، غناء: فيصل علوي
المقام: جنس بياتي على درجة النوى ، الإيقاع: شرح لحجي ثقيل (سلطاني)
إنما الفِتَاحي امتداد للسالمي. كلاهما قدما من (الصُّلبي). أوتيَ فضل محمد صوتٌ شجيٌّ وذهنٌ حاضرٌ، ووُهِبَ خاطرٌ بدّاع، وامتلك براعة في العزف على آلات الطرب، فجاءت ألحانه أسهل من ألحان سابقيه لكنها أشدَّ أسراً. لقد استوحى عاطفته ومحيطه، فاعتصر وانسكب كدفر الوادي الكبير ، ونحى بالأغنية اللحجية منحى جديداً لا ينفصم عن الموروث. لقد صهر فضل ألحان من سبقوه في بوتقة فنه فخرجت أشهى وأشجى وألذ. كذلك مثّل فيصل علوي نقلة جديدة في أداء الأغنية اللحجية، أعانه على ذلك صوت جهوري أخّاذ، فيه صفاء وأنس يتفق وجزالة الكلمة المغناة وسلاستها، وبراعة على العود ، فاستوفت الأغنية شروطها .. فضل وفيصل لحجيان والفارق بينهما نقطة.
كانت هدية اللحجي لأحبته حال زيارتهم بحسب التقليد الموروث زنبيل حلوى لحجية، فانضاف إليها اليوم كاسيت من غناء (فيصل علوي). ومثلما حلوياتنا للمائدة حسن ختام، صار ابن علوي ضرورياً للمقيل كالملح للطعام، عنواناً للفرح، بل غدا وغصن القات صنوين ..
صوته كثير الأفانين، فيه شجىً وشجنٌ يبيد، لذيذ في جوابه والقرار. فيه نَفَس رجولي جليل، وفيه نغمٌ أخّاذ تميحُ فيه المعاني وتتركّح. حين تحضره يغني في مخدرة يأسرك صوته وعزفه وأداؤه، ويغريك اللحن فتصيح كابن تيفوليت صاحب سرقسطة: وا طربااه ! وتستحي أن تشق ثيابك .. وتعذر الخواجه على تعبيره : " يا فيصل .. ما هذا إلا سكريم في جعبه".
ــــــ ويا خاطري ماشانك ليه متعوب؟!
يا خاطري ما شانك ليه متعوب؟
غزلان في الوادي يا سعــد رعيانهياليتني معهم با امـرح عســل نوبيرعــون من تين الـوادي ورمـــانهيا خــــاطري ما شـــانك ليه متعوبحبّيت غــــــزلان الـوادي وفتيـــانهحِسّ الكبـد من فرقة الظبي ملهوبوالقلب يمسي في شاغل على شانهيا خـــــاطري ما شــانك ليه متعوبيا قمـري الوادي ليه البكاء والنوحخّليت قلب العاشق في الشجن دوبليه الجفـاء يا عيني يا حيـاة الروحيا خــــاطري ما شـــانك ليه متعوبمسموح فيما سَيْتَهْ يا وُرِشْ مسموحوالفضل لك سيـــدي والعفـو مطلوبحتى ولا من عينيك الكبـــــد مجروحيا خــــاطري ما شــــانك ليه متعوببا اذلح لك الغــــــالي لما تقول لي بسبا امسي على بابــــــك والبرد سعبوبوان خفت من اهلك بَسْري معك بالّدسيا خـــــــاطري ما شـــانك ليه متعوبوالصبح ذي اسفر والليل ذي عسعسحــريق في الخــــاطر والقلب مقطوبياما الهوى كــــوّى والقلب يتمسمس يا خـــــــاطري ما شـــانك ليه متعوب
ما باسمع الداعي لي في فراقـك قطبا اصبر على ما فيني صبر أيــــوبوان خفت من كيـــد الحساد باتلطلطيا خــــــاطري ما شـانك ليه متعوببَصْبُحْ وبَمْسِي فــي الوادي بجنب الشَّطْليه الوُرِشْ عن عيني ليـــه محجـــوبوالنوم ما جـــــــاني والليــــــل يتمططيا خــــــاطري ما شـــــانك ليه متعوبطبيب فــي الوادي ليتـه يـــــــداوينيمن اللبن بأ للمـــــــارُوْد شخبـــــوبوالا عسل جـرداني مَــرح في صينييا خــــــاطري ما شــانك ليه متعوبليـلي هــوى الوادي في قلبي يكوينييمسي على القلب المـــارود هبهـوبلا عـــــاد دنيـا خــــــلّا لــي ولا ديني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفردات: حِسّ: أحس. سَيْتَه: في لهجة أهل أبين تعني عملته. وُرِش: الجميل الأنيق واستبدالها عند المصريين (روش). حتى ولا من عينيك: حتى وإنْ و(لو) من عينيك. سعبوب: السعبوب هو اللعاب متى سال لا إرادياً من فم الطفل. أتلطلط: سأتخفى عن عيون الناس. يتمطّط: تورية: يتمطّى كالذي نهض من النوم، ويمتط اي يطول. بأ: أبغي. المارود: في لهجتنا تعني المريض. شخبوب: تصغير شُخب وهو الحلبة من ضرع الغنمة.
الشاعر: الأمير أحمد فضل بن علي محسن العبدلي الملقب بـ (القمندان) (1885 ــ 1943). ولد في مدينة الحوطة محافظة لحج ـ اليمن، هو أبو الغناء اليمني ورائده في كل جزيرة العرب بلا منازع. شاعر عامي فحل، وكاتب مجيد ومؤرخ ثقة. كتب الشعر العامي فتسلل إلى قلوب الناس إذ وجدوا في أغانيه تعبيراً عن مشاعرهم وما تلتهب به أفئدتهم من لواعج الغرام. غلبت على شعر الأمير بساطة المزارع وفرحة الفلاح ؛ فالأرض والزرع والخضرة والريحان هي غاية متعته، بل كانت المرأة وسيلته للتمتع بالفاكهة والرياحين أو مكملاً ضرورياً لذلك.
المطرب: فيصل علوي سعد ( 1949 ــ 2010 ). ولد بقرية (الشقعة) مديرية تُبَن محافظة لحج. احترف الغناء صغيراً بالتحاقه بالندوة الموسيقية اللحجية في العام 1959م بمعية كبار شعراء لحج ومطربيها. ومنها صدح بأولى أغانيه (أسألك بالحب يا فاتن جميل) من شعر أحمد عباد الحسيني ولحن صلاح ناصر كرد و (ورا ذي العين ذي تدمع) كلمات عوض كريشة ولحن صلاح كرد.. تميّز بعزفه الجميل على العود، وبصوته الجهوري الأخّاذ. بعد وفاة أستاذه الموسيقار فضل محمد اللحجي، غطّت شهرة (أبو باسل) كل جزيرة العرب، وغدا مطرب الجزيرة الأول بلا منازع. غنى في القاهرة وبيروت ولندن، وطاف أصقاع المعمورة يحمل شعراً ونغماً صافياً ضافياً، ومحبة وسلاماً. لقد كان أحد أعمدة الأغنية اللحجية في دورها الثالث. كتبنا عنه كتاب:(المقامة اللحجية: نحن للطرب عنوان). توفي في عدن في 7 فبراير 2010م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غناء: فيصل علوي