هذان لحنان: الأول لحن القمندان والآخر طوره فضل اللحجي
كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان ، غناء ولحن: فضل محمد اللحجي
المقام: الحسيني مصوّر على درجة (النوى)، الإيقاع: شرح لحجي ثقيل (سلطاني)( 8/6)
دورٌ وقصور، وعزف وسرور، ورقص وبخور.. رياضٍ وبساتين، وبيذان وجنظال وتين، ومجالس للطرب والقصف، وما تأنق اللحجي في الملبس ولا المطعم بل ظلّ الكدر والخمير والفطير زاده المقدس الذي لا يحيد عنه ولا يستبدله، إنه سرّ العربي الأول الذي يفضل اللذات على الثروة، لا ينزل عن قيافته، فإن كان استغنى عن الجنبية، فقد أبقى على الكوفية والعمامة والأفود ..
حرَث هذا اللحجي النحيل أرض الشعر فحبلت بالدرّ والدرر.. وأسقط من شعار طَرَفَة الحرب وأبقى على "ذات الخباء المعمَّدِ"، لكنه لم يشترطها بهكنة (سمينة) فاللحجيات نحيلات رشيقات كغصون البان؛ وما البانُ إلاّ نبتةٌ من (تُبَن).
سلام اللحجي خير وفاكهة وخضرة : " من الحسيني الذي نتخيّره" .. وهديته للأحباب "مخاوي والهريس ألوان"، على حد تعبير كرامة. ماؤه مكبي، ومشجبه عامر، ومجامره لا تنطفي.
يا قلبي تسلّى
مني مسا الخير يا سـلطان حكمه نافذ لأهل الهوى قاهر
جايرعلى المَسلوب اللي ضاع لُبّهْ
وانا فؤادي يمسي لا متى ما يرقـد في حبكم ساهرْ
أسير يا سيـدي قـل لي أيـش ذنبه
قمري بكى فـوق غصن البان ذكرني بأحبابي غنا الطائر
تنـــوح يا قمـري من بُعـد الأحبّه
إلى متى ، قَلّ صبري يا حبيبي لا متى يا منيتي هاجر
وانت ضَنَى قلبي يا سيدي وطبِّه
يا فل نيساني ويا صبري وحَدْناني جنا البستان بالباكر
ما قد لقي خّلك من الهُجران حَسْبَهْ
يا رمح صعدي شذى مسكي وماوردي يا فتـان يا ساحر
يا جُـؤذري بل أنت بالغزلان أشبه
حِسّ الكبد تصطلي بالنار من بُعدك تكويني وانا صابر
وجنة الفـــردوس مقرونة بقربه
أحبتي في (الجَفَاريّة) سلامي للوُرِشْ ما رشرش الماطر
بالمسك ما بين (الرَّعارع) و(المَيَبّه)
أحب ساعة معاكم في رُبى الحوطةْ ما لي من ربي حاجرْ
بقربكـــم باتنطفي في القلب لَهْبَه
ـــــــــــــــــــــــ
المفردات: الجؤذري: ولد البقرة الوحشية . الرعارع: اسم قرية تقع بين قريتي القريشي وسفيان بلحج وكانت عاصمة لحج قديماً. المَيَبّة: إسم منطقة دارسة في قرية (عُبر الأسلوم) بلحج.
الشاعر: الأمير أحمد فضل بن علي محسن العبدلي الملقب بـ (القمندان) (1885 ــ 1943). ولد في مدينة الحوطة محافظة لحج ـ اليمن، هو أبو الغناء اليمني ورائده في كل جزيرة العرب بلا منازع. شاعر عامي فحل، وكاتب مجيد ومؤرخ ثقة. كتب الشعر العامي فتسلل إلى قلوب الناس إذ وجدوا في أغانيه تعبيراً عن مشاعرهم وما تلتهب به أفئدتهم من لواعج الغرام. غلبت على شعر الأمير بساطة المزارع وفرحة الفلاح ؛ فالأرض والزرع والخضرة والريحان هي غاية متعته، بل كانت المرأة وسيلته للتمتع بالفاكهة والرياحين أو مكملاً ضرورياً لذلك.
ترك الأمير القمندان ديوان شعر عنوانه: "الأغاني اللحجية" صدر عن مطبعة الهلال ـ عدن عام 1938م ، ثم وسّعه وأسماه:"المصدر المفيد في غناء لحج الجديد" وصدر عن مطبعة فتاة الجزيرة ـ عدن عام 1943، ثم عن دار الهمداني ـ عدن مرتين في 1983و1989م، وفي بيروت عام 2006 . وفي التاريخ ترك كتاب "هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن"(ثلاث طبعات)، وله أربع مقالات:"فصل الخطاب في تحريم العود والرباب" و"لمن النصر اليوم: لسبول الذرة أم لطبول المجاذيب؟"و"الخزائن المظلمة"و "وداع بيت على أكبار". زاره الأديب الكبير امين الريحاني في لحج وأسماه في كتابه (ملوك العرب):"شاعر لحج وفيلسوفها" ووصفه بـ"سلك الكهربا في لحج". نشرنا عنه عدة مقالات بالمجلات والصحف وألقينا محاضرات جمعناها في كتاب: (القمندان.. الحاضر بمجمرة رومانسية).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ