كلمات ولحن وغناء: محمد سعد صنعاني
إنّ الشعر موسيقى ، ولذلك قالت العرب: أنشد فلان قصيدة. وقد كان الصنعاني شاعراً مبدعاً استطاع إنشاد القصائد. ودلتنا حسن قراءته الموسيقية للشعر على مكانته المتميزة في صرح الغناء اللحجي. ليس قراءة النص موسيقياً بالأمر الهين بل هي تتطلب إدراكاً بعيداً لمعنى النص ، وبمقدار عمق فهم النص يكون جمال اللحن. والأصعب من ذلك وضع المقدمات الموسيقية للأغاني ، وهذه تعني قراءة معمقة ثانية للنص الملحن ، لا يقدر عليها سوى قلب موهوب متفرد ، وقد أبدع الصنعاني في هذا وفي ذاك وأجاد ، ويكاد لا يدانيه أو يقاربه في موضوع المقدمات في بلدنا أحد.
لقد نفخ الصنعاني من روحه فيما وضع من ألحان، فأرانا في كلّ لحنٍ إبداعاً وفرحاً ، وفي كلّ جملةٍ موسيقية حياة لحجية تمور بالدفء، وبالمحبة والسلام.
حبا الله الصنعاني صوتاً أسراً فيه شجىً وشجن حلوٌ نادر، وفيه صفاء ماء السماء ، وموسيقية ابن كلثوم، فجاءت ألحانه وأغانيه كأنها الشهد المصفى. وأنت لا تعدم مع الصنعاني تلك الروح اللحجية المرحة حيث يضفي على النص المبتسم مرحاً وحسناً عجيباً. استمع له وهو يلقن مستمعه تلقيناً:
والسماء بالسُّحْبْ دَلْهَمْ * والمطر هتّــان من قلب السَّحابة
ما سبب هجــر المُتيّم * بعــد أُنسهْ بـــــات مأسورْ الكـآبة
مدمعـهْ ممـزوج بالدم * والكبـد مقطـوب والمُهجة مُـذابة
إنْ هــَــــرَج عنّك تلعثم * يشتكي بك فين من جـايـر عـذابه
في المحبــة بخـتْ يسلم * كم سهـر ليله وكم ضيّـع حسـابه
باللقــــــاء كم بات يحلم * كم بكى من نــار وَجْـدهْ والتهابه
وانت داري بـه وتعلم * تاركـــه للبَيْن يحرقْ في عقــابه
عـــــاد با تعطف وترحم * اتّقِ الرحمان في هـذي الصَّبَابة
ذوقْ طعم الهَـرجْ وافهمْ * شوف طول البُعد قد أهرم شبابه
أنت فــي أمــره محـكَّــم * قد أتــاك اليوم يشكي لك مُصابَه
هلّكَـــــهْ حبّــــك وحطّـم * مرتجي منك على الدعوى إجابه
قــد نفـذ صبـره وحـكّــم * فوق خدّه الدمع أفصح من كتابه
ــــــــــــــــــــــــــــ
المفردات: دلا به: ترفّق به. دَلْهَم: ادلهَمّ ؛ سوّد. الكبد مقطوب: مقطوع. هَرَج: تكلّم. بخت يسلَم: لا حظ له في النجاة. وَجده: الوجد شدّة الشوق. عاد با تعطف: هل هناك أمل أن تعطف. الصّبابة: الصَّب؛ العاشق المغرم. هلّكهُ: صيغة مبالغة من أهْلكَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
