كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل العبدلي (القمندان) ، غناء: مهدي درويش وفيصل علوي وعبود زين
المقام: حجاز اليمن (على النوى) ، الإيقاع: شرح بدوي
الغزل في لحج محبوب وهو من طبيعة أهلها؛ وإياهم عنى المؤرخون بالقول: الغزل يمان. والغناء صناعة لحجية، وهي تدل على عظيم ما عاش (بنو تُبني) من الترف والسُعد، وعلى مبلغ ما وصلوا إليه من الرّقي، فصناعة الغناء، كما يقول ابن خلدون في المقدمة: " آخر ما يحصل من العمران من الصنائع لأنها كمالية في غير وظيفة من الوظائف إلا وظيفة الفراغ والفرح. وهو أول ما ينقطع من العمران عند اختلاله وتراجعه".
أما عود فيصل علوي فمن المثمرات، يسود بنفسه، وما بلغ المجد اتكالاً. لقد أسعدنا مرات، وأبكانا مرات، وكنا سعداء حتى في البكاء، بل وبعضنا نَشَج أو"تشنهج"؛ فما علينا لو سمّيناه: "عود التشنهاج". يذكرني عود فيصل بقول شوقي في أبيه:
وتمشّيتُ يدي في يده * مَن رآنا قال عنا أخوين
غنى (أبو باسل) في الكويت وصاحب (شاديها) و(دوخيّيها)، وسامر في الإمارات زايدها وواليها… طرب في المخادر والمهاجر، وفي الدور والقصور، في العشاوي والبيوت، وفي القاهرة وسوريا وبيروت، وفي لندن وفرنسا وأمريكا. عزف (إبن الحسيني) على (الحسيني) و(عشيران العجم) وانطرب لغنائه عرب وعجم.
صار فيصل علوي بعضاً من حالة الفرح الجماعي، ومتمماً للوازم العرس اليماني، فليس لمخدرة بعد فضل اللحجي من معنى بدونه. إن له اليد الطولى في تنامي عشق المستمعين للطرب اللحجي. ولقد بلغ ببعضهم غرامه حدّ الجذب، فعند الخواجه ، مثلاً، مثّل غناء فيصل إكسيراً ، كعود اليسر الذي يرجّع الشيخ صبياً فقال: "طربك يا فيصل طلّع لي سنون" ـــــــ
يرهبوك القبائل ذي في ردفان الأعلى / حالميهم ومحلأ
أنت مهراج كلكتا ودلهي وشملا / أنت كالمسك واغلى/ طبت فرعاً وأصلا:
ربّ أصلح لنا الشان
**************** ربّ أصلح لنا الشان ****************
تُبت لا (الشيخ) با اسكنها ولا شا (المعـلا)
بس توبة وبا احـلا
ما اسكن إلا الحسيني قط ما اطلع (مِشَلّا)
ما نبأ الدار تخــلا
حيثمــا الظبي يشحــرنـي بعينيين كحــــلا
والقمر قـــد تجلّى
حيثما جاليـــــات الهــــمّ بالكــأس تجلى
ثمّ أولى فــــــأولى
قمري الروض في البستان رفرف وعلّا
ياعجيبي على غصـن الرُّطــب فين ولى
بالخريف المـــدلّى
غصن في الروض والرُّمان به عَرّ تدلى
طعنة الطرف نجلا
عاد با اشرب من الثغر اللما عذب أو لا
مثلما الشهد واحلى
كنت لا جيت حيّــا بي واهــلا وسهـــلا
يفتهن بي ويســـلى
أنت روحي فـــــداك الجسم ذا يا مهلا
عــادة الجسم يبلى
يرهبوك القبائل ذي في ردفــان الأعلى
حالميهم ومحــلا
أنت مهــراج كلكتــا ودلهي وسمـــلا
أنت كالمسك واغلى
أنت سلطــــان في بندر عدن والمكلا
أنت جيــدك عليه التبر واللــول لألأ
بس رفقاً ومهلا
أنت أملأت أرض الله جـــوراً وعـدلا
طبت فرعاً وأصلا
كل شي غير هجرانك سلامات واشلا
ليه تهجر وتقلى
ـــــــــــــــــــ
* نظمت في جمادى الأولى 1349 هـ/ أكتوبر 1930م
المفردات: تُبت: توبة لن أكرر فعلتي شا: بلهجة الصبيحة أشاء، أريد. الشيخ والمعلا: بلدتان في محافظة عدن. با احلا: سأتوب ولن اكرر فعلتي ثانية. الحسيني: بستان لحج الشهير. مشلّا: بلدة تقع أعلى منطقة الحسيني قرب (دار العرائس). يشحرني: ينظرني شزراً. عَر تِدْلى: عر كلمة تقال للتحذير وترافقها حركة عصر القائل لإحدى أذنيه؛ وتدلى: تلمس؛ أي أتحداك تقترب وتلمس. يِفتَهِنْ بي: ينشرح وينبسط بوجودي. سَيَّبْ: ترك. ردفان الأعلى: من بلدات لحج وتقطنها قبيلتي: الحالمي والمحلأي. أشلى: أخف وطأة.
الشاعر: الأمير أحمد فضل بن علي محسن العبدلي الملقب بـ(القمندان) (1885 ــ 1943). ولد في مدينة الحوطة محافظة لحج ـ اليمن، هو أبو الغناء اليمني ورائده في كل جزيرة العرب بلا منازع. شاعر عامي فحل، وكاتب مجيد، ومؤرخ ثقة. كتب الشعر العامي فتسلل إلى قلوب الناس إذ وجدوا في أغانيه تعبيراً عن مشاعرهم وما تلتهب به أفئدتهم من لواعج الغرام. غلبت على شعر الأمير بساطة المزارع وفرحة الفلاح ؛ فالأرض والزرع والخضرة والريحان هي غاية متعته، بل كانت المرأة وسيلته للتمتع بالفاكهة والرياحين أو مكملاً ضرورياً لذلك.
ترك القمندان ديوان شعر عنوانه: "الأغاني اللحجية" صدر عن مطبعة الهلال ـ عدن عام 1938م ، ثم وسّعه وأسماه:"المصدر المفيد في غناء لحج الجديد" وصدرـ منه خمس طبعات في 1943و1983و1989و 2006 . وفي التاريخ ترك كتاب "هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن"(ثلاث طبعات)، وله أربع مقالات:"فصل الخطاب في تحريم العود والرباب" و"لمن النصر اليوم: لسبول الذرة أم لطبول المجاذيب؟"و"الخزائن المظلمة"و "وداع بيت أكبار"، يجادل في الأولى السيد الحضرمي صاحب كتاب "رقية المصاب بالعود والرباب" ، ويدعو في الثانية والثالثة إلى التخلي عن الشعوذة وخرافات القرون الوسطى والسير نحو العلم والعمل والتحرر. زاره الأديب الكبير امين الريحاني في لحج وأسماه في كتابه (ملوك العرب):"شاعر لحج وفيلسوفها" ووصفه بـ"سلك الكهربا في لحج". نشرنا عنه عدة مقالات بالمجلات والصحف ومحاضرات جمعناها في كتاب: (القمندان.. الحاضر بمجمرة رومانسية).
المطرب: فيصل علوي سعد ( 1949 ــ 2010 ). ولد بقرية (الشقعة) مديرية تُبَن محافظة لحج. احترف الغناء صغيراً بالتحاقه بالندوة الموسيقية اللحجية في العام 1959م بمعية كبار شعراء لحج ومطربيها. ومنها صدح بأولى أغانيه (أسألك بالحب يا فاتن جميل) من شعر أحمد عباد الحسيني ولحن صلاح ناصر كرد و (ورا ذي العين ذي تدمع) كلمات عوض كريشة ولحن صلاح كرد.. تميّز بعزفه الجميل على العود، وبصوته الجهوري الأخّاذ. صوته كثير الأفانين ، فيه شجىً وشجنٌ يبيد ، لذيذ في جوابه والقرار. فيه نَفَس رجولي، وفيه نغمٌ أخّاذ تميحُ فيه المعاني وتتركّح. بعد وفاة أستاذه الموسيقار فضل محمد اللحجي، غطّت شهرة (أبو باسل) كل جزيرة العرب، وغدا مطرب الجزيرة الأول بلا منازع. غنى في القاهرة وبيروت ولندن، وطاف أصقاع المعمورة يحمل شعراً ونغماً صافياً ضافياً، ومحبة وسلاماً. لقد كان أحد أعمدة الأغنية اللحجية في دورها الثالث. كتبنا عنه كتاب:(المقامة اللحجية: نحن للطرب عنوان). توفي في عدن في 7 فبراير 2010م.
المغني: مهدي درويش فرْدين العزيبي ( 1944 ــ 2008 ). ولد بحوطة لحج حارة مساوى. درس في المدرسة المحسنية، ثم اشتغل ممرضاً بمستشفى الحوطة. هو مطرب مقل مجيد ، وله صوت مُطرِب ومُفرح، إعتمد عليه الأستاذ عبدالله هادي سبيت عند توثيقه لألحان لحج وإيقاعاتها المتعددة. بدأ الغناء صغيراً عام 1956م؛ وكانت أولى أغنيه (يا للي تركت الدمع) وغناها على مسرح (البادري) بعدن ونال بها شهرة واسعة.. ثم انقطع عن الغناء لظروف اجتماعية لفترة. وبعدها عاد ليضيف إلى ديوان الغناء اللحجي روائع أخرى منها: (حالي يا عنب رازقي) و( يقولوا لي الهوى قسمة). .مات عام 2008 بالحوطة.
المطرب: عبود زين محمد السقاف ويعرف بـ(عبود خواجة) وخواجة لقب لأبيه. أما هو فالجماهير تلقبه (ربان الطرب) ولد في 29 نوفمبر 1972م بقرية الوهط بلحج. والوهط بلدة علم وأدب وطرب منها نبغ شعراء غنائيون مميزون مثال سالم زين عدس ومهدي علي حمدون ومنها بزغ المطرب الشهير محمد صالح حمدون رحمهم الله جميعاً. بدأ الغناء صغيراً في العام 1984م وقد تعهده المطرب الشيخ يحيى محمد فضل العقربي وذاعت شهرته إلى كل اليمن وخارجها. عبود هو خلاصة رؤوس الطرب الكبار في لحج، يؤدي ألوان الغناء اليمني على تنوعها واختلافها, بإتقان وبإطراب لا تجده عند سواه. لذلك وجدت اللحجيين والصناعنة واليوافع والحضارمة وأهل الحديدة وأهل الجزيرة يفسحون له في صدور مخادرهم ومحافلهم ومجالسهم. وإلى جودة غنائه وإطرابه، يتفرّد عبود في عزفه على آلة العود فيأتي بما يبهر الحس ويسعد الوجدان. نشرنا فيه بمجلة الثقافية وصحيفة الأيام مقالات: " الوهط دار المسرة"، " الصاعد من مقام الروَاد" و "فرحة العود في طرب عبود".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية (رب أصلح لنا الشان) كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان، غناء: مهدي درويش 83
المقام: حجاز اليمن (على النوى) ، الإيقاع: شرح بدوي
أغنية (رب أصلح لنا الشان) كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان، غناء: عبود زين 228