كلمات: أحمد علي النصري والأميرين محسن صالح ومحسن بن أحمد ، لحن وغناء: فضل اللحجي والبصلي
المقام: العراق (مصور على درجة السيكاه) ، الإيقاع: شرح لحجي ثقيل (سلطاني)
هذه ليلة عبدلية لحجية على السيكاه .. أمست فيها "الحليلة" حليلة حالية. ليلة غرام شكا فيها العبادلة لبعضهم عما يفعله المحبوب. أرسلوا معاناتهم على قافية العين الدامعة، نغماً طالعاً من نياط الفؤاد، فجاوبتهم أفئدة المعمودين من كل سهل وواد وجبل .. باح الهاجس العبدلي ولم يخف شيئاً ، ومن باح استراح. وشاعت الشكية في أرض القمندان يشيّعها صوت فضل محمد اللحجي وعوده المرنان.
كحيل الطرف ما بلقى مثيله
هذه الأغنية من مساجلة شعرية شهيرة جرت في عام 1956 بالحوطة بين خمسة من شعراء لحج هم: أحمد علي النصري والأمراء: محسن صالح مهدي والملحن الأمير محسن بن أحمد مهدي العبدلي، والأمير صالح مهدي بن علي وعبدالله هادي سبيت . وقد بنيت على دان لحجي على وزن: (يهناك طيب المحبة يا ورش يهناك).
استهلها الشاعر احمد علي النصري:
مَسَكْ لي سيف في قلبي وقطّع * وانا صابر واقول أيوَه وِهِيْه له
قطَـعْ قلبي علـى سته وسبّـع * وقلبي لم يــزلْ عـاده حِلِـيْ له
هجـــرني بــاعني والعين تـدمع * وأيـــش ســوّيْ ولا باليـــد حيله
* * *
مسيت أعمى وذكره جاء ونـوّر * مسح لي هَــمْ قــدَهْ من ألف ليله
خيــاله مـرّ فـي قلبــي ودوّرْ * جَــزَع شـــاخِطْ ولا كـأني عميله
حبيب القلـب قلبه ليه تحجّـر * مــع أنــي مــن أبـجـــد زميله
* * *
فقال الأمير محسن صالح مهدي:
جفــاني النوم وانا والليل مَقْلَب * مسى الهاجس معي ساهن حليله
صحا قلبي مـع النجمة وطــرّب * يُبَـأ يشـرب ولا واحــــد رثـي له
كفـــاني الهجــر كـم قلبي تعذب * وانا صـابر واقـول يمكن يجي له
* * *
ثم ختم الأمير الملحن محسن بن أحمد مهدي:
نهبنــي هـــاشني روحــي وقفّـى * أخـذ قلبي لَعَـــبْ به (دِيْـل دِيْـلَهْ)
عـذولي اليــوم فيني قـــد تشفّى * لعـب بي لعب قـــط ماشي مثيله
طــَـرَح شـارح وعـاده زاد عفّى * ومَن أقــدَم على ذا الغصن ويله
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المفردات: أيوه: نعم. وِهِيه له: دوماً أقول له نعم وأوافقه. حِلِي له: طاب له الأمر فاستمر في التقطيع. أيش سوّي: ماذا أفعل. شاخط: مسرعاً حدّ أن يترك خلفه ضجيجاً. من الأبجد: من البداية. الهاجس: ما وقع في خَلَدك وخطر ببالك. ساهِنْ: مُرتجي، مؤمِّل. الحَليْلَة: قرينة الشاعر التي تعينه على النظم. طرَّب: نادى بأعلى الصوت. يُبَأ: يبغي. رِثي له: أشفق عليه. أقول يمكن يجي له: أحدّث نفسي بأنه ربما يرجع لي. ديل ديله: لعبة للصبيان،؛ وهي أن يمسك أحدهم بزميله بيديه ويدور به فيتدلّى ويتعلّق في الهواء حتى يدوخ. تشفّى: نال العذول مرامه برؤيتي أتعذّب على يد مَن أحب. طرح شارح: أقام حوله حارساً. عفّى: أزال الأثر السابق في الطريق المؤدية إليه ليتمكّن من معرفة أثر القادم الجديد، وهذه الصورة مستمدّة من فعل المزارعين. والتعفية لغة: إزالت الأثر، قال عمر: "وقامت تعفّي بالتراب مكانها / وتطلبُ شذراً من جُمانٍ مُبَدّدِ".
الشاعر: أحمد علي النصري. ( 1933 ــ 1997) من مواليد قرية (عُبر بدر) بمديرية تُبَن محافظة لحج. شاعر غنائي رقيق، في شعره موسيقى متدفقة كالوادي الصغير. من أشهر اغانية: (يا سما صُبّي) التي كنا نرددها في عموم لحج ومطلعها: (جينا من الروضة/ روضة الجنة/ والساقية تجري/ يا سما صُبّي)، ومثلها أغانيه: (يا دموعي سيلي) و(الله ما تحلحل حتى يلتفت)، (عاده صُغيّر يربونه)، (عِشْرة عمر ما تنتسي) التي كانت على كل لسان، ومساجلته الشعرية ( كحيل الطرف ما بالقى مثيله) مع الأميرين محسن صالح مهدي ومحسن بن أحمد مهدي العبدلي وآعبدالله هادي سبيت، وأغنية (دق القاع دقّه) التي صارت عنواناً لديوانه الذي صدر عام 1989.
الشاعر: الأمير محسن صالح مهدي العبدلي (1933 ــ 1975). ولد بالحوطة لحج. تلقى تعليمه بمدرستها المحسنية. شاعر غنائي رقيق مقل، وهو إبن الشاعر الغنائي الأمير صالح مهدي العبدلي صاحب ديوان (على الحسيني سلام). من أغاني الأمير محسن: (بنار الشوق مسيت محروق) لحنها الأمير محسن بن أحمد مهدي وغناها عبدالكريم توفيق،(بنار الشوق قلبي تجلع) من لحن صلاح كرد وغناء فيصل علوي.(سألت العين) ووضع لحنها عبدالله هادي سبيت وغناها ابن حمدون وسجلها بإذاعة عدن عام 1957م، و( أنت وحدك بسذي قلبي يباك) لحنها وغناها أحمد يوسف الزبيدي.
الشاعر والملحن: الأمير محسن بن أحمد مهدي العبدلي (1935 ــ 2003). هذا حفيد القمندان، وهو شاعر رقيق، وملحن أنيق، وعازف على عدة آلات موسيقية: العود والكمان والبيانو والدف والهاجر والمراويس والناي. وتفرّد الرجل حتى في غناء (الهداني) في أعراس أقاربه. من ألحانه: (أخي في الجزاير) لنصيب، (ياربيب الحب) و (وليه ياهذا الجميل) غناهما حمدون؛ و غنى له الزبيدي:(يقولوا لي نسي حبك)، (ليتني نسمه) و (زمان والله زمان) و (ناجت عيوني عيونه)؛ وغنى عبد الكريم توفيق: (رخصه شل حبه) ، (غيب والا احضر)؛ وله لحن: (دق القاع) للنصري غناها احمد بن احمد قاسم و رجاء باسودان. إشتغل في إذاعة عدن وكان يقدم برنامج (جنة الألحان). إلى إسهامات الأستاذين فضل محمد اللحجي ومحمد سعد صنعاني في تطوير اللحن في الأغنية اللحجية كإدخال المقدمات الموسيقية للأغاني وحذف (ربع التون) ليتواءم اللحن مع الآلات الغربية والخروج بالأغنية من إطارها المحلي، وضع الأمير أكثر من ثلاثين قطعة موسيقية هي مقدمات موسيقية لأغاني فلكلورية تراثية ومنها (حيا ليالي جميلة) و (ليتني نسمة) و(حالي يا عنب رازقي).. كما شكل الأمير مع الفنان أحمد قاسم فرقة موسيقية خاصة بإذاعة وتلفزيون عدن عام 1966م قامت بتسجيل وتوثيق أعمال العديد من الفنانين من مختلف مناطق الوطن. ولقد واصل الفنان سعودي أحمد صالح طريق الأمير فوضع المقدمات الموسيقية للأغنيات: (غزلان في الوادي) و (ذنوب سيدي ذنوب يا ورد نيسان) و (يا ذي تبوا للحسيني). توفي الأمير في 26 مارس 2003م ودُفن في لندن.
المطرب: الموسيقار فضل محمد اللحجي ( 1922 ــ 1967 ). ولد بمدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج. تلقى مبادئ القراءة والكتابة والعزف على آلة العود على يد أبيه. ثم تعهد الأمير القمندان به وبزميله مسعد بن احمد حسين، وجعل منهما مطربين مشهورين في اليمن وخارجها. وقد تفرّد فضل محمد في تطوير بعض ألحان القمندان وبعض ألحان التراث بالإضافة إلى ابتداعه لألحان جديدة محافظاً على مدرسة القمندان ومضيفاً إليها. ويُعد فضل اللحجي أفضل عازف على آلة العود في جزيرة العرب، وأكبر مطربي اليمن. وبتعبير فيصل علوي :"لما يعزف فضل محمد يجيك كما السيل.. سيل سيل". إن لفظة "موسيقار" تصحّ لقباً لهذا المطرب الذي أرسى مع أستاذه القمندان بنيان اللون اللحجي؛ واستحقّ أن يذكر القمندان إسمه في قصيدتين. عُرف فضل محمد بفضله وبساطته وتعاونه ومحبته للناس وبعزّة نفسه. من ألحانه: (طاب السمر يا زين)،(البدرية) و(سال لِحْسان) للقمندان؛ و(سرى الليل يا خلان) و(يا عيدوه) لسبيت؛ و(سقى الله روضة الخلان) لصالح فقيه، و(أخاف) و(قضيت العمر) لصالح نصيب .. وغير ذلك كثير. جمع الشاعران عيسى ونصيب سيرة حياته في كتاب: (فضل محمد اللحجي: حياته وفنه) ، صدر عن دار الهمداني ـ عدن عام 1984م. توفي في 3 فبراير 1967م ودُفن بالحوطة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غناء: فضل محمد اللحجي