في "هاشلة بربارة" (المدونة: مشاهِد اجتماعيّة, نصوص وجدانيّة ــ 3 ديسمبر 2010م ) تصرخ مريم:
الليلة ليلة البربارة، وبربارة هاشلة هاربة من مضطّهديها،
تختبئ لتنجو، ونخبّئ وجوهنا خجلاً،
تختبئ لأنّها وحيدة، ونختبئ لأنّنا جبناء،
تختبئ لأنّها صغيرة، ونختبئ لأنّنا ممتلئون صغائر.
الليلة، بربارة هاشلة فعلاً
هاربة منّا نحن الذين ندّعي أنّنا نحميها ونحافظ عليها
هاربة من أولئك الذين تذرّعوا بقناعها اليتيم ليضعوا كلّ يوم قناعًا،
هاربة من مضطهديها ومدّعي حمايتها في الوقت نفسه.
موجع قولها: "بربارة هاربة من مضطهديها ومدّعي حمايتها في الوقت نفسه." وهي تذكرني بكتابات مارون عبود عن "المعضلة المارونية الرومانية" في كتابه "مناوشات"..
هوشعنا لبنت الريحاني حفيدة صاحب فكرة الوحدة العربية، مباركة الشاعرة (ماري ـ م).. إليها سينهض ملك التيمن ليسمع حكمتها.
* * *
بين الملاعق والصحون
في (منزل من نساء ، من كتاب رسائل العبور – 2005 ،المدونة: رسائل العبور ، 21 يناير 2011م) يترك الذكر لهن ثلاثاً من حواسه الخمس: رائحته وصورته وطعمه. وهنّ يتلمسن الرائحة - واللمس حاسة العميان والرائحة للحيوان ؛ في بوهيمية يتألق فيها الجميع. وغاب "هو" بين الملاعق والصحون. وفي عزّ الضيق والقهر لا نعدم مع مي مُلحة الصورة الساخرة:"يعبثن بالنقاط فوق الحروف" "وعند لقاء الورقة بالقلم" يخرجن من "خدورهنّ" كبهائم دليلها الحواس. أما هي - تسلم لنا - فمقيمة لا قابعة في فناءات النور والزهر والتاريخ:
تأتي النساء الغريبات إلى بيته
يسكنّ في الخزائن والأدراج
يقبعن بين الفراش وغطائه
وعند لقاء الورقة بالقلم
وفي التحام الزجاج بالنبيذ
يخرجن كلّ ليلة من مخابئهنّ
ويتجولّن في صمت
***
أمّا هي المقيمة
في انطفاء الشموع
وفي فراغ الزهريّات
وجمود التماثيل الصغيرة
فتراقبهنّ في عجز.
والكتابة "بألم" ماري القصيفي أعذب وأشفى:
أراقب المشاهد التي تنقلها وسائل الإعلام من تونس ومصر ولبنان والجزائر وفلسطين والأردن واليمن وأحاول أن أرى الرابط المتين الذي يجمع ما بين هؤلاء الناس الغاضبين فلا أجد سوى خيط واه يشدّهم إلى حلم التغيير من دون أن يمتلكوا وسائل تمتين الخيط أو تحقيق الحلم. قد يقول قائل: أن تأتي الثورة متأخّرة خير من ألاّ تأتي أبداً، وأن تتفجّر المياه ويذهب أكثرها هدراً أفضل من الموت عطشاً. لكنّ الخوف، كلّ الخوف، هو أن نكتشف لحظة بعد لحظة أنّنا نلهث خلف وهْم ثورة وسراب ماء، وعند ذلك لن يكون أمامنا إلاّ الاختباء خجلاً في قمقم مختوم بختم اللعنة التي أنزلتها بنا السماء التي كفرنا بنعمها والتمنّي ألاّ يجدنا أحد... هذا إن بقي بيننا من يشعر ويخجل. (المدونة: 3 فبراير 2011م)
تذكّرت بمرار قول المتنبي أن دم ممدوحه كافور يشفي من الكلَب. قال أستاذي سالم عزيز ـ رحمه الله:
Their eyes show them at a loss
Both waiting for the middle cross
* * *
تلمس درّة الأرز الألم فيبتسم ـ كما قال بشارة في شوقي؛ وحيثما تمرّ تترك وراءها طيباً .. ما أحلى غناؤها المتلفع بحزن العارف.. والنيل لا يفيض بغير أرمانوساه ــ رحم الله جرجي زيدان أديب لبنان:
معرض الكتاب الذي كان من المقرّر افتتاحه اليوم لن يتعرّض للسرقة. للحرق ربّما. لكن لا للسرقة. فالذين يسرقون لا يعنيهم أمر الثقافة والكتب والمعرفة والفكر، والذين يحرقون من سلالة هولاكو وجنكيزخان ونيرون. الكتب تئنّ من الوحدة في المعرض المغلق، يتّكئ الكتاب على الآخر، يسند أحدهما الثاني وتتبادل كلّها الآراء حول ما يجري في الشارع، تقفز أسماء المؤلّفين والشخصيّات من على الأسطر، تخرج من الصفحات، تغادر الكتب، تنزل عن الرفوف، تجتمع في الممرّات، وتؤدّي الصلاة كي ينتهي هذا الجنون.
***
2- تقف الفتاة المصريّة الجميلة على حافة نهر النيل وتسأل المياه الباكية: إن رميت نفسي في النهر ضحيّة لك يا نيلنا العظيم كما كان يفعل أجدادي حين كانوا يقدّمون إليك الذبائح كي تفيض عليهم بالخير، هل تقبل تضحيتي وتغمر أرض مصر بالمياه قبل أن تسيل دماء أبنائها في الشوارع؟ (29 يناير 2011م)
* * *
إستمطار غضب السماء هي فلسفة ماري لـ" وضع اللوم على الطبيعة" إبقاء على دم الإخوة اللبناني(المدونة: تغيرات عربية: فلتمطر السماء ولتهتز الأرض، 25 يناير 2011م):
أؤمن بأنّنا صرنا نستحقّ عقاباً من هذا النوع بعدما أُعطينا الفرصة تلو الفرصة لكي لا نخسر الفردوس مرّة جديدة. إنّنا اليوم مشاريع شؤم وفساد ونتن. الأب المتحمّس لزعيمه مشروع فجيعة يتحقّق لحظة يروح ابنه ضحيّة هذه الحماسة، والأمّ المتعصّبة لمذهبها مشروع ثُكل يبدأ العمل به متى اصطاد التعصّبُ المواجه وحيدتها على قارعة الطريق، وطلاّب الجامعات مشاريع قيد التنفيذ تحويلهم قنّاصين وسفّاحين ومجرمي حرب أو مخطوفين ومعوّقين ومدمنين. وحين يتحكّم الغباء بالأبوّة، وتتغلّب القسوة على الأمومة، وتغرق صروح العلم في الجهل والتطرّف، يزول كلّ أمل وينطفئ كلّ رجاء ويحيق الموت البطيء المرعب الموجع بكلّ حيّ. عند ذلك، لا بدّ للسماء من أن تُشهر علينا بروقها، وتصرخ بنا مرعدة، وتمطرنا بمياه معموديّة تخلّصنا من شرورنا أو بنار وكبريت يأكلان آثامنا، ولا بدّ للأرض من أن تهتزّ تحت أقدامنا وتقذفنا بلهب باطنها، ثمّ تبتلعنا لتطهّر وجهها من دنس وجودنا.
Farewell, happy fields
Where joy forever dwells! hail, horrors! hail
كان لوسيفر كبير الملائكة وملاكاً مستنيراً قبل طرده من الفردوس يا مريم.. إن كل فونيم (phoneme) في صرختك ينمُّ عن عقل سليم وينبض بوطنية صادقة.
حبك الفجر الأول
أكملت قراءة النص ففاض قلبي بالبهجة ، وعلى قمة الابتهاج "كمشة" حزن(المدونة، باب: رسائل حبّ ــ 18 يناير 2011م):
من يستطيع أن يصف الفجر الأوّل في تاريخ البشريّة؟
من يملك القدرة على تخيّل ذلك الفجر البهيّ الهادئ حين انفجر للمرّة الأولى ألوانًا ومشاعر ورغبات؟
من يمكنه أن يجد الكلمات التي تحكي ولو بالرمز عن لحظة انبثق فيها الضوء من رحم عتمة السماء
ليعلن ولادة ما سيصير اسمه الفجر؟
ذلك الفجر الذي حاول الكون التمسّك به لأطول فترة ممكنة خشية ألاّ يعود مجدداً
أو أن يكون مجرّد مشهد عابر في مسلسل التكوين
أو أن يمضي إلى حيث ينطفئ ويزول جماله الطفل النعس
ذلك الفجر الأجمل
حامل الدهشة البكر
المزيّن بالنور الفضوليّ
المغتسل بأولى حبيبات الندى
المتهادي على إيقاع تنفّس الحياة في صدر الأرض،
ذلك الفجر أليس هو حبّك؟
سبع مرات كان ليل ونهار .. وما استراح ربك يا آخر الملكات في فينيقيا.. في هذا النص تكثرين من ذكر (الضوء) ، أهو رَجْع لاواعي لمحبتك (لآل ضو)؟
* * *
في "ثمار بطنها وثمار فكري" أبوه معلقة وذرية صالحة من الأطفالِ والكتبِ .. لن أقول مقولة الأعراب حين يمتدحون:"قاتله الله ما أشرد قافيته.." بل أقول: حمى الله هاجسها وبارك فيه ما أروعه وأنفعه (المدونة ، رسائل حبّ : 15 يناير 2011):
ثمار بطنها أولاد يؤرجحون عمرك بين الأمل والملل
تعطيك إيّاهم الحياة
وهي تذكّرك في كلّ لحظة بأنّهم ليسوا منك ولك،
بل ودائع عندك يؤخذون منك
مهما اعترضت ورفضت
وثمار فكري كتب تحكي للأطفال حكايات
وتروي سير الرجال ليتعلّم منها الأولاد
أوزّعها للناس ولا أترك منها ولو نسخة واحدة عندي.
قلتي:"وحين تعرض (أنت) وجهها للناس أختبئ أنا فيك"
نسيت بيت الشاعر الذي يقول فيه أنه يختبيء من زمانه تحت جناح زمانه فيرى زمانه ولا يراه.. نسيت، ياليت لي عقل مارون.
* * *
1) الأجراس فوق الكنائس
والمآذن فوق المساجد
يجب أن تدعو الناس إلى الصلاة
لا إلى قطع الصِلات. ،،،
2) لا بأس إن كان في عالم الصحافة والأدب
فورة تشبه "البوشار"
المسلّي واللذيذ
شرط أن نعرف
أنّه ليس الوجبة الأساسيّة المغذّية
عطاياك كثيرة يا مي يصح فيك قول أبي تمام في ممدوحه أبي دلف:
تكاد عطاياه يجنُّ جنونها * إذا لم يعوّذها بنغمة طالبِ
حماك الله من عيون الرجال والنسوان معاً فما رأيت الجمال اجتمع بالوقار إلا فيك.
* * *
في (الدويلات الخمس الجديدة للبنان) علم ماري عملها كمدرسة المحبة والأمومة والصبر، وجعلها حادة في الحق، ومثابرة على الجد والصدق لبلوغ "المثال".. وهي في كتاباتها لبنانية من الطراز الأول، بقية من القوم الأُوَل فكراً ومحبة ووطنية (المدونة: شؤون لبنانيّة, يناير 11, 2011م):
صار لابد من تقسيم لبنان فهناك مجال لتقسيم إنسانيّ عادل وغير طائفيّ أو مذهبيّ، يؤمّن ديمومة هذه الدويلات ويضمن حركتها الاقتصاديّة في شكل غير مسبوق.
دويلة مرضى السرطان كيان قائم في حدّ ذاته وعدد سكّانه إلى تزايد واضح .. هي دويلة هادئة، مواطنوها معلّقون بأنبوب مصل وأمل حياة، لا يعنيهم أمر رئاسة دويلتهم أو حكومتها أو وزرائها أو جيشها، فحديثهم يدور حول الصحّة والألم والخوف والرجاء، ولا يحلمون إلاّ بعلاج طال انتظاره.
ودويلة المدمنين كيان آخر هادئ، فيه مواطنون من مختلف الطوائف والمذاهب والأعمار، وتدور حركته الاقتصاديّة حول الكحول والمخدّرات، ويتعايش فيه التاجر مع المدمن. وستنضمّ إلى هذا الكيان بطبيعة الحال مجموعات المرضى النفسيّين والمحبطين وذوي النزعات الانتحاريّة.
أمّا دويلة ذوي المخطوفين فكيان حزين صامت في غالب الوقت، تنطلق منه في مناسبات معيّنة أصوات تطالب بجلاء الأمور في هذا الملّف. فوق منازل مواطنيها أعلام تحمل صور الغائبين المعلّقين بين الحياة والموت، المنتظرين الحياة أو الموت..
الدويلة الرابعة للمعوّقين، وأبناؤها خليط من ضحايا الحرب والأمراض والخلل التكوينيّ، وتجارتها أدوية ومهدّئات وأطراف اصطناعيّة ومقاعد متنقّلة ومؤسّسات تحاول أن تجعل الحياة سهلة لمواطنين لا تلحظ دولة لبنان العظيم الموحّد وجودهم في سياستها أو برامجها.
الدويلة الخامسة دويلة الأراكيل وهي ملجأ المعنيّين والمغنيّات (لا صلة قرابة مع الأمير المعنيّ فخر الدين) بالغناء الخفيف والرقص الهستيريّ والفيديو كليب التجاريّ والسهر الذي لا علاقة له بالعُلى أو بتأنيب الضمير. هي دويلة تحتاج إلى مختلف العاملين في مجال تأمين الأطعمة والأراكيل إلى البيوت ولا تستغني عن نُدُل المطاعم والمقاهي والعاملين في مواقف السيّارات، ولا عن رجال المواكبة والحراسة وعاملات التجميل ومزيّني الشعر. هي دويلة الخدمات السريعة والربح الصافي و"البخشيش" الأكيد نظراً الى الكرم اللبنانيّ المشهود له.
والجميل في موضوع هذه الدويلات غير الطائفيّة أنّ رجال الدين سيجدون مجالات أرحب لنشر دور عبادتـ(هم)، ففي الدويلات الأربع الأولى صلوات مدفوعة للشفاء والصبر والرجاء، وفي الدويلة الخامسة انتشار كثيف يهدف إلى محاربة الخطيئة وإنقاذ النفوس التي أعماها دخان الأراكيل وأفقدها السكر الاتجاه الصحيح.
ويبقى موضوع الرئاسة في كلّ دويلة: ففي الأولى للحالة السرطانيّة المستعصية كي تخلو الكرسي سريعًا، وفي الثانية لأكثر المواطنين إدمانًا واستعداداً للجرعة الزائدة كي لا يبقى طويلاً في مركزه، وفي الثالثة للأمّ التي يميتها الهمّ والانتظار، وفي دويلة المعوّقين توزيع للصلاحيّات: فكرسي رئاسيّ لكلّ مُقعد، وعصا قياديّ لكلّ أعمى. أمّا دولة الأراكيل السعيدة فيرأسها صاحب أقصر نفَس لكي يكون حتماً صاحب أقصر ولاية.
Well darling do it for England
حمى الله لبنان مجد الشرق ونوره. .
* * *
في مقالة (الديانات بالألوان) كتبت الريحانية (المدونة: شؤون لبنانيّة ، 5 يناير 2011):
حائط المبكى، الجمعة الحزينة، ذكرى عاشوراء:
ألا تغسل هذه الديانات إثم البشريّة إلاّ بالدمع؟
التهديد والوعيد، النار والجحيم، القتل والمجازر:
ألا تكتب هذه الديانات تاريخها إلاّ بالدم؟
العنف، الحرمان، التعذيب:
ألاّ تشبع هذه الديانات من اللون الأسود؟
لماذا يكون الأسود لون القبر الذي تنتهي إليه الحياة كما نعرفها
ولا يكون لون الرحم الذي تنمو فيه هذه الحياة؟
إذا كان المؤمنون أبناء النور فلماذا يرتدون اللون الأسود؟
يقول أستاذي سالم عبدالعزيز في ديوانه (200 Close Couplets):
God said when they forgot St Mark
Let Newton be and all was dark
* * *
وفي مقالتها: "من شارع المتنبّي إلى سائر فروعه على الأراضي اللبنانيّة" تكتب:
لم أعد أعرف هذا البلد. ولم أعد واثقة من أنّني ما زلت أقيم فيه كم هو في الواقع. إذ يخيّل إليّ إنّني صرت ابنة وطن غير موجود إلّا في البال، ولن يبقى إلّا هناك. أمّا هذا الـ"لبنان" فهو أشبه ما يكون بامتداد طبيعيّ لما عُرف قديمًا بشارع المتنبّي. وهو امتداد حصل في لحظة تشظّ وقحة، إذ كان يكفي أن تتّحد مصالح بعض رجال السياسة مع مطامع بعض رجال الدين كي يصير لبنان ما هو عليه اليوم: يصلح لأن يكون أيّ شيء إلّا أن يكون وطنًا.
فلنسمِّ الأشياء بأسمائها: ثمّ عهر في هذا البلد كسا بوقاحته وبشاعته وفجاجته كلّ شيء: السياسة والدين والتربية والصحافة والفنّ والطبّ والحياة الاجتماعيّة. ويكفي أن تسمعوا ما يقوله المغتربون الآتون من بلاد الحريّات لتعرفوا أنّ ما يرونه ويسمعونه في لبنان لا علاقة له بالحريّة ولا بالانفتاح ولا بالتقدّم ولا بالحداثة. فهؤلاء يحملون أولادهم وبناتهم بعد إقامة قصيرة في البلد ويهربون بهم عائدين إلى حيث توجد قوانين تخصّص للعهر شوارع وأمكنة وتترك للفكر كلّ الشوارع وكلّ الأمكنة. (المدونة،شؤون لبنانية، 16 نوفمبر2011م)
وأنا أقرأ هذا تنادى إلى ذهني أمران:
موضوع أن يكون المتنبي "مالىء الدنيا وشاغل الناس" عنواناً للدعر والفجور وهو أول عربي قومي خالص..لكأنّ عاليها قد صار سافلها كما صار لقوم لوط .. ثانياً تبرّمك من تقسيم الناس إلى جانبين أو جهتين أو لونين ليس العقل أحدهما.. فابتسمت بمرارة لأنه مرّ بي قول مارون عبود في أبي الطيب:" مالئ الدنيا وشاغل الناس" كلمة قيلت في أبي الطيب فسارت مع الدهر. ثم انقضى ألف عام ، والناس ، كما كانوا في عهده، رجلان، واحد عليه وآخر معه."
* * *
وفي (يعبر ملكًا ، من كتاب رسائل العبور - 2005) (المدونة:رسائل العبور. 8 يناير 2011م) تقول ماري:
كملك يعبر شوارع مملكته في يوبيله الذهبيّ ثمّ يعود إلى قصر البُعد والارتفاع. هكذا يعبر صديقي الآن. أنظر إليه وألوّح له كسائحة وُجدت صدفة بين رعايا مملكته، ولا تستحقّ أكثر من نظرة ملكيّة عابرة.
وحين يعود صديقي إلى قصره، لن يتذكّر سوى الجموع التي كانت تتدافع على جانبي الطريق، ولكنّه، لن يستطيع، مهما حاول، أن يتذكّر وجهًا واحدًا منها….
حبّ صديقي الذي يهيّئ الآن احتفالات عبوره. ولأنّني أحبّه سأتركه يرحل إلى حيث يريد، وسأشهق بالبكاء كمراهقة أمام موكب نجم عالميّ، وسأكتفي مثلها بذكرى اللقاء العابر أخبر عنه الأيّام الآتية. وسأكتب على الجدران كالمقاتلين الذين يتركون على حيطان متاريسهم آخر كلماتهم: صديقي مرّ من هنا، ومضى. وعندما يحلّ السلام، وتُمحى كلمات المعارك من ذاكرة البيوت التي عاد إليها أصحابها، سأتذكّر أنا، آخر المقاتلين، أنّ صديقي الذي مرّ من هنا ومضى إلى مجد طموحه، كان ذكيًّا فترك ساحة المعركة قبل أن تمزّقه أمّ المعارك وأشرسها، تلك التي يواجه فيها الإنسان نفسه…
رغب في أن أمسك الآن يد صديقي العابر، المشغول حتّى الاحتفال بلحظات عبوره الملوّنة بألوان رغباته المتناقضة. ولكنّ يده مشغولة بالتلويح للجماهير المجتمعة حول عربته الذهبيّة، وهو يمرّ كملك جميل آت من حكاية قديمة، ليعبر إلى مخيّلة طفلة، أخبرتها جدّتها بأنّ الحلم هو الحياة.
في هذا النص يدور الكاف على الواقفات على سطور النص كمن يرشهنّ ببخور (الجاوي) وليس بالريحان وماء الورد .. وأتنسّم كأكأة ولا أرى ملكاً :(كملك /مملكته/هكذا يعبر/كسائحة /مملكتهّ/ أكثر ملكيّة/ يتذكّر الجموع كانت/ ولكنّه/ يتذكّر/عابر كملك/ بمشاكل/ وكيف/ تكاد لا تتّسع لموكبه ..)
إن طيف صديقك المتوج بالـ (coward head) قد صدمته أم المعارك فـشهق بالبكاء. وأنا أشهد الصديق "العابر، المشغول حتّى الاحتفال"
إني أراها قرب الموقد تقص عليها جدتها .. "وهو يمرّ كملك جميل آت من حكاية قديمة، ليعبر إلى مخيّلة طفلة، أخبرتها جدّتها بأنّ الحلم هو الحياة".. أي بالله ، يا ابنة الكلمة، إنه لا يعرف ــ وهو الملك ــ
(the old wives' tale that a snake would always join its dead mate)
غبي يشرب من البِرْكة * وانا با اسقيه قلبي جُود
ويتبخّــــر من (الجاوي) * وانا عندي بخـــور العود
ـــــــــــــــــــــــــ
* ليست هذه مقالة بل بعض من تعليقاتي على نصوص للكاتبة نشرتها بمدونتها وبصفحتها على الفيسبوك.
** ماري طانيوس القصيفي. نشرت كتاباتها الأولى تحت اسم مستعار هو ( مي م الريحاني). كاتبة وشاعرة وروائية معروفة من بلدة الريحانية ، بعبدا ــ لبنان. صدر لها عن دار مختارات*: لأنّك أحيانًا لا تكون 2004، رسائل العبور 2005، الموارنة مرّوا من هنا 2008، نساء بلا أسماء 2008 ، وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية)2011 - أحببتك فصرت الرسولة (شعر)2012 - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012).
*** مدونتها ( صالون ماري القصيفي الأدبي )
**** على الفايسبوك (Marie Kossaifi ــ ماري القصيفي)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية ( لقيت مضنون ) كلمات ولحن: عبدالله هادي سبيت ، غناء: عبود زين
أغنية ( يا بخت من حب ) كلمات ولحن: عبدالله هادي سبيت ، غناء: رويدا رياض