شريط

28‏/1‏/2013

فيصل علوي.. نحن للطرب عنوان (2)

فقرات من كتابي: ( المقامة اللحجية .. نحن للطرب عنوان ):

الراقص اللحجي الخضيري ولول نصيب

 

المطربان فيصل علوي وعبودمن كهنيم الوتر ..

من حنايا أرواح (بني ءسف) الحائمة على كدام (السّاف) و(المِنْصَاع)، مُتَرَنَّم اللحجيين..

من بين عروق "النثينيم والمشرّيم" طلع الفِتاحي، عَقْباً من أنابيش النغم، وفتحاً لحجياً يكرز بالمسرّة والسلام.

من حبيل فِتاحي ، من شعب اللبان، ومن مكيديم ونَعْمان، من عُريصمة، ومن مسيمير السراحنة، ومن الشقعة " تَحَوشبوا " للغناء ...

من الزمن اللحجي الزاهي بتيجان المجد الأدبي والسياسي .. ومن العهد العبدلي المزهو بسطور القصيد والنغم ..

من زمنٍ فاضَ فيه لبنُ اللحجيين وحقينُهم ..

من زمنٍ فاحَ فيه مِسكُهُم والطرب ، وسالَ سمنُهم وعسلُهم أعباراً بين (الرعارع) و(المَيَبْ) ..

مطربو الندوة الموسيقية اللحجية عام 1959جرت سفنهم على وجه المياه إلى (أوفير) بالنور والند والخير، وسارت جمالهم في البرية ، بالهوى والمعفصيّة ، تطوف بـ"البدريّة"؛ بالعود مبخّرة، وبالرباب مُعَفَّرة، منقوشة بالخضاب ، يفوح من أردانها الفلُّ والأزاب ، ويحفُّ بها الصحاب كما يحفّ السادة ومجاذيبهم بالنصُب والبيارق؛ وطارت لهم في الأثير أغانٍ سالت فواضلها على الجيران ..

أي بِلّه، نحن أولّ مَن ذاق لَذّة المعرفة يومَ أبصرنا الهدى بعين الفؤاد وسمعناه، وعلى المزامير والطنابير نَشَدنا الشعورَ قصيداً وغنّيناه ، وعشقناه جذباً فسُهداً فزُهدا. أخذنا من الطعوم ألذّها ، ونادينا من الروائح والرياحين: "يافل ياعود ياكاذي ويا غصن نرجس" .سيطرنا من الحواس على أربع، وتركنا حاسةَ العميان. .. وآبَ الناسُ بالأغنام سَلْبَاً / وأُبنا بالحواسِ مُكَرَّمينا.

جاهد الشعراء لبلوغ مطلبهم وما وجدوه، فجئناهم به ـ بذلك شهد الفرزدق. كانوا على الأرجاز وحداء الإبل يتسامرون فأحلنا واحاتهم دوحاً من الطرب الموقّع الأصيل، وغنى (مشيجح) من شعر أبي جوان.

طاف (سرجنت) بالعربان يتَنَشّدُهم عن قصيدهم فما سمعَ غير ثغاء وقوقوة؛ فدوّن شهادته:" ليس هناك شعراً ثرياً غنياً بالخيال كشعر لحج"..

ليس شعر الغناء اللحجي محض وعاء صوتي مطرب، بل هو عبارات ومعان، حُفّت برقيق اللفظ، وزُفّت بأنيس الصور، فجاءت الفكرة خصبية عميقة وأقبلت العاطفة دالةً متدللة، .

كبشار، تعالى الشاعر اللحجي عن العوام وظلّ بينهم، وهنا يقع سرّ تفوقه. بلغ ذروة الفن إذ خلق من أبسط المواد وأرخصها فناً عجبا. استغنى عن أدوات التشبيه وجاء بصور جديدة طريفة لم يسبقه إليها أحد:

            أنتوا حلاوة بغيّة فوق معصوب  *  مَن شافكم بات عند الباب مجذوب

لوري لحجيوالأغنية اللحجية شعرٌ خالص نُظِم للخاصة ، وصُبَّ في بوتقة العامة ، وهي لحنٌ عمره الدهر، وضربٌ سلطانيّ صُكَّ في الحوطة العبدلية فخرج سبائك سبائك.

يسيل المجرى الأدبي بمحاذاة الوادي الأعظم من غير انقطاع. أشعار وأوتار، ومغنونَ وسمّار، وصحافة وندوات ونواد .. يعجُّ بالدان الأثير، وتضجُّ الموافي بالخمير والفطير، ومن خدور البدور يهبُّ البخور بالسرور ، ويحتل القرمش والمضروب صدورَ الموائد العامرة.

يوم كان (بنو عمّو)، في مفازاتهم القاحلة، منغلقين منشغلين بشئون الحياة اليومية، يضع شعراؤهم منظومات وأراجيز لتعداد المهن والحرف وأصناف الأسماك والتمور، كان اللحجيُّ مفتوناً بشجون الهوى والغرام، منفتحاً على المدى، يشرّع حلال تعاطي الهوى. وما كان يفوّت مناسبة الاحتفال بميلاد شوقي شاعر البلاط المصري، ففي قصر السلطان العبدلي أمراء شعراء، وشعراء أمراء ينشَدُّ بهم ظهرُ القريحة السيّالة فتنشُد ُ... هذا الأمير الرصّاص تصدر المعاني من رأسه ولا يتصيّدها، ويدقُّ بابَ الحكمةِ دقَّ غيرُ مستجير:

        يقول أبو صالح الدنيا عمـارة كون  *  وكـل مخلوق على وجـه الدُّنى فانِ

        تبني وبينك وبين أهل المباني بونْ  *  ياليت شعري، متى با يحكم الباني؟

الشاعر الأمير أحمد فضل العبدلي القمندانأسقط اللحجيّ من شعار طرفة الحرب، وأبقى على "ذات الخباء المعمَّدِ"، لكنه لم يشترطها بهكنة (سمينة) فاللحجيات نحيلات رشيقات كغصون البان؛ وما البانُ إلاّ نبتةٌ من (تُبَن).

حرَث هذا اللحجي النحيل أرض الشعر فحبلت بالدرّ والدرر، وصحّ فيه وفي دهره قول المتنبي: ودهرٌ ناسُه ناسٌ كبارٌ / وإنْ كانت لهم جثثٌ نحيله

"اللحجيون مشاريع علماء .." هكذا قال أستاذ الأساتذة والأساتيذ عبدالله فاضل. نعم ، اللحجي كعارض الأعشى في حافاته شُعَلُ .. وجعل القومندان من لحج نشيداً عبدلياً ــ لنا نشيد الإنشاد لا "هبيلم هبيليم"..

*  *  *

هي ذي لحج في القرن العشرين، قطرٌ غنيٌّ ذي زرعٍ وخيرٍ كثير، حفلت بألوان من الحرف وبضروب من الأعمال كالفلاحة والحدادة والنجارة والإدارة.

هذا الوادي الكبير يسيل بالحياة، فيسقي الزروع وأعنابها .. هنا البساتين: (الحسيني والعرائس) تفيض بالفاكهة والرياحين، وعلى عدوتي الوادي تصطفّ القرى مكللة "مألّلَـه" بالغلال وأصناف الخضار، والمزارعون إما يفلحون أو يحصدون ، يستعينون بالرقص والغناء للتغلب على الإعياء:

                         وامصيرب صرَب صَرَب  *  والحجور كرّدوا العرب

هنا أعرابٌ قدموا من بئر حيدره والصبّيحة والحواشب وردفان والضالع فنزلوا سوق الحوطة بما ساقوا إليها من ماشية..

ها هنا المطاعم، والدكاكين، وأماكن لصنع وحدّ السكاكين .. المدرسة المحسنية وحلقات الدرس في المسجد الجامع

دورٌ وقصور، وعزف وسرور، ورقص وبخور، رياضٍ وبساتين، وبيذان وجنظال وتين، ومجالس للطرب والقصف، وما تأنق اللحجي في الملبس ولا المطعم بل ظلّ الكدر والخمير والفطير زاده المقدس الذي لا يحيد عنه ولا يستبدله، إنه سرّ العربي الأول الذي يفضل اللذات على الثروة، لا ينزل عن قيافته، فإن كان استغنى عن الجنبية، فقد أبقى على الكوفية والعمامة والأفود..

هاهنا الندوات يسمع منها الغناء اللحجي الموقّع، وفيها يتنافس المتنافسون. تخرِّج الندوة اللحجية الزبيدي والمرخ وفيصل علوي؛ وتضخُّ ندوة الجنوب درويش والعودي وعطا وسعودي وشاكر وابن حمدون.

سال سيل الأنسهذان (فضل ماطر) و(الساتري) يدندنان ، وهذا (سرور)، في سوق بيت عياض، يشدو من شعر صالح علي عون:

ردّ بالدان واذي عــــــــاد قلبـك سلي * بن عون ما يسمـع الداعي ولا يستجيبه

شدّدون المُنيبه ، واقرنــــــون البقـر * (فالج) تخـرّب علينـا من أمــاكن صعيبه

في القلب ببني لخلّي دار عالي حجر * وصاحب الدار ما هو مثل مولى الزريبه

هذا المحيط الريان الفتان أنجب فيصل علوي … 

سلام اللحجي خير وفاكهة وخضرة : "من الحسيني الذي نتخيّره".. وهديته للأحباب "مخاوي والهريس ألوان" ـــ على حد تعبير الكرامة. ماؤه مكبي ، ومشجبه عامر ، ومجامره لا تنطفي.

*   *   *

بنو سعد الطرب

الندوة اللحجية3

الشعر العاطفي هو مادة الأغنية، وهذا الشعر يخرجه الحرمان ويذكيه الكبت؛ واللحن إطار ذهبيّ احتواه، صاغه متحَرِّقٌ متشوِّق حَذِقٌ آخر ، والمغني ملهم بدّاع ثالث عرف الغرام وجرّبه، وهكذا جاءت الأغنية اللحجية صادقة معنى ولحناً وأداء. إنها انعكاس صارخ لبيئتنا الخصبة بمائها النمير، وزرعها النضير، وخيرها الوفير. خرجت على غرار طباع منشئها وأخلاقه؛ رقيقة عذبة، بسيطة ومعقدة ، وخاصة وعامة، في شجوها وشجنها، في جمالها وعنفوانها، وفي نبضها الموقّع: سلطانياً رزيناً، وخفيفاً بوزن روح العوام.

الغزل في لحج محبوب وهو من طبيعة أهلها؛ وإياهم عنى المؤرخون بالقول: الغزل يمان. والغناء صناعة لحجية، وهي تدل على عظيم ما عاشوا من الترف والسُعد، وعلى مبلغ ما وصلوا من الرّقي والعمران. فصناعة الغناء، كما يقول ابن خلدون في المقدمة: " آخر ما يحصل من العمران من الصنائع لأنها كمالية في غير وظيفة من الوظائف إلا وظيفة الفراغ والفرح. وهو أول ما ينقطع من العمران عند اختلاله وتراجعه".

لقد عرف (بنو تبني) السعادة وعُرِفوا بها وعُرِّفوا. ذاقوها على الحقيقة والمجاز. أقاموها مزاراتٍ في بريّة (عُبَر السعدييْن)، وداروا حول (سعد) و(سعده) دهراً وبعض الدهر.. وهؤلاء (بنو سعد عشيران) بقيّا. والسعُد نباتاً وجدولا، وفاض سعيد والسعديين. عاش وادينا. وهذا فيصل علوي سعد واحد من السعداء ـ قُلْ معي عاش فيصل.

الشاعر عبداله هادي سبيتسارت بنت صاحب النسرين في الناس بالهناء والمسرّة. فعصَرَ اللحجيُّ على شرفها وداده وسهاده، وأسالَ عمرَه منىً وأمانيَ من نغم، وشرَبَ بقلبه، وأعلن فرحته على الملأ:

يا فرحتك يا فؤادي/ سال سيل الهنا / سقّوا زهور المحبة / بانقطف الفن زهرة

غنّت بنت دَرِينه والنوبي والظاهري وعيسى والطميري وسعد عبدالله وعلوي سعد، وتوارث الأبناء صنعةَ آبائِهم فجاء "السعداء": أحمد صالح عيسى ومحمد سعد الصنعاني ومحمد سعد عبدالله وفيصل علوي سعد فوق آبائهم. وإني أرى عناصرهم جميعاً ما انفكت تتجمّع في علوي وعماد وعبود.

ظلّ لواء الطرب معقوداً بعمامة فضل اللحجي، وسلك الوتر مشدوداً بيده حتى ظهر فيصل علوي فاستولى في جزيرتنا على الأمد.

في هذا المحيط نشأ فيصل علوي ..

من يد بنت كرعم العاطفي، بالطبطوب شربَ لبناً حتى (بأر)، وأكل من زبدة (الحشوي)، و تدمّغ بما تبقى في قاع (الكعدة)..

تصبّح مع جده حمادي من خمير النوافي بالسليط الجلجل، واندهَن ..

ومن "غِرْب" (الذَّرَعَه) تغدى كدراً وفطيراً ..

رعى لعمته كريمة أبقارها والغنم، وعبَرَ والوادي ممتلىء إلى جميع شطوطه، ووصل بـ (البوش) سالماً "صفافير الشمس"..

شرب من (عُبَر خِلاف) صافياً في غير ابتهار، واستقى مبتهجاً من الكَرَع "كَدِرَاً وطينا".. من هناك جاء ذلك العفير في صوته.

ترك المطرب (علوي سعد الفِتاحي) لأولاده: زين ومنيرة وأسماء وفيصل عوداً، وبقرة صفراء، ومهنّد من خشب وطين .. وهي سنة جارية أن يُوَرَّث اللحجي إمّا عوداً أو عموداً.

وألحق الموت زين وأختاه بأبيهم في نفس العام، فكان الميراث السنيّ من نصيب ابن السنة.

زُفَّتِ الأم إلى (كديمة السِّمر)، فحنت (العاطفية) على حفيدها "حنوَّ المرضعاتِ على الفطيمِ"، وأَسنَد الجدّ حمادي صاحب (نَعْمان الدريجة) ابن بنته اليتيم.

في مقهاية (السُّبَيتي) بالشقعة، يستمع الصبي لفضل محمد اللحجي يغني فيتسمّر أمام المذياع الخشب إذ سمع رعوداً تقصف، ورأى بروقاً تهمي وسحباً تتنادى ثم تنسكب سيلاً من نغمٍ يستولي على الوجدان ..

شغله ذلك عن بيع البيض ، ورجع إلى جدته ليتلقى ضربات المحماش.. وأكلت نار الموفى العود الموروث ـ والعقاب من جنس العمل. وبلغ به تأثره بفضل حدّ أن ظلَّ وجدانه متعلقاً بندوة الجنوب في حين هو عضو في الندوة اللحجيه، ولم يرتدع ـ هذا سعيد كرد يسمعه يغني، فيؤخذ إلى مقر الندوة اللحجية لاختباره .. وعلىDSC01753 عود السرحاني الحوشبي، من مقام ( الحسيني ) صدحت حنجرته الحالية بالدان اللحجي المؤصَّل:

قال ابو سعدان :

ما خيـــل في ( الشقعة )  تــــردّ العنــا .. وما تخــــرج إلا علــى شـان

ليتني يا حبيبي بلتقي بك يا هَـلـِي ، في السمر سـاعة هنيـّـة لهـا شـان

أنت في الغارة عمر بن علي تحضر وفي شارتك تشبه مزاحم وسفيان

" الحاضر يعلم الغائب" دق المسحرّاتي على الطبلة ، فتجمّع أهل ( الشقعة ) في (الصُّلبي) ، منام السالمي ، هناك أشهد العم عبدالسلام سعد الناس على قراره.. أمسك عبدالسلام بيد ابن أخيه ونزلا إلى الحوطة ليسلمه ليد صلاح كرد لإلحاقه بالمدرسة لتعلم القراءة والكتابة، ولتدريبه على الغناء، والقيام به..

المطرب اللحجي فضل كريديدخلا الحوطة المحروسة فإذا هي ترفل في ثياب النغم العبدلي، زاهية بسلطانها فضل بن علي..

من نشحات ثبان ( الشلن ) على مجزوء الرجز، و من عود محمد سرحاني على مقام الرصد، وعلى لحن صلاح كرد رحبّت الندوة اللحجية بالقادم الجديد بصوت فضل كريدي:

                   إنـّـه الوجــهُ الجـديد  *  صاحبُ الصوتِ الفريد

                   جـاء يحيي من جديد  *  فنَّ هــــارون الرشـيد

إذا كان الشاعر ضمير الناس ولسانهم المتكلِّم، فالمطرب في عيون العوام وجدان الشعب ولسانه المترنِّم. هو مرقِّص الأحاسيس، وملاعبُ الخواطر، وله في جبرها نصيب غير قليل. وهم، في أتون تشوقهم وتحرقهم أو احتفالهم بالوصال، يسقطون من النص قائله. تستهويهم الموسيقى أكثر من البيان فلا يأبهون لمقول القول إلا في إطاره النغمي. وهكذا يصير "فيص" هو "القمندار" والقمندان هو "العلاو". وفي مثل هذا تاه المطرب أيضاً، وكان في تصريحاته عفوياً صادقاً معذورا.

فيصل علوي ثروة وطنية أفادت منها الجبهة القومية، وحمت،لذلك، رأسه فلم يلق مصير أستاذه.

تصدّر مغمورون واجهات المحلات، واستهلّت بهم الإذاعات والقنوات، واستجلِبَت لهم الفرق الموسيقية، وحُشِرَ (بن وُتيد) في محلّته. حاولوا جهدهم سدّ مَلَكَته، ولكن (بنت تبن) تفجّرت أعباراً من نغم، وتجمّعت سيلاً اكتسح عوائقهم المصطنعة وألقى بها في دوش الحسوة ..

فيصل علوي مع فضل ميزربموهبة متفردة، وبقلب ملؤه حماسة وعزم، وبعشق وإخلاص ابتنى (الوتيدي) لنفسه وللحج ولليمن مجداً من نغم، فتجذّر في النفوس لحناً شجيّا. افتخر به اللحجيون وفاخروا، وتحلّقوا حوله فرادى وجماعات، قرى وبلدات، وهبّوا يؤازرونه ويشدون ظهره، ويطلبون فنه تتقدمهم وجوههم: الدبّأ والسرحاني وبغازي والخواجة والجيش في الحوطة، وفضل موسى في بيت عياض، وصنبور في جول اليماني، والهيلمي في المحلة، والشايفي في صبر، والمحلتي في الوهط .. آل مصعبين، وجيرع في هران ديان، والشيخ الحميدي في المجحفة، وعلى امتداد قرى الواديين إلى رأس تبن، وعلى عدوات بنا..

كانت هدية اللحجي لأحبته حال زيارتهم بحسب التقليد الموروث زنبيل حلوى لحجية، فانضاف إليها اليوم كاسيت من غناء (فيصل علوي). ومثلما حلوياتنا للمائدة حسن ختام، صار ابن علوي ضرورياً للمقيل كالملح للطعام، عنواناً للفرح، بل غدا وغصن القات صنوين ..

وحده اللحجيّ لا يعتمد على الدعاية لترويج بضاعته، فأغانينا كخضرواتنا وكحلوياتنا تعرّف عن نفسها، والعود ، شمّاً وسَمعاَ، شعار لحج وماركتها المسجلة.

بعوده وبصوته وبإيقاع (فضل ميزر) ينتشر طربنا في كل المعمورة، ويبسط جناح ملكه على الجزيرة والخليج طودم وتهمتم ..

غنى في الكويت وصاحب (شاديها) و(دوخيّيها)، وسامر في الإمارات زايدها وواليها.

فضل محمد اللحجيطرب في المخادر والمهاجر، وفي الدور والقصور، في العشاوي والبيوت، وفي القاهرة وسوريا وبيروت، وفي لندن وفرنسا وأمريكا. عزف على (الحسيني) و(عشيران العجم) وانطرب لغنائه عرب وعجم.

ما كان في جزيرة العرب ولمّا يكن مطرباً بحجم فضل محمد اللحجي أو فيصل علوي، ولا بمقدار حمدون أو توفيق أو عبود الزين، ومع ذلك لم نتفايش، نحن اللحجيون، ولم ننصّب على مملكة الطرب أحداً من أصحابنا ، لأن العنجهية ليست صفةً لحجية، وليست تركتنا طارئة، بل هي ميراث دهور يتداوله الورثة محافظين مزيدين. ما نصّب العبادلة، وهم أهل الفنّ ورعاته، على سلطنة الطرب وليَّ عهدٍ ، ولا جعلوا على الميراث قيّما، واستُشهِدَ موسيقارُنا ولم يزُرْ سجلّ القاضي حسن جعفر... نحن للطرب عنوان.

للموضوع بقية …

ـــــــــــــــــــــــــــ

* هذه فقرات من محاضرة ألقيتها في فبراير 2006م بمقر إتحاد الأدباء بمدينة الحوطة ـ لحج بعنوان: (المقامة اللحجية.. نحن للطرب عنوان).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

imageأغنية ( على المحبين شنّي ) كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان ، غناء: فيصل علوي

            المقام: السيكاه ، الإيقاع: مركّح 4/4 ، 116= .♩، (هاجر +2 مرواس)

imageأغنية ( لما متى تبكي ) كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان ، غناء: فيصل علوي

27‏/1‏/2013

طرب لحجي: الهاشمي قال

 كلمات: السيد عبدالرحمن العراشة ، لحن وغناء: عوض عبدالله المسلمي وعبود زين 

المقام: البياتي ، الإيقاع: رزحة (8/12 هاجر+مرفع+2 مرواس)

قرية الحُبيّل بلدة الشاعر العراشة

 

الشاعر العراشةالهاشمي قــــال هــذي مسألة  *  والثانيـة  ..  عـادها  لـمّا  تكـون

عنـدك خطأ  ما قرأت البسملة  *  ولا (تبارك) ولا (عـمَّ) و(نون)

ولا  دريـت  أن  هذي  مشكلهْ  *  القـرش  يلعـب  بحمران  العيون

المغـفـرة  لك   فشفها  الأوّله  *  عادك  بالاطـراف  أوبه  للبطون

                               *   *   * 

وكل مَن قــام لك كُنْ قــوم له *  فالعيب مقرون في ضحك السنون

راعيـه  بالـجُـمل  حتى  تقتله  *  لأن بعــــــــد الوفاء ريب المنون سال سيل الأنس

وإن قال بو زيد حِذْرك تمهله  *  وناوشه ،  لا  تخلّي له  سُهــون

ودخّله  فـي الشبك وسنسله  *  واحلق له الرأس لا يفعـــل قـرون

وان شفت منّه صـداقه وكّله  *  واطـرح جواسيس بعــده لا يخون

وبعـــد، لا  شفت ودّه  فضّله  *  حتـى  بروحــــك ومـالك  والبنون

                                *   *   *  

لوري لحجيوابنك  إذا  بـه  تعــوّج  مَثلّه  *  حتـى  ترقّيه ،  وان  هنته  يهـون

مثل الجَمَـل  كيف لما تِجمله  *  وتطعمه  سـار لك  مشفق  حنـون 

فــذا  كما  ذا ،  وهــذا  أكّـله  *  فالجَعـل  سحّار  كم  يحلـق  ذقـون

وكل مخلـوق  شَــرّي  وصّله  *  واقطع لسانه يكُن عِرضك مَصون

لأنه ذي الأيــــام فاعل قلقلهْ  *  قــد رخّصـتْ بالــذي سعـره زبـــونْ

                               *    *    * كتاب المسلمي

الأرملة بنت .. والبنت  أرمله *   تهــــــاونوا في شقرها والدّخــونْ 

فكيف مَن هيْ أمـوره معطّله  *  هـل  يقـتـــــدر أن يركّـب ميكرفون

مَنفَـذ يجيك الريح  منه  قفله  *  لراحتك، بالشرف يحـــــلا السكون

وبعــد صلّوا على من أرسله  *  بالحق فيــــه الهُـــدى والمؤمنـون

 

____________

المفردات: فشُفْهَا: شوفها؛ أنظرها. أوبه: إحذر، إنتبه. الجُمْل: الفعل الجميل. سنسله: سلسلة. مَثّله: قوِّم اعوجاجه. هِنْته: أهنته. ريب المنون: صروف الدهر. تِجمله: أي تربي الجمل. الجُعُل: الجُعل بضم أجرة العامل،العطاء؛ والجَعَالة: الرشوة. اقطع لسانه: كناية أي أعطيه مالاً ليتوقف عن ذمّك. الشقر: نوع من الورد. الدخون: البخور التي تنتج رائحتها من دخان. زبون: غال. من أموره معطلة: مُصاب في رجولته لا يقوى على عمل حفلة زواج.

الشاعر العراشةالشاعر: السيد عبدالرحمن السقاف العراشة من مواليد قرية الحُبَيِّل ـ لحج. شاعر عامي معدود. في شعره حكمة ومعالجة إجتماعية يقدمها في لغة ممتنعة تجمع بين العامي والفصيح فيستطيبها الراعي في باديته والأكاديمي في جامعته ، ويغلفها برمز قريب بعيد لا يتعجّى على المزارع اللحجي الحليم. من أشهر أغانيه: (الهاشمي قال) التي لحنها وغناها المطرب عوض عبدالله المسلمي. توفي في الحبيل بلحج.

الفنان عوض عبدالله المسلميالمطرب: عوض عبدالله بو مهدي المسلمي صاحب شبوة، (1907 ــ 1975). يُعرف بـالأعمى لأنه أصيب بالجدري وهو في سن الثانية عشرة وفقد بصره. ولد عام 1907م عند بلدة (بئر علي) في طريق ارتحال أسرته إلى حضرموت فلقب لذلك بـ(عوض البير). نشأ بالشحر بحضرموت وتعلم هناك العزف على السمسمية وتغنى بأغاني مطرب حضرموت الشهير سلطان بن الشيخ علي هرهرة اليافعي. ثم رجع إلى عدن في 1928م وصادق فيها المطرب محفوظ غابة وصاحبه في حفلات الزواج كعازف إيقاع ومغني، ثم ما لبث أن صار المسلمي مطرباً مستقلاً مشهوراً. إلى جمال صوته كان المسلمي جيد في أدائه وجاد، يتقن أداء الألوان اللحجي والصنعاني واليافعي. وقد حضرت له في صباي عدة حفلات بقريتي. في 1984 أصدر قريبه الشاعر أحمد بومهدي كتاباً عنه: (المسلمي : حياته وفنه). توفي في 1 نوفمبر 1975 بعدن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

imageأغنية ( لقيت مضنون ) كلمات ولحن: عبدالله هادي سبيت  ، غناء: عبود زين

imageأغنية (الهاشمي قال) كلمات السيد عبدالرحمن العراشة، لحن وغناء: عوض عبدالله المسلمي 

             المقام: البياتي ، الإيقاع: رزحة (8/12 هاجر+مرفع+2 مرواس)

25‏/1‏/2013

المعاني الحسان في أدب بنت ريحان (2)

الروائية ماري بنت ريحانفي "هاشلة بربارة" (المدونة: مشاهِد اجتماعيّة, نصوص وجدانيّة ــ 3 ديسمبر 2010م ) تصرخ مريم: 

الليلة ليلة البربارة، وبربارة هاشلة هاربة من مضطّهديها،
تختبئ لتنجو، ونخبّئ وجوهنا خجلاً،
تختبئ لأنّها وحيدة، ونختبئ لأنّنا جبناء،
تختبئ لأنّها صغيرة، ونختبئ لأنّنا ممتلئون صغائر.
الليلة، بربارة هاشلة فعلاً
هاربة منّا نحن الذين ندّعي أنّنا نحميها ونحافظ عليها
هاربة من أولئك الذين تذرّعوا بقناعها اليتيم ليضعوا كلّ يوم قناعًا،
هاربة من مضطهديها ومدّعي حمايتها في الوقت نفسه.

موجع قولها: "بربارة هاربة من مضطهديها ومدّعي حمايتها في الوقت نفسه." وهي تذكرني بكتابات مارون عبود عن "المعضلة المارونية الرومانية" في كتابه "مناوشات"..
هوشعنا لبنت الريحاني حفيدة صاحب فكرة الوحدة العربية، مباركة الشاعرة (ماري ـ م).. إليها سينهض ملك التيمن ليسمع حكمتها.

*  *  *

بين الملاعق والصحون
في (منزل من نساء ، من كتاب رسائل العبور – 2005 ،المدونة: رسائل العبور ، 21 يناير 2011م) يترك الذكر لهن ثلاثاً من حواسه الخمس: رائحته وصورته وطعمه. وهنّ يتلمسن الرائحة - واللمس حاسة العميان والرائحة للحيوان ؛ في بوهيمية يتألق فيها الجميع. وغاب "هو" بين الملاعق والصحون. وفي عزّ الضيق والقهر لا نعدم مع مي مُلحة الصورة الساخرة:"يعبثن بالنقاط فوق الحروف" "وعند لقاء الورقة بالقلم" يخرجن من "خدورهنّ" كبهائم دليلها الحواس. أما هي - تسلم لنا - فمقيمة لا قابعة في فناءات النور والزهر والتاريخ:

تأتي النساء الغريبات إلى بيته
الست مييسكنّ في الخزائن والأدراج
يقبعن بين الفراش وغطائه
وعند لقاء الورقة بالقلم
وفي التحام الزجاج بالنبيذ
يخرجن كلّ ليلة من مخابئهنّ
ويتجولّن في صمت
***
أمّا هي المقيمة
في انطفاء الشموع
وفي فراغ الزهريّات
وجمود التماثيل الصغيرة
فتراقبهنّ في عجز.

والكتابة "بألم" ماري القصيفي أعذب وأشفى:

أراقب المشاهد التي تنقلها وسائل الإعلام من تونس ومصر ولبنان والجزائر وفلسطين والأردن واليمن وأحاول أن أرى الرابط المتين الذي يجمع ما بين هؤلاء الناس الغاضبين فلا أجد سوى خيط واه يشدّهم إلى حلم التغيير من دون أن يمتلكوا وسائل تمتين الخيط أو تحقيق الحلم. قد يقول قائل: أن تأتي الثورة متأخّرة خير من ألاّ تأتي أبداً، وأن تتفجّر المياه ويذهب أكثرها هدراً أفضل من الموت عطشاً. لكنّ الخوف، كلّ الخوف، هو أن نكتشف لحظة بعد لحظة أنّنا نلهث خلف وهْم ثورة وسراب ماء، وعند ذلك لن يكون أمامنا إلاّ الاختباء خجلاً في قمقم مختوم بختم اللعنة التي أنزلتها بنا السماء التي كفرنا بنعمها والتمنّي ألاّ يجدنا أحد... هذا إن بقي بيننا من يشعر ويخجل. (المدونة: 3 فبراير 2011م)

تذكّرت بمرار قول المتنبي أن دم ممدوحه كافور يشفي من الكلَب. قال أستاذي سالم عزيز ـ رحمه الله:
                                Their eyes show them at a loss
                             Both waiting for the middle cross

*  *  *

تلمس درّة الأرز الألم فيبتسم ـ كما قال بشارة في شوقي؛ وحيثما تمرّ تترك وراءها طيباً .. ما أحلى غناؤها المتلفع بحزن العارف.. والنيل لا يفيض بغير أرمانوساه ــ رحم الله جرجي زيدان أديب لبنان:

كتاب الأديبة ماري ( نساء بلا أسماءمعرض الكتاب الذي كان من المقرّر افتتاحه اليوم لن يتعرّض للسرقة. للحرق ربّما. لكن لا للسرقة. فالذين يسرقون لا يعنيهم أمر الثقافة والكتب والمعرفة والفكر، والذين يحرقون من سلالة هولاكو وجنكيزخان ونيرون. الكتب تئنّ من الوحدة في المعرض المغلق، يتّكئ الكتاب على الآخر، يسند أحدهما الثاني وتتبادل كلّها الآراء حول ما يجري في الشارع، تقفز أسماء المؤلّفين والشخصيّات من على الأسطر، تخرج من الصفحات، تغادر الكتب، تنزل عن الرفوف، تجتمع في الممرّات، وتؤدّي الصلاة كي ينتهي هذا الجنون.

***
2- تقف الفتاة المصريّة الجميلة على حافة نهر النيل وتسأل المياه الباكية: إن رميت نفسي في النهر ضحيّة لك يا نيلنا العظيم كما كان يفعل أجدادي حين كانوا يقدّمون إليك الذبائح كي تفيض عليهم بالخير، هل تقبل تضحيتي وتغمر أرض مصر بالمياه قبل أن تسيل دماء أبنائها في الشوارع؟ (29 يناير 2011م)

*  *  *

إستمطار غضب السماء هي فلسفة ماري لـ" وضع اللوم على الطبيعة" إبقاء على دم الإخوة اللبناني(المدونة: تغيرات عربية: فلتمطر السماء ولتهتز الأرض، 25 يناير 2011م):

الريحانيةأؤمن بأنّنا صرنا نستحقّ عقاباً من هذا النوع بعدما أُعطينا الفرصة تلو الفرصة لكي لا نخسر الفردوس مرّة جديدة. إنّنا اليوم مشاريع شؤم وفساد ونتن. الأب المتحمّس لزعيمه مشروع فجيعة يتحقّق لحظة يروح ابنه ضحيّة هذه الحماسة، والأمّ المتعصّبة لمذهبها مشروع ثُكل يبدأ العمل به متى اصطاد التعصّبُ المواجه وحيدتها على قارعة الطريق، وطلاّب الجامعات مشاريع قيد التنفيذ تحويلهم قنّاصين وسفّاحين ومجرمي حرب أو مخطوفين ومعوّقين ومدمنين. وحين يتحكّم الغباء بالأبوّة، وتتغلّب القسوة على الأمومة، وتغرق صروح العلم في الجهل والتطرّف، يزول كلّ أمل وينطفئ كلّ رجاء ويحيق الموت البطيء المرعب الموجع بكلّ حيّ. عند ذلك، لا بدّ للسماء من أن تُشهر علينا بروقها، وتصرخ بنا مرعدة، وتمطرنا بمياه معموديّة تخلّصنا من شرورنا أو بنار وكبريت يأكلان آثامنا، ولا بدّ للأرض من أن تهتزّ تحت أقدامنا وتقذفنا بلهب باطنها، ثمّ تبتلعنا لتطهّر وجهها من دنس وجودنا.

                                                           Farewell, happy fields

                                  Where joy forever dwells! hail, horrors! hail  

كان لوسيفر كبير الملائكة وملاكاً مستنيراً قبل طرده من الفردوس يا مريم.. إن كل فونيم  (phoneme) في صرختك ينمُّ عن عقل سليم وينبض بوطنية صادقة.

*  *  *   

حبك الفجر الأول

أكملت قراءة النص ففاض قلبي بالبهجة ، وعلى قمة الابتهاج "كمشة" حزن(المدونة، باب: رسائل حبّ ــ 18 يناير 2011م):
من يستطيع أن يصف الفجر الأوّل في تاريخ البشريّة؟
من يملك القدرة على تخيّل ذلك الفجر البهيّ الهادئ حين انفجر للمرّة الأولى ألوانًا ومشاعر ورغبات؟
من يمكنه أن يجد الكلمات التي تحكي ولو بالرمز عن لحظة انبثق فيها الضوء من رحم عتمة السماءالديوان الصادرعن دار سائر المشرق

ليعلن ولادة ما سيصير اسمه الفجر؟
ذلك الفجر الذي حاول الكون التمسّك به لأطول فترة ممكنة خشية ألاّ يعود مجدداً
أو أن يكون مجرّد مشهد عابر في مسلسل التكوين
أو أن يمضي إلى حيث ينطفئ ويزول جماله الطفل النعس
ذلك الفجر الأجمل
حامل الدهشة البكر
المزيّن بالنور الفضوليّ
المغتسل بأولى حبيبات الندى
المتهادي على إيقاع تنفّس الحياة في صدر الأرض،
ذلك الفجر أليس هو حبّك؟

سبع مرات كان ليل ونهار .. وما استراح ربك يا آخر الملكات في فينيقيا.. في هذا النص تكثرين من ذكر (الضوء) ، أهو رَجْع لاواعي لمحبتك (لآل ضو)؟

*  *  *

في "ثمار بطنها وثمار فكري" أبوه معلقة وذرية صالحة من الأطفالِ والكتبِ .. لن أقول مقولة الأعراب حين يمتدحون:"قاتله الله ما أشرد قافيته.." بل أقول: حمى الله هاجسها وبارك فيه ما أروعه وأنفعه (المدونة ، رسائل حبّ :  15 يناير 2011):

Marie-mثمار بطنها أولاد يؤرجحون عمرك بين الأمل والملل
تعطيك إيّاهم الحياة
وهي تذكّرك في كلّ لحظة بأنّهم ليسوا منك ولك،
بل ودائع عندك يؤخذون منك

مهما اعترضت ورفضت
وثمار فكري كتب تحكي للأطفال حكايات
وتروي سير الرجال ليتعلّم منها الأولاد
أوزّعها للناس ولا أترك منها ولو نسخة واحدة عندي.

قلتي:"وحين تعرض (أنت) وجهها للناس أختبئ أنا فيك"
نسيت بيت الشاعر الذي يقول فيه أنه يختبيء من زمانه تحت جناح زمانه فيرى زمانه ولا يراه.. نسيت، ياليت لي عقل مارون.

*  *  *

بنت “الحكمة”sagesse

1) الأجراس فوق الكنائس
والمآذن فوق المساجد
يجب أن تدعو الناس إلى الصلاة
لا إلى قطع الصِلات. ،،،

 

2) لا بأس إن كان في عالم الصحافة والأدب

فورة تشبه "البوشار"

المسلّي واللذيذ

شرط أن نعرف

أنّه ليس الوجبة الأساسيّة المغذّية

 

عطاياك كثيرة يا مي يصح فيك قول أبي تمام في ممدوحه أبي دلف:
                          تكاد عطاياه يجنُّ جنونها * إذا لم يعوّذها بنغمة طالبِ
حماك الله من عيون الرجال والنسوان معاً فما رأيت الجمال اجتمع بالوقار إلا فيك.
 

*  *  *

في (الدويلات الخمس الجديدة للبنان) علم ماري عملها كمدرسة المحبة والأمومة والصبر، وجعلها حادة في الحق، ومثابرة على الجد والصدق لبلوغ "المثال".. وهي في كتاباتها لبنانية من الطراز الأول، بقية من القوم الأُوَل فكراً ومحبة ووطنية (المدونة: شؤون لبنانيّة, يناير 11, 2011م):

ميصار لابد من تقسيم لبنان فهناك مجال لتقسيم إنسانيّ عادل وغير طائفيّ أو مذهبيّ، يؤمّن ديمومة هذه الدويلات ويضمن حركتها الاقتصاديّة في شكل غير مسبوق.
دويلة مرضى السرطان كيان قائم في حدّ ذاته وعدد سكّانه إلى تزايد واضح .. هي دويلة هادئة، مواطنوها معلّقون بأنبوب مصل وأمل حياة، لا يعنيهم أمر رئاسة دويلتهم أو حكومتها أو وزرائها أو جيشها، فحديثهم يدور حول الصحّة والألم والخوف والرجاء، ولا يحلمون إلاّ بعلاج طال انتظاره.

ودويلة المدمنين كيان آخر هادئ، فيه مواطنون من مختلف الطوائف والمذاهب والأعمار، وتدور حركته الاقتصاديّة حول الكحول والمخدّرات، ويتعايش فيه التاجر مع المدمن. وستنضمّ إلى هذا الكيان بطبيعة الحال مجموعات المرضى النفسيّين والمحبطين وذوي النزعات الانتحاريّة.

أمّا دويلة ذوي المخطوفين فكيان حزين صامت في غالب الوقت، تنطلق منه في مناسبات معيّنة أصوات تطالب بجلاء الأمور في هذا الملّف. فوق منازل مواطنيها أعلام تحمل صور الغائبين المعلّقين بين الحياة والموت، المنتظرين الحياة أو الموت..

الدويلة الرابعة للمعوّقين، وأبناؤها خليط من ضحايا الحرب والأمراض والخلل التكوينيّ، وتجارتها أدوية ومهدّئات وأطراف اصطناعيّة ومقاعد متنقّلة ومؤسّسات تحاول أن تجعل الحياة سهلة لمواطنين لا تلحظ دولة لبنان العظيم الموحّد وجودهم في سياستها أو برامجها.

الدويلة الخامسة دويلة الأراكيل وهي ملجأ المعنيّين والمغنيّات (لا صلة قرابة مع الأمير المعنيّ فخر الدين) بالغناء الخفيف والرقص الهستيريّ والفيديو كليب التجاريّ والسهر الذي لا علاقة له بالعُلى أو بتأنيب الضمير. هي دويلة تحتاج إلى مختلف العاملين في مجال تأمين الأطعمة والأراكيل إلى البيوت ولا تستغني عن نُدُل المطاعم والمقاهي والعاملين في مواقف السيّارات، ولا عن رجال المواكبة والحراسة وعاملات التجميل ومزيّني الشعر. هي دويلة الخدمات السريعة والربح الصافي و"البخشيش" الأكيد نظراً الى الكرم اللبنانيّ المشهود له.
والجميل في موضوع هذه الدويلات غير الطائفيّة أنّ رجال الدين سيجدون مجالات أرحب لنشر دور عبادتـ(هم)، ففي الدويلات الأربع الأولى صلوات مدفوعة للشفاء والصبر والرجاء، وفي الدويلة الخامسة انتشار كثيف يهدف إلى محاربة الخطيئة وإنقاذ النفوس التي أعماها دخان الأراكيل وأفقدها السكر الاتجاه الصحيح.

ويبقى موضوع الرئاسة في كلّ دويلة: ففي الأولى للحالة السرطانيّة المستعصية كي تخلو الكرسي سريعًا، وفي الثانية لأكثر المواطنين إدمانًا واستعداداً للجرعة الزائدة كي لا يبقى طويلاً في مركزه، وفي الثالثة للأمّ التي يميتها الهمّ والانتظار، وفي دويلة المعوّقين توزيع للصلاحيّات: فكرسي رئاسيّ لكلّ مُقعد، وعصا قياديّ لكلّ أعمى. أمّا دولة الأراكيل السعيدة فيرأسها صاحب أقصر نفَس لكي يكون حتماً صاحب أقصر ولاية.   

                    Your Sheikh has chosen me husband
                                    Well darling do it for England

حمى الله لبنان مجد الشرق ونوره. .

*  *  *

في مقالة (الديانات بالألوان) كتبت الريحانية (المدونة: شؤون لبنانيّة ، 5 يناير 2011):

الرواية الصادرةعن دار سائر المشرقحائط المبكى، الجمعة الحزينة، ذكرى عاشوراء:
ألا تغسل هذه الديانات إثم البشريّة إلاّ بالدمع؟
التهديد والوعيد، النار والجحيم، القتل والمجازر:
ألا تكتب هذه الديانات تاريخها إلاّ بالدم؟
العنف، الحرمان، التعذيب:
ألاّ تشبع هذه الديانات من اللون الأسود؟
لماذا يكون الأسود لون القبر الذي تنتهي إليه الحياة كما نعرفها
ولا يكون لون الرحم الذي تنمو فيه هذه الحياة؟
إذا كان المؤمنون أبناء النور فلماذا يرتدون اللون الأسود؟

يقول أستاذي سالم عبدالعزيز في ديوانه (200 Close Couplets):

                                       God said when they forgot St Mark
                                       Let Newton be and all was dark

*  *  *

وفي مقالتها: "من شارع المتنبّي إلى سائر فروعه على الأراضي اللبنانيّة" تكتب: 

arzلم أعد أعرف هذا البلد. ولم أعد واثقة من أنّني ما زلت أقيم فيه كم هو في الواقع. إذ يخيّل إليّ إنّني صرت ابنة وطن غير موجود إلّا في البال، ولن يبقى إلّا هناك. أمّا هذا الـ"لبنان" فهو أشبه ما يكون بامتداد طبيعيّ لما عُرف قديمًا بشارع المتنبّي. وهو امتداد حصل في لحظة تشظّ وقحة، إذ كان يكفي أن تتّحد مصالح بعض رجال السياسة مع مطامع بعض رجال الدين كي يصير لبنان ما هو عليه اليوم: يصلح لأن يكون أيّ شيء إلّا أن يكون وطنًا.

فلنسمِّ الأشياء بأسمائها: ثمّ عهر في هذا البلد كسا بوقاحته وبشاعته وفجاجته كلّ شيء: السياسة والدين والتربية والصحافة والفنّ والطبّ والحياة الاجتماعيّة. ويكفي أن تسمعوا ما يقوله المغتربون الآتون من بلاد الحريّات لتعرفوا أنّ ما يرونه ويسمعونه في لبنان لا علاقة له بالحريّة ولا بالانفتاح ولا بالتقدّم ولا بالحداثة. فهؤلاء يحملون أولادهم وبناتهم بعد إقامة قصيرة في البلد ويهربون بهم عائدين إلى حيث توجد قوانين تخصّص للعهر شوارع وأمكنة وتترك للفكر كلّ الشوارع وكلّ الأمكنة. (المدونة،شؤون لبنانية، 16 نوفمبر2011م)

وأنا أقرأ هذا تنادى إلى ذهني أمران:
موضوع أن يكون المتنبي "مالىء الدنيا وشاغل الناس" عنواناً للدعر والفجور وهو أول عربي قومي خالص..لكأنّ عاليها قد صار سافلها كما صار لقوم لوط .. ثانياً تبرّمك من تقسيم الناس إلى جانبين أو جهتين أو لونين ليس العقل أحدهما.. فابتسمت بمرارة لأنه مرّ بي قول مارون عبود في أبي الطيب:" مالئ الدنيا وشاغل الناس" كلمة قيلت في أبي الطيب فسارت مع الدهر. ثم انقضى ألف عام ، والناس ، كما كانوا في عهده، رجلان، واحد عليه وآخر معه."

*   *   *

وفي (يعبر ملكًا ، من كتاب رسائل العبور - 2005) (المدونة:رسائل العبور. 8 يناير 2011م) تقول ماري:

2-faces-2-swans-2-in-loveكملك يعبر شوارع مملكته في يوبيله الذهبيّ ثمّ يعود إلى قصر البُعد والارتفاع. هكذا يعبر صديقي الآن. أنظر إليه وألوّح له كسائحة وُجدت صدفة بين رعايا مملكته، ولا تستحقّ أكثر من نظرة ملكيّة عابرة.
وحين يعود صديقي إلى قصره، لن يتذكّر سوى الجموع التي كانت تتدافع على جانبي الطريق، ولكنّه، لن يستطيع، مهما حاول، أن يتذكّر وجهًا واحدًا منها….

حبّ صديقي الذي يهيّئ الآن احتفالات عبوره. ولأنّني أحبّه سأتركه يرحل إلى حيث يريد، وسأشهق بالبكاء كمراهقة أمام موكب نجم عالميّ، وسأكتفي مثلها بذكرى اللقاء العابر أخبر عنه الأيّام الآتية. وسأكتب على الجدران كالمقاتلين الذين يتركون على حيطان متاريسهم آخر كلماتهم: صديقي مرّ من هنا، ومضى. وعندما يحلّ السلام، وتُمحى كلمات المعارك من ذاكرة البيوت التي عاد إليها أصحابها، سأتذكّر أنا، آخر المقاتلين، أنّ صديقي الذي مرّ من هنا ومضى إلى مجد طموحه، كان ذكيًّا فترك ساحة المعركة قبل أن تمزّقه أمّ المعارك وأشرسها، تلك التي يواجه فيها الإنسان نفسه…

رغب في أن أمسك الآن يد صديقي العابر، المشغول حتّى الاحتفال بلحظات عبوره الملوّنة بألوان رغباته المتناقضة. ولكنّ يده مشغولة بالتلويح للجماهير المجتمعة حول عربته الذهبيّة، وهو يمرّ كملك جميل آت من حكاية قديمة، ليعبر إلى مخيّلة طفلة، أخبرتها جدّتها بأنّ الحلم هو الحياة.

في هذا النص يدور الكاف على الواقفات على سطور النص كمن يرشهنّ ببخور (الجاوي) وليس بالريحان وماء الورد .. وأتنسّم كأكأة ولا أرى ملكاً :(كملك /مملكته/هكذا يعبر/كسائحة /مملكتهّ/ أكثر ملكيّة/ يتذكّر الجموع كانت/ ولكنّه/ يتذكّر/عابر كملك/ بمشاكل/ وكيف/ تكاد لا تتّسع لموكبه ..)
إن طيف صديقك المتوج بالـ (coward head) قد صدمته أم المعارك فـشهق بالبكاء. وأنا أشهد الصديق "العابر، المشغول حتّى الاحتفال"
إني أراها قرب الموقد تقص عليها جدتها .. "وهو يمرّ كملك جميل آت من حكاية قديمة، ليعبر إلى مخيّلة طفلة، أخبرتها جدّتها بأنّ الحلم هو الحياة".. أي بالله ، يا ابنة الكلمة، إنه لا يعرف ــ وهو الملك ــ
(the old wives' tale that a snake would always join its dead mate)
                غبي يشرب من البِرْكة  *  وانا با اسقيه قلبي جُود
                ويتبخّــــر من (الجاوي)  *  وانا عندي بخـــور العود
 
  

ـــــــــــــــــــــــــ

* ليست هذه مقالة بل بعض من تعليقاتي على نصوص للكاتبة نشرتها بمدونتها وبصفحتها على الفيسبوك.

** ماري طانيوس القصيفي. نشرت كتاباتها الأولى تحت اسم مستعار هو ( مي م الريحاني). كاتبة وشاعرة وروائية معروفة من بلدة الريحانية ، بعبدا ــ لبنان. صدر لها عن دار مختارات*: لأنّك أحيانًا لا تكون 2004، رسائل العبور 2005، الموارنة مرّوا من هنا 2008، نساء بلا أسماء 2008 ، وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية)2011 - أحببتك فصرت الرسولة (شعر)2012 - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012).

*** مدونتها ( صالون ماري القصيفي الأدبي )

**** على الفايسبوك (Marie Kossaifi ــ ماري القصيفي)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

imageأغنية ( لقيت مضنون ) كلمات ولحن: عبدالله هادي سبيت ، غناء: عبود زين

imageأغنية ( يا بخت من حب ) كلمات ولحن: عبدالله هادي سبيت ، غناء: رويدا رياض

22‏/1‏/2013

طرب لحجي: ذا حالي السلوب

كلمات : عبدالخالق مفتاح ، لحن: صلاح ناصر كرد  ، غناء: عبدالكريم توفيق

عبدالخالق مفتاح

 

المطرب عبدالكريم توفيق5من على حنجرة (المَرْخ) أطلّت شخصية عبدالخالق مفتاح في رائعته (بالعيون السود) شاعراً يدرك سرَّ القصيد، ويتقن فنَّ توظيف الروي في خدمة القافية، وألفيتَ "بنت الصنعاني" تسير في الجمال كأنها ليلة مقمرة خَلَت من الغيوم والهموم، تناهى إليها حُسنُ الطبع والمعْشَر، واجتمع الوقار والجمال. وفي (منك كيف توب) لقيت (مفتاح) شاعراً حلو المعاني، رفيقاً بالغواني، ولاقتك الكُرديّة نغمة آتية من فضاء بعيد. من على صبابة عبدالكريم توفيق أعلنت الندوة اللحجية فرمان الهوى العبدلي حيث لا تجُوز القطيعة و"عَرْقَبَة" المُحِب:

ذا حالي السلوب * يسبي القلــــوب

من لحظة يـذوب * ماشي له عيوبثوب العُرس الأخضر

كم يمسي الموَلَّــــــع في سِبّه يلوبْ

منّك كيف تــــــــوب يا ظبي الجنوب

*  *  *

يا نــا من عيونه * لوّعـني الجميــل

كــل الغيـــد دونه * ماشي له مثيــل

يا ربـــي تصـونه * من قــــال وقيـل

منّك كيف تــــــــوب يا ظبي الجنوب

استطلاع لحج2*  *  *

بالوعـــد المعلق * عَـــذّبني  الهَلي

قلبي كـــم تحرّق * لـيـــلي  يصطلي

ما يرضى بهــــــذا شـــرع العبـدلي

منّك كيف تــــــــوب يا ظبي الجنوب

*  *  *

يا ليـــــل الظفيـرة * والوجـه المُنير

في لحج الخضيرة * ماشي لك نظيرالقمندان2 (2)

أنت وسط قلبي * واللي في الضمير

منّك كيف تــــــــوب يا ظبي الجنوب

*  *  *

بأ ســاعة هنيّـة * من لقيـــــاك ثَـمْ

بالطلعـــة البهيّة * بــــــا ردّ النسَـم

ينسيني وجـــــودك نفسي والألــــــمتوفيق والمحضار بالكويت عام1965

منّك كيف تــــــــوب يا ظبي الجنوب

*  *  *

يا محــلا التداني * أوقــات السرور

واحنا بالأمـاني * من وحي الصدور

يا سيْـد الغواني * يومك يــــوم نور

منّك كيف تــــــــوب يا ظبي الجنوب

 

ـــــــــــــــــــــــــــــ

المفردات: سِبّهْ: بسببه. يُلُوب: يدور حول الشيء  حثيثاً يطلبه؛ ولابَ بالمكان: ألمّ به. الهَلِيّ: البض الناعم الرّغِد. العبدلي: سلطان لحج حتى العام 1967م. با ردّ النَّسَم: سأستعيد النّفَس؛ سأرتاح لبرهة بعد طول سير وعناء.

الشاعر عبدالخالق مفتاحالشاعر: عبدالخالق مفتاح. (1925 ــ 2007) ولد بحوطة لحج. شاعر غنائي جميل، حلو المعاني، رفيق بالغواني، وهو شاعر يدرك سرَّ القصيد، ويتقن فنَّ توظيف الروي في خدمة القافية. من أغانيه المشهورة :(بالعيون السود) و(مع النسنوس والبردة) لحن محمد سعد صنعاني وغناء الأولى عبدالكريم توفيق وغنى الثانية حسن القبيح،(ذا حالي السلوب) من لحن صلاج ناصر كرد وغناء عبدالكريم توفيق. و(كفايه صدك ياهلي) و(ياراعيه بين البوادي) لحن أحمد سالم مهيد. ومن لحن وغناء توفيق : (مجرب). ومن قصائده الجميلة (عشاق تضحك على عشاق) وفيها يصف الزيارات (الموالد) وهي احتفالات اللحوج الشعبية الشهرية التي كانت تقام للأولياء الصالحين. توفي في الحوطة وتوفي يوم الخميس13 يوليو2007م.

الملحن اللحجي صلاح كردالملحن: صلاح ناصر كُرْد (1935 ــ 1966). من مواليد الحوطة ـ لحج. تلقى تعليمه بالمدرسة المُحسنية. هو من بيت أدب وطرب. عُرِف كملحن مبدع. من ألحانه: لأحمد عباد الحسيني: (كان واللي كان كان) ، ( أسألك بالحب)، وللأمير محسن صالح مهدي من مقام الراست: (بنار الشوق قلبي تجلع) ولعبدالخالق مفتاح ( ذا حالي السلوب). توفي كرد في (حادثة الكود) الشهيرة التي توفي فيها معه (علي فقيه) قائد فرقة تلفزيون عدن (أخ فتحيه الصغيرة) وآخرون وكانوا في طريقهم لإحياء حفلة فنية بمنطقة (باجدار) في أبين في سبتمبر 1966م.

توفيقالمطرب: عبدالكريم عبدالله توفيق من مواليد مدينة الحوطة لحج عام 1946م. يتحدّر من بيت فني فأبوه (عبدالله توفيق) مطرب معروف، وخاله الفنان (هادي سعد). أُلحِقَ كريم بالندوة الموسيقية اللحجية في العام 1958م صغيراً فتعهّده كبار مطربي لحج وشعرائها. كذلك شجعه على الغناء أستاذاه: الفنان حسن عطا الذي ألحقه بالندوة الموسيقية اللحجية إبان قيادة الموسيقار فضل محمد اللحجي لها، ومحمد سعد صنعاني الذي أعطاه عدة ألحان نال بها شهرة. غنى من ألحان الصنعاني: (بالعيون السود) كلمات مفتاح، (ذا حالي السلوب) شعر مفتاح ولحن صلاح كرد، و(لوعتي) كلمات سالم باجهل، وأغنيتي: (يا قلبي الجريح) و(بداية الحب نظرة) من شعر صالح نصيب ولحن الموسيقار فضل اللحجي، وسجلهما في الكويت عام 1964م. عبدالكريم توفيق صوتٌ شجيّ مُطرِب، فيه مَدٌّ وامتدادٌ وسحر، ينثال حِلّ الغناء كشلالات جحاف ، وفيه تكسرّات موج صيره والغدير. صوت بعيد الغور اتساعاً وارتفاعا، وفيه حنانٌ تَمُوجُ فيه الجراح آهاتٍ وآهات .. يتميز بإتقان قراءة النص وحُسن أدائه وجدّيته وعلى أدائه يُعتمَد في تدوين الأغنية اللحجية والإنطراب لها. نشرت عنه في جريدة (الثقافية) مقالة: ( توفيق سلطان الطرب العبدلي) مثبته بالمدونة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

imageأغنية ( يا جزيل العطاء) كلمات : صنعاني مجهول ، لحن: تراث صنعاني ، غناء: فيصل علوي

imageأغنية ( حالي السلوب) كلمات : عبدالخالق مفتاح ، لحن: صلاح كرد، غناء: عبدالكريم توفيق