فقرات من كتابي: ( المقامة اللحجية .. نحن للطرب عنوان ):
من حنايا أرواح (بني ءسف) الحائمة على كدام (السّاف) و(المِنْصَاع)، مُتَرَنَّم اللحجيين..
من بين عروق "النثينيم والمشرّيم" طلع الفِتاحي، عَقْباً من أنابيش النغم، وفتحاً لحجياً يكرز بالمسرّة والسلام.
من حبيل فِتاحي ، من شعب اللبان، ومن مكيديم ونَعْمان، من عُريصمة، ومن مسيمير السراحنة، ومن الشقعة " تَحَوشبوا " للغناء ...
من الزمن اللحجي الزاهي بتيجان المجد الأدبي والسياسي .. ومن العهد العبدلي المزهو بسطور القصيد والنغم ..
من زمنٍ فاضَ فيه لبنُ اللحجيين وحقينُهم ..
من زمنٍ فاحَ فيه مِسكُهُم والطرب ، وسالَ سمنُهم وعسلُهم أعباراً بين (الرعارع) و(المَيَبْ) ..
جرت سفنهم على وجه المياه إلى (أوفير) بالنور والند والخير، وسارت جمالهم في البرية ، بالهوى والمعفصيّة ، تطوف بـ"البدريّة"؛ بالعود مبخّرة، وبالرباب مُعَفَّرة، منقوشة بالخضاب ، يفوح من أردانها الفلُّ والأزاب ، ويحفُّ بها الصحاب كما يحفّ السادة ومجاذيبهم بالنصُب والبيارق؛ وطارت لهم في الأثير أغانٍ سالت فواضلها على الجيران ..
أي بِلّه، نحن أولّ مَن ذاق لَذّة المعرفة يومَ أبصرنا الهدى بعين الفؤاد وسمعناه، وعلى المزامير والطنابير نَشَدنا الشعورَ قصيداً وغنّيناه ، وعشقناه جذباً فسُهداً فزُهدا. أخذنا من الطعوم ألذّها ، ونادينا من الروائح والرياحين: "يافل ياعود ياكاذي ويا غصن نرجس" .سيطرنا من الحواس على أربع، وتركنا حاسةَ العميان. .. وآبَ الناسُ بالأغنام سَلْبَاً / وأُبنا بالحواسِ مُكَرَّمينا.
جاهد الشعراء لبلوغ مطلبهم وما وجدوه، فجئناهم به ـ بذلك شهد الفرزدق. كانوا على الأرجاز وحداء الإبل يتسامرون فأحلنا واحاتهم دوحاً من الطرب الموقّع الأصيل، وغنى (مشيجح) من شعر أبي جوان.
طاف (سرجنت) بالعربان يتَنَشّدُهم عن قصيدهم فما سمعَ غير ثغاء وقوقوة؛ فدوّن شهادته:" ليس هناك شعراً ثرياً غنياً بالخيال كشعر لحج"..
ليس شعر الغناء اللحجي محض وعاء صوتي مطرب، بل هو عبارات ومعان، حُفّت برقيق اللفظ، وزُفّت بأنيس الصور، فجاءت الفكرة خصبية عميقة وأقبلت العاطفة دالةً متدللة، .
كبشار، تعالى الشاعر اللحجي عن العوام وظلّ بينهم، وهنا يقع سرّ تفوقه. بلغ ذروة الفن إذ خلق من أبسط المواد وأرخصها فناً عجبا. استغنى عن أدوات التشبيه وجاء بصور جديدة طريفة لم يسبقه إليها أحد:
أنتوا حلاوة بغيّة فوق معصوب * مَن شافكم بات عند الباب مجذوب
والأغنية اللحجية شعرٌ خالص نُظِم للخاصة ، وصُبَّ في بوتقة العامة ، وهي لحنٌ عمره الدهر، وضربٌ سلطانيّ صُكَّ في الحوطة العبدلية فخرج سبائك سبائك.
يسيل المجرى الأدبي بمحاذاة الوادي الأعظم من غير انقطاع. أشعار وأوتار، ومغنونَ وسمّار، وصحافة وندوات ونواد .. يعجُّ بالدان الأثير، وتضجُّ الموافي بالخمير والفطير، ومن خدور البدور يهبُّ البخور بالسرور ، ويحتل القرمش والمضروب صدورَ الموائد العامرة.
يوم كان (بنو عمّو)، في مفازاتهم القاحلة، منغلقين منشغلين بشئون الحياة اليومية، يضع شعراؤهم منظومات وأراجيز لتعداد المهن والحرف وأصناف الأسماك والتمور، كان اللحجيُّ مفتوناً بشجون الهوى والغرام، منفتحاً على المدى، يشرّع حلال تعاطي الهوى. وما كان يفوّت مناسبة الاحتفال بميلاد شوقي شاعر البلاط المصري، ففي قصر السلطان العبدلي أمراء شعراء، وشعراء أمراء ينشَدُّ بهم ظهرُ القريحة السيّالة فتنشُد ُ... هذا الأمير الرصّاص تصدر المعاني من رأسه ولا يتصيّدها، ويدقُّ بابَ الحكمةِ دقَّ غيرُ مستجير:
يقول أبو صالح الدنيا عمـارة كون * وكـل مخلوق على وجـه الدُّنى فانِ
تبني وبينك وبين أهل المباني بونْ * ياليت شعري، متى با يحكم الباني؟
أسقط اللحجيّ من شعار طرفة الحرب، وأبقى على "ذات الخباء المعمَّدِ"، لكنه لم يشترطها بهكنة (سمينة) فاللحجيات نحيلات رشيقات كغصون البان؛ وما البانُ إلاّ نبتةٌ من (تُبَن).
حرَث هذا اللحجي النحيل أرض الشعر فحبلت بالدرّ والدرر، وصحّ فيه وفي دهره قول المتنبي: ودهرٌ ناسُه ناسٌ كبارٌ / وإنْ كانت لهم جثثٌ نحيله
"اللحجيون مشاريع علماء .." هكذا قال أستاذ الأساتذة والأساتيذ عبدالله فاضل. نعم ، اللحجي كعارض الأعشى في حافاته شُعَلُ .. وجعل القومندان من لحج نشيداً عبدلياً ــ لنا نشيد الإنشاد لا "هبيلم هبيليم"..
* * *
هي ذي لحج في القرن العشرين، قطرٌ غنيٌّ ذي زرعٍ وخيرٍ كثير، حفلت بألوان من الحرف وبضروب من الأعمال كالفلاحة والحدادة والنجارة والإدارة.
هذا الوادي الكبير يسيل بالحياة، فيسقي الزروع وأعنابها .. هنا البساتين: (الحسيني والعرائس) تفيض بالفاكهة والرياحين، وعلى عدوتي الوادي تصطفّ القرى مكللة "مألّلَـه" بالغلال وأصناف الخضار، والمزارعون إما يفلحون أو يحصدون ، يستعينون بالرقص والغناء للتغلب على الإعياء:
وامصيرب صرَب صَرَب * والحجور كرّدوا العرب
هنا أعرابٌ قدموا من بئر حيدره والصبّيحة والحواشب وردفان والضالع فنزلوا سوق الحوطة بما ساقوا إليها من ماشية..
ها هنا المطاعم، والدكاكين، وأماكن لصنع وحدّ السكاكين .. المدرسة المحسنية وحلقات الدرس في المسجد الجامع
دورٌ وقصور، وعزف وسرور، ورقص وبخور، رياضٍ وبساتين، وبيذان وجنظال وتين، ومجالس للطرب والقصف، وما تأنق اللحجي في الملبس ولا المطعم بل ظلّ الكدر والخمير والفطير زاده المقدس الذي لا يحيد عنه ولا يستبدله، إنه سرّ العربي الأول الذي يفضل اللذات على الثروة، لا ينزل عن قيافته، فإن كان استغنى عن الجنبية، فقد أبقى على الكوفية والعمامة والأفود..
هاهنا الندوات يسمع منها الغناء اللحجي الموقّع، وفيها يتنافس المتنافسون. تخرِّج الندوة اللحجية الزبيدي والمرخ وفيصل علوي؛ وتضخُّ ندوة الجنوب درويش والعودي وعطا وسعودي وشاكر وابن حمدون.
هذان (فضل ماطر) و(الساتري) يدندنان ، وهذا (سرور)، في سوق بيت عياض، يشدو من شعر صالح علي عون:
ردّ بالدان واذي عــــــــاد قلبـك سلي * بن عون ما يسمـع الداعي ولا يستجيبه
شدّدون المُنيبه ، واقرنــــــون البقـر * (فالج) تخـرّب علينـا من أمــاكن صعيبه
في القلب ببني لخلّي دار عالي حجر * وصاحب الدار ما هو مثل مولى الزريبه
هذا المحيط الريان الفتان أنجب فيصل علوي …
سلام اللحجي خير وفاكهة وخضرة : "من الحسيني الذي نتخيّره".. وهديته للأحباب "مخاوي والهريس ألوان" ـــ على حد تعبير الكرامة. ماؤه مكبي ، ومشجبه عامر ، ومجامره لا تنطفي.
* * *
بنو سعد الطرب
الشعر العاطفي هو مادة الأغنية، وهذا الشعر يخرجه الحرمان ويذكيه الكبت؛ واللحن إطار ذهبيّ احتواه، صاغه متحَرِّقٌ متشوِّق حَذِقٌ آخر ، والمغني ملهم بدّاع ثالث عرف الغرام وجرّبه، وهكذا جاءت الأغنية اللحجية صادقة معنى ولحناً وأداء. إنها انعكاس صارخ لبيئتنا الخصبة بمائها النمير، وزرعها النضير، وخيرها الوفير. خرجت على غرار طباع منشئها وأخلاقه؛ رقيقة عذبة، بسيطة ومعقدة ، وخاصة وعامة، في شجوها وشجنها، في جمالها وعنفوانها، وفي نبضها الموقّع: سلطانياً رزيناً، وخفيفاً بوزن روح العوام.
الغزل في لحج محبوب وهو من طبيعة أهلها؛ وإياهم عنى المؤرخون بالقول: الغزل يمان. والغناء صناعة لحجية، وهي تدل على عظيم ما عاشوا من الترف والسُعد، وعلى مبلغ ما وصلوا من الرّقي والعمران. فصناعة الغناء، كما يقول ابن خلدون في المقدمة: " آخر ما يحصل من العمران من الصنائع لأنها كمالية في غير وظيفة من الوظائف إلا وظيفة الفراغ والفرح. وهو أول ما ينقطع من العمران عند اختلاله وتراجعه".
لقد عرف (بنو تبني) السعادة وعُرِفوا بها وعُرِّفوا. ذاقوها على الحقيقة والمجاز. أقاموها مزاراتٍ في بريّة (عُبَر السعدييْن)، وداروا حول (سعد) و(سعده) دهراً وبعض الدهر.. وهؤلاء (بنو سعد عشيران) بقيّا. والسعُد نباتاً وجدولا، وفاض سعيد والسعديين. عاش وادينا. وهذا فيصل علوي سعد واحد من السعداء ـ قُلْ معي عاش فيصل.
سارت بنت صاحب النسرين في الناس بالهناء والمسرّة. فعصَرَ اللحجيُّ على شرفها وداده وسهاده، وأسالَ عمرَه منىً وأمانيَ من نغم، وشرَبَ بقلبه، وأعلن فرحته على الملأ:
يا فرحتك يا فؤادي/ سال سيل الهنا / سقّوا زهور المحبة / بانقطف الفن زهرة
غنّت بنت دَرِينه والنوبي والظاهري وعيسى والطميري وسعد عبدالله وعلوي سعد، وتوارث الأبناء صنعةَ آبائِهم فجاء "السعداء": أحمد صالح عيسى ومحمد سعد الصنعاني ومحمد سعد عبدالله وفيصل علوي سعد فوق آبائهم. وإني أرى عناصرهم جميعاً ما انفكت تتجمّع في علوي وعماد وعبود.
ظلّ لواء الطرب معقوداً بعمامة فضل اللحجي، وسلك الوتر مشدوداً بيده حتى ظهر فيصل علوي فاستولى في جزيرتنا على الأمد.
في هذا المحيط نشأ فيصل علوي ..
من يد بنت كرعم العاطفي، بالطبطوب شربَ لبناً حتى (بأر)، وأكل من زبدة (الحشوي)، و تدمّغ بما تبقى في قاع (الكعدة)..
تصبّح مع جده حمادي من خمير النوافي بالسليط الجلجل، واندهَن ..
ومن "غِرْب" (الذَّرَعَه) تغدى كدراً وفطيراً ..
رعى لعمته كريمة أبقارها والغنم، وعبَرَ والوادي ممتلىء إلى جميع شطوطه، ووصل بـ (البوش) سالماً "صفافير الشمس"..
شرب من (عُبَر خِلاف) صافياً في غير ابتهار، واستقى مبتهجاً من الكَرَع "كَدِرَاً وطينا".. من هناك جاء ذلك العفير في صوته.
ترك المطرب (علوي سعد الفِتاحي) لأولاده: زين ومنيرة وأسماء وفيصل عوداً، وبقرة صفراء، ومهنّد من خشب وطين .. وهي سنة جارية أن يُوَرَّث اللحجي إمّا عوداً أو عموداً.
وألحق الموت زين وأختاه بأبيهم في نفس العام، فكان الميراث السنيّ من نصيب ابن السنة.
زُفَّتِ الأم إلى (كديمة السِّمر)، فحنت (العاطفية) على حفيدها "حنوَّ المرضعاتِ على الفطيمِ"، وأَسنَد الجدّ حمادي صاحب (نَعْمان الدريجة) ابن بنته اليتيم.
في مقهاية (السُّبَيتي) بالشقعة، يستمع الصبي لفضل محمد اللحجي يغني فيتسمّر أمام المذياع الخشب إذ سمع رعوداً تقصف، ورأى بروقاً تهمي وسحباً تتنادى ثم تنسكب سيلاً من نغمٍ يستولي على الوجدان ..
شغله ذلك عن بيع البيض ، ورجع إلى جدته ليتلقى ضربات المحماش.. وأكلت نار الموفى العود الموروث ـ والعقاب من جنس العمل. وبلغ به تأثره بفضل حدّ أن ظلَّ وجدانه متعلقاً بندوة الجنوب في حين هو عضو في الندوة اللحجيه، ولم يرتدع ـ هذا سعيد كرد يسمعه يغني، فيؤخذ إلى مقر الندوة اللحجية لاختباره .. وعلى عود السرحاني الحوشبي، من مقام ( الحسيني ) صدحت حنجرته الحالية بالدان اللحجي المؤصَّل:
قال ابو سعدان :
ما خيـــل في ( الشقعة ) تــــردّ العنــا .. وما تخــــرج إلا علــى شـان
ليتني يا حبيبي بلتقي بك يا هَـلـِي ، في السمر سـاعة هنيـّـة لهـا شـان
أنت في الغارة عمر بن علي تحضر وفي شارتك تشبه مزاحم وسفيان
" الحاضر يعلم الغائب" دق المسحرّاتي على الطبلة ، فتجمّع أهل ( الشقعة ) في (الصُّلبي) ، منام السالمي ، هناك أشهد العم عبدالسلام سعد الناس على قراره.. أمسك عبدالسلام بيد ابن أخيه ونزلا إلى الحوطة ليسلمه ليد صلاح كرد لإلحاقه بالمدرسة لتعلم القراءة والكتابة، ولتدريبه على الغناء، والقيام به..
دخلا الحوطة المحروسة فإذا هي ترفل في ثياب النغم العبدلي، زاهية بسلطانها فضل بن علي..
من نشحات ثبان ( الشلن ) على مجزوء الرجز، و من عود محمد سرحاني على مقام الرصد، وعلى لحن صلاح كرد رحبّت الندوة اللحجية بالقادم الجديد بصوت فضل كريدي:
إنـّـه الوجــهُ الجـديد * صاحبُ الصوتِ الفريد
جـاء يحيي من جديد * فنَّ هــــارون الرشـيد
إذا كان الشاعر ضمير الناس ولسانهم المتكلِّم، فالمطرب في عيون العوام وجدان الشعب ولسانه المترنِّم. هو مرقِّص الأحاسيس، وملاعبُ الخواطر، وله في جبرها نصيب غير قليل. وهم، في أتون تشوقهم وتحرقهم أو احتفالهم بالوصال، يسقطون من النص قائله. تستهويهم الموسيقى أكثر من البيان فلا يأبهون لمقول القول إلا في إطاره النغمي. وهكذا يصير "فيص" هو "القمندار" والقمندان هو "العلاو". وفي مثل هذا تاه المطرب أيضاً، وكان في تصريحاته عفوياً صادقاً معذورا.
فيصل علوي ثروة وطنية أفادت منها الجبهة القومية، وحمت،لذلك، رأسه فلم يلق مصير أستاذه.
تصدّر مغمورون واجهات المحلات، واستهلّت بهم الإذاعات والقنوات، واستجلِبَت لهم الفرق الموسيقية، وحُشِرَ (بن وُتيد) في محلّته. حاولوا جهدهم سدّ مَلَكَته، ولكن (بنت تبن) تفجّرت أعباراً من نغم، وتجمّعت سيلاً اكتسح عوائقهم المصطنعة وألقى بها في دوش الحسوة ..
بموهبة متفردة، وبقلب ملؤه حماسة وعزم، وبعشق وإخلاص ابتنى (الوتيدي) لنفسه وللحج ولليمن مجداً من نغم، فتجذّر في النفوس لحناً شجيّا. افتخر به اللحجيون وفاخروا، وتحلّقوا حوله فرادى وجماعات، قرى وبلدات، وهبّوا يؤازرونه ويشدون ظهره، ويطلبون فنه تتقدمهم وجوههم: الدبّأ والسرحاني وبغازي والخواجة والجيش في الحوطة، وفضل موسى في بيت عياض، وصنبور في جول اليماني، والهيلمي في المحلة، والشايفي في صبر، والمحلتي في الوهط .. آل مصعبين، وجيرع في هران ديان، والشيخ الحميدي في المجحفة، وعلى امتداد قرى الواديين إلى رأس تبن، وعلى عدوات بنا..
كانت هدية اللحجي لأحبته حال زيارتهم بحسب التقليد الموروث زنبيل حلوى لحجية، فانضاف إليها اليوم كاسيت من غناء (فيصل علوي). ومثلما حلوياتنا للمائدة حسن ختام، صار ابن علوي ضرورياً للمقيل كالملح للطعام، عنواناً للفرح، بل غدا وغصن القات صنوين ..
وحده اللحجيّ لا يعتمد على الدعاية لترويج بضاعته، فأغانينا كخضرواتنا وكحلوياتنا تعرّف عن نفسها، والعود ، شمّاً وسَمعاَ، شعار لحج وماركتها المسجلة.
بعوده وبصوته وبإيقاع (فضل ميزر) ينتشر طربنا في كل المعمورة، ويبسط جناح ملكه على الجزيرة والخليج طودم وتهمتم ..
غنى في الكويت وصاحب (شاديها) و(دوخيّيها)، وسامر في الإمارات زايدها وواليها.
طرب في المخادر والمهاجر، وفي الدور والقصور، في العشاوي والبيوت، وفي القاهرة وسوريا وبيروت، وفي لندن وفرنسا وأمريكا. عزف على (الحسيني) و(عشيران العجم) وانطرب لغنائه عرب وعجم.
ما كان في جزيرة العرب ولمّا يكن مطرباً بحجم فضل محمد اللحجي أو فيصل علوي، ولا بمقدار حمدون أو توفيق أو عبود الزين، ومع ذلك لم نتفايش، نحن اللحجيون، ولم ننصّب على مملكة الطرب أحداً من أصحابنا ، لأن العنجهية ليست صفةً لحجية، وليست تركتنا طارئة، بل هي ميراث دهور يتداوله الورثة محافظين مزيدين. ما نصّب العبادلة، وهم أهل الفنّ ورعاته، على سلطنة الطرب وليَّ عهدٍ ، ولا جعلوا على الميراث قيّما، واستُشهِدَ موسيقارُنا ولم يزُرْ سجلّ القاضي حسن جعفر... نحن للطرب عنوان.
للموضوع بقية …
ـــــــــــــــــــــــــــ
* هذه فقرات من محاضرة ألقيتها في فبراير 2006م بمقر إتحاد الأدباء بمدينة الحوطة ـ لحج بعنوان: (المقامة اللحجية.. نحن للطرب عنوان).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية ( على المحبين شنّي ) كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان ، غناء: فيصل علوي
المقام: السيكاه ، الإيقاع: مركّح 4/4 ، 116= .♩، (هاجر +2 مرواس)
أغنية ( لما متى تبكي ) كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان ، غناء: فيصل علوي