كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان، غناء: صالح يوسف الزبيدي وعبود زين
المقام: الراست ، الإيقاع: مركّح ( 4/4 هاجر + مرواسين )
دورٌ وقصورْ ، من طينٍ وياجورْ، وعزف وسرورٌ ومسرورْ، ورقص وبخور.. رياض وبساتين، وبيذان وجنظال وتين، ومجالس للطرب والقصف؛ وما تأنق اللحجي في الملبس ولا المطعم بل ظلّ الكدر والخمير والفطير زاده المقدس الذي لا يحيد عنه ولا يستبدله. إنه يفضل اللذات على الثروة، لا ينزل عن قيافته، فإن كان استغنى عن الجنبية فقد أبقى على الكوفية والعمامة والأفود …
هذا الوادي (تُبَن) يسيل بالحياة فيسقي الزروع وأعنابها .. هنا البساتين: (الحسيني والعرائس) تفيض بالفاكهة والرياحين، وعلى عدوتي الوادي تصطفّ القرى مكللة "مألّلَـه" بالغلال وأصناف الخضار، والمزارعون إما يفلحون أو يحصدون ، يستعينون بالرقص والغناء للتغلب على الإعياء..
هاهنا الندوات يُسمع منها الغناء اللحجي الموقّع، وفيها يتنافس المتنافسون. تخرِّج الندوة اللحجية الزبيدي والمرخ وفيصل علوي؛ وتضخُّ ندوة الجنوب درويش والعودي وعطا والسعودي وشاكر وابن حمدون.
حرَث هذا اللحجي النحيل أرض الشعر فحبلت بالدرّ والدرر. إنه كعارض الأعشى في حافاته شُعَلُ.. لقد جعل القومندان من لحج نشيداً عبدلياً ـــــ لنا نشيد الإنشاد لا "هبيلم هبيليم"… ويا خاطري لمّا متى عادك مولّع به تهيم؟!
نقلنا هذه الأغنية من أسطوانات طه فون ، مستر حمود/ عدن. تخت الأستاذ سعيد أحمد حسين اللحجي شقيق المطرب مسعد؛ وعلى عود الموسيقار فضل محمد اللحجي ولمساته على اللحن واضحة. لحن هذه الأغنية رخيم شجي ، فيه أنين عذب، وحزن وشجن .. أهديها لإبني المطرب عبود زين لأني أكيد من أنه سوف يؤديها بذات الشجى والشجن بل وسيضيف على اللحن من قلبه العامر بالنغم. سمّعني إياها يا سيّد !
يا خاطري لما متى عادك مولّّع به تهيم؟
غزلان في الوادي وزاجـــل بلبــل الروضة رخيم
يا خــــــاطري لما متى عادك مولّـــــــــع به تهيم
من زهرة البستان سَرّى العرف في الليل النسيم
يا خــــاطري لما متى با تــــــــــذكر الخـــلّ القديم
ماشي لحبّه من دواء ، ولا تبصّـــــــــر له حكيــم
فكـــــــــم سعينا في الهوى، وكــــــم بذلنا فيه قِيْمْ
ماشي ظهــر منّه نبأ ، ولا عرف خَـبــَـــره غريـم
ولا عطف ظبي الخبـــاء ساعة على القلب الأليم
نـــــار الهوى من فُرقتهْ تكـــوي فـؤادي جيم ميم
ومبسمه فيـــــــه الشفاء يطفي اللهيب سكّر وليم
يا ما تمنينا لقـــــــاء وحــــــار في الأمــــر الفهيم
يا الله أهــدنا في ذا الهوى باب الصراط المستقيم
عنـــــــدكْ دِيَة لا فـات قلبي فـــي الهوى وأنتَ أَثيم
أفتى (الفقيه أحمد) ونفّذ حكمها قـــــــــاضي تريم
ـــــــــــــــــــــــــــ
* الأغنية بصوت صالح يوسف هدية من صديقي الخبير الإعلامي عادل مبروك ( رحمه الله).
المفردات: قِيْم: قيمة، ثمن. غريم: هنا شخص، إنسان. لا فات: لو ذهب قلبي وفُنيَ. الفقيه أحمد: هو الفقيه أحمد النخلاني مفتي الديار اللحجية على العهد العبدلي. حار: احتار. تريم: مدينة السادة والفقه والعلم بحضرموت.
الشاعر: الأمير أحمد فضل بن علي محسن العبدلي الملقب بـ (القمندان) (1885 ــ 1943). ولد في مدينة الحوطة محافظة لحج ـ اليمن، هو أبو الغناء اليمني ورائده في كل جزيرة العرب بلا منازع. شاعر عامي فحل، وكاتب مجيد ومؤرخ ثقة. كتب الشعر العامي فتسلل إلى قلوب الناس إذ وجدوا في أغانيه تعبيراً عن مشاعرهم وما تلتهب به أفئدتهم من لواعج الغرام. غلبت على شعر الأمير بساطة المزارع وفرحة الفلاح ؛ فالأرض والزرع والخضرة والريحان هي غاية متعته، بل كانت المرأة وسيلته للتمتع بالفاكهة والرياحين أو مكملاً ضرورياً لذلك.
ترك الأمير القمندان ديوان شعر عنوانه: "الأغاني اللحجية" صدر عن مطبعة الهلال ـ عدن عام 1938م ، ثم وسّعه وأسماه:"المصدر المفيد في غناء لحج الجديد" وصدر عن مطبعة فتاة الجزيرة ـ عدن عام 1943، ثم عن دار الهمداني ـ عدن مرتين في 1983و1989م، وفي بيروت عام 2006 . وفي التاريخ ترك كتاب "هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن"(ثلاث طبعات)، وله أربع مقالات:"فصل الخطاب في تحريم العود والرباب" و"لمن النصر اليوم: لسبول الذرة أم لطبول المجاذيب؟"و"الخزائن المظلمة"و "وداع بيت على أكبار"، يجادل في الأولى السيد الحضرمي صاحب كتاب "رقية المصاب بالعود والرباب" ، ويدعو في الثانية والثالثة إلى التخلي عن الشعوذة وخرافات القرون الوسطى والسير نحو العلم والعمل والتحرر، وفي الرابعة يودع داراً استئجرها من هندي بعدن إبان الإحتلال العثماني للحج في الحرب العظمى. زاره الأديب الكبير امين الريحاني في لحج وأسماه في كتابه (ملوك العرب):"شاعر لحج وفيلسوفها" ووصفه بـ"سلك الكهربا في لحج". نشرنا عنه عدة مقالات بالمجلات والصحف ومحاضرات جمعناها في كتاب: (القمندان.. الحاضر بمجمرة رومانسية).
المطرب: صالح يوسف الزبيدي: من مواليد الحوطة ــ لحج. هو الثالث من المطربين اللحجيين بعد الموسيقار فضل محمد اللحجي ومسعد أحمد حسين شقيق الأستاذ سعيد أحمد حسين صاحب التخت. كان يعمل في اللحام والغناء لديه هواية لا مهنة كما هو حال أخيه الفنان المشهور احمد يوسف. لصالح يوسف أغاني للقمندان منها تسجيلات على الأسطوانات منها: (في الحسيني جناين)، ( يا خاطري لما متى عادك مولّع به تهيم) على أسطوانات جعفر فون مستر حمود / عدن، (وا على الحناء) و(نجيم الصباح) وسجلهما على أسطوانات عزيز فون، وله (نعسان ماشي مثيله)، ومن شعر علي عبيد محلتي غنى (رجائي من الرحمن). أمتاز صالح بصبابة شجية وأداء مقبول بمقاييس ذاك الزمان الجميل فلقب بـ (بلبل لحج). توفي في حوطة لحج وقبره فيها.
المطرب: عبود زين محمد السقاف ويعرف بـ(عبود خواجة) وخواجة لقب لأبيه ، أما هو فجمهوره يلقبه بـ (ربان الطرب). ولد عبود في 29 نوفمبر 1972م بقرية الوهط بلحج. والوهط بلدة علم وأدب وطرب منها نبغ شعراء غنائيون مميزون مثال سالم زين عدس ومهدي علي حمدون ومنها بزغ المطرب الشهير محمد صالح حمدون رحمهم الله جميعاً. بدأ الغناء صغيراً في العام 1984م وقد تعهده المطرب الشيخ يحيى محمد فضل العقربي وذاعت شهرته إلى كل اليمن وخارجها. عبود هو خلاصة رؤوس الطرب الكبار في لحج، يؤدي ألوان الغناء اليمني على تنوعها واختلافها, بإتقان وبإطراب لا تجده عند سواه. لذلك وجدت اللحجيين والصناعنة واليوافع والحضارمة وأهل الحديدة وأهل الجزيرة يفسحون له في صدور مخادرهم ومحافلهم ومجالسهم. وإلى جودة غنائه وإطرابه، يتفرّد عبود في عزفه على آلة العود فيأتي بما يبهر الحس ويسعد الوجدان. نشرنا فيه بمجلة الثقافية وصحيفة الأيام مقالات: " الوهط دار المسرة"، " الصاعد من مقام الروَاد" و "فرحة العود في طرب عبود".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية ( يا خاطري لما متى ) كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان، غناء: عبود زين 195
المقام: الراست ، الإيقاع: مركّح ( 4/4 هاجر + مرواسين )
أغنية ( يا خاطري لما متى ) كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان، غناء: صالح الزبيدي