كلمات: يحيى عمر أبي معجب اليافعي ، اللحن: تراث يافعي ، غناء: عبود زين وعلي صالح اليافعي
استجابة للظرف المحيط كان الشعراء جميعهم شجعاناً، ولكنَّ نفر منهم كانوا متمردين ـــ والتمرّد في الشاعر سمة خير وبركة ، شرط أن لا تخدش الحياء العام. هوذا اليافعي يحيى عمر، كأضرابه من المتمردين ، شاجع حتى في الهوى. يطرق طلباً للمعشوق ويرى في ذلك بطولة ورجولة ، ولا بدع إن افتخر بذلك فطريق الغرام قد عبّدها الأجداد "الموالعة". سما الجاهلي إلى صاحبته بعدما نام أهلها، و"تجَشَّمَ الأمويُّ السُّرى بليلة ذي دوران، واليافعي سليل أولئك ، و.."طريق الجد مدحوقة":
يحيى عمر قـال والله ما دريت / أن الهوى هكــذا يفعــــل معي
والله لو كنت أدري مـا اهتريتْ / إنّي مع العشق شاعر شاجعِ
ولا عادْ في باحة العشقة دَوَيتْ / ولا تَسَمَّيتْ (يحيى اليــافعي)
وفي الليـالي الظليمة كم سَريتْ / مــع نسور الهواء والسافعِ
بلى، ليس اليافعي أوَّل من سرى عاشقاً ، بل هو سائر في طريق الغرام التي سنها أبو الشعر العربي. دخل الجدُّ المؤسس خدرَ (عُنيزة)، وقلَّده الأبناء فتسلَّل المخزومي إلى خباء (نُعم) ، وتدلَّى الفرزدق لصاحبته من ثمانين قامة، وتبعهم الحفيد (الجمالي) فدخل حجرة الهندية و" شلّ الدان " في حُجرها :
قلت أشرِفْ / هًيا تفضّل واعطفْ / لا تقلِفْ / أنْزُلْ ليحيى واطرِفْ / ذا المُدْنَفْ / هـايم بحبك وحدي
قال لي ناه / ولا اعترف لي معناه / يا غُبْنَاه / كم ذا يعذّب مضناه / كيف اشناه / ومسكنه في كبدي
إنّ روح أبي معجب بديعة في تمردها، حلوة وطرية ومرحة. ترى أسنان صاحبها فتبتسم فرحاً ، فلا جفاف ولا عبوس : ثلاثة أعوام راحة بالزمن * بالهند ، لا بـرّدهْ راسي حمِيْ:
يحيى عمر قال لا بندر عدن * وا مركب الهنـــد ليتك عازمي
تجمّل اليوم خُـــذ زايـــد ثمن * وشلّ عاشق مولّــــــع هايمي
عاشق بُلي في هوى حُمر الوجن * يفطّريني وانا الاّ صايمي
ثــــلاثة أعوام راحهْ بالزمن * بالهنـد ، لا بـرّدهْ راسي حمِيْ
الخمر لي والعسل لي واللبن* وبالرضا شُــل أو بالصــارمِي
ما عـاصي إلاّ توطّى لي ودَنْ * ولا بايقــــــــدِم أمـامي قادمي
والليلة القلب يتــذكّــــر وحَنْ * قلبي وعيني وعقلي حـــاكمي
قالين يا يحيى إنْ عا لك وطن*حيث الوفا والكرم باسمهْ سُمِيْ
فقلت: يا ليت أنا فوق المُزَنْ * باطير واهبطْ على حيد أصيمي
بادواي الروح في بنـدر عدن * منّه عـــــلاجي ، ومنّه بلسمي
يافع حلالي به الوجه الحسَن * حــلاوة اسمهْ حــلا يمـلأ فمي
وكيف بنساه؟ حبّه قـــد سكن * داخـل فـؤادي ويجري في دمي
ـــــــــــــــــــــــــ
المفردات: لا بندر عدن: إلى مدينة عدن. راحهْ بالزمن: راحت، مرت ثلاثة أعوام من الزمن. لا برّدهْ: أي لو برّدت الدنيا حمي رأسه فقداً لأحبابه. ولا بقدم عليَّ قادمي: لن يتقدم عليّ متقدم أو مقدَّم في قومه. إنْ عا لك وطن: إن عاد هناك لك وطن موصوف أهله بالوفاء والكرم. أنا فوق المُزَن: أي إنّ سكني بجبال عالية أعلى من السحاب؛ من المُزن/ الأمطار. وألفت نظر المغنين أن مفردة (المُزن) هنا ينبغي أن تقرأ بفتح الزين بحسب النطق العامي اليافعي وليس بالفصحى، وأرفق هنا هذه الصورة لمنظر من قرية المعزبة في بلاد المحرمي في يافع حيث تكون السحاب أدنى من مساكن اليوافع ؛منظر يقرّب المعنى. حيد أصيم: جبل صم صلب.
الشاعر: يحيى عمر (أبو معجب) الجمالي اليافعي شاعر عامي غزلي "فحل" عاش ما بين عامي ( 1642 ــ 1749م) . ولد بيافع لحج وعاش بها ثم عاش بصنعاء زمناً ثم تنقل على المراكب من عدن إلى حضرموت وتردد على المخا والخليج ومنها هاجر إلى الهند فزار حيدرآباد الدكن ومدراس وكلكتا، ثم ولاية (برودة) حيث كانت بها جالية حضرمية فاستقر هناك وتزوج ، والظاهر أنه مات هناك. كان يحيى عمر يجيد العزف على العود (القنبوس). نال شهرة واسعة في اليمن والجزيرة والخليج. وشعره مرغوب محبوب لسهولته وموسيقيته وجرأته ومرحه. هو شاعر عاشق فارس يجد المعمودون وأهل الغرام في أغانيه تجاوباً وصدى لما تفيض به أفئدتهم من لواعج الغرام حِلّ الوصال أو ساعة الحرمان والهجر بكلام يافعي زاخر بالبساطة والحياة. غنى له الدوخي الكويتي وضاحي البحريني والمسلمي وفيصل علوي والمرشدي وكثيرون غيرهم. جمع شعره الغلابي وبو مهدي وذيبان وعوض مثنى في كتاب أسموه: (غنائيات يحيى عمر) صدر عن دار الكاتب العربي ـ دمشق في 1993م؛ كما أصدر الخلاقي كتاباً آخر عنوانه : (شل العجب .. شل الدان) طبعتين عن مطبعة جامعة عدن 05 و 2006م.
المطرب: عبود زين محمد السقاف ويعرف بـ(عبود خواجة) وخواجة لقب لأبيه. أما هو فالجماهير تلقبه (ربان الطرب) ولد في 29 نوفمبر 1972م بقرية الوهط بلحج. والوهط بلدة علم وأدب وطرب منها نبغ شعراء غنائيون مميزون مثال سالم زين عدس ومهدي علي حمدون ومنها بزغ المطرب الشهير محمد صالح حمدون رحمهم الله جميعاً. بدأ الغناء صغيراً في العام 1984م وقد تعهده المطرب الشيخ يحيى محمد فضل العقربي وذاعت شهرته إلى كل اليمن وخارجها. عبود هو خلاصة رؤوس الطرب الكبار في لحج، يؤدي ألوان الغناء اليمني على تنوعها واختلافها, بإتقان وبإطراب لا تجده عند سواه. لذلك وجدت اللحجيين والصناعنة واليوافع والحضارمة وأهل الحديدة وأهل الجزيرة يفسحون له في صدور مخادرهم ومحافلهم ومجالسهم. وإلى جودة غنائه وإطرابه، يتفرّد عبود في عزفه على آلة العود فيأتي بما يبهر الحس ويسعد الوجدان. نشرنا فيه بمجلة الثقافية وصحيفة الأيام مقالات: " الوهط دار المسرة"، " الصاعد من مقام الروَاد" و "فرحة العود في طرب عبود".
المطرب: علي صالح اليافعي. من مواليد 1964م من الربيعي. أنشأ مع عاطف غرامة وفضل محسن الربيعي (فرقة يافع) عام 86م. ثم تركها وهاجر إلى جده بالسعودية. مطرب له صوت جميل مشحون بالشجن اليافعي، وهو اليوم مطرب يافع الأول. له أغاني وتسجيلات كثيرة من شعر شعراء يافع كيحيى عمر والخالدي وغيرهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية (إلى بندر عدن) كلمات: يحيى عمر ، اللحن: تراث يافعي، غناء: علي صالح اليافعي 115
أغنية (إلى بندر عدن) كلمات: يحيى عمر اليافعي ، اللحن: تراث يافعي ، غناء: عبود زين 227