الصناعنة وبنو تبني هم أول من ذاق معنى الحياة الشاعرة من بعد خروجهم المظفر من "الكامِل" وعليه. إنتفضوا على قصائد الحنتيت والكبريت والمصطكى ، وثاروا في وجه موالد الجذب والضلال ، فكان لهم فضل إخراج أخيهم اليمني من كامل الرقاد المتعفن إلى أنوار القمر والنيون ، وأضواء العشق والسمر الحلال. دعوهُ إلى حلال الحب والحياة فاستجاب ، واستبدل ببياض كيس النوم المُزَيَّت بالوباء ، والمُنَيَّل بالظلام طلْق الحرية وانطلاق النور وبياض الكفوف والخدود.
استبدلوا حزام الرصاص المطوق لخاصرته بوشاح النسيب ، وأمطروه بوابل من زنابق الربيع: أغانٍ عذبة ، وخواطر غرامية ، ومحاورات مع الأزهار والأطيار ، ودعوه إلى إهتبال الفرصة السانحة.
تجرأوا وما جددّوا. استجرّوا طباع الأسلاف الشعرية وساروا على خطى أصول شعر الغزل العربي الموروثة المعروفة، ووقفوا على أهمها: صدق العاطفة ، ونزاهة الموقف ، وبراءة الجرأة. آمنوا أن الحب سنة الحياة من قبل (جُرهم) ، وأن الخروج من ضلالات القرون كالخروج من ظلمات البطون ، بالمحبة والعمل الجريء والإيمان يكون. والمحبة عمادها القلب والوجدان ، والشعر لها ترجمان ؛ فكانت لهم فلذات مشكورة ، وسقطات معذورة وأخرى منكورة ــــ والكمال لصاحب الكمال جلّت قدرته.
لقيت في المسقى قـــدا المحلّه * في مـورد المـاء لي لَقِي
فقلت له عِــرْني سُقــــــــاك لله * إنّي ظـــويــمي شاستقـي
رمــى السُّقا لـي وَرَنا بنظـــرة * بالمـوت صــارمها سُـقي
وقـــــال لا تحبِس فشــــــانزلّه * زلًّ الرفــــاق ما حّـد بقي
توشيح
فقلت إنْ زلَّ الرفيق/ شاكون رفيقك في الطريق/ وامسي معاكم في الفريق
تقفيل
شافرِشْ خُديدي لك بكــلِّ رملَه * خـــدّي لِأقــــــدامكْ يقي
فورد اوجـــانه حيا وخَجـْــــــله * وافتــــرَّ عن لؤلؤ نقي
* * *
بيت
فقلت بالأوجــــــان ذي النــدـيّة * أيـن مسكنك، وانت لِمَن
قال نسبتي في الحُسن يوسفية *وارض المحرّقْ لي وَطَنْ
فقلت شــــربه من يديـــك هنيّة * وأمَلِّكـَــــكْ روحـــي ثمَن
وشاخدِمَك وآتيْ حِمَــــاكْ أحِلَّه * مَن حـــــل فيكـم ما شقي
توشيح
فهزَّ عَسَّال القوام / وقال ما شا ذا الكلام / ما شاتجيني شي حرام
تقفيل
فقلت برد حـــــــــــــــــرقتي بنهله * وارثـي لقلبي المُحْرَق
ان فيك مثل الناس خوف من الله * يا ذا الغـزال المـُحَرَّق
بيت
فقال طال حبسك وطال مزاحكْ * وانا معـك ما شا المِزاح
إنْ كان معانا شا يكون رواحكْ * رَوِّحْ فـــذا وقت المرَاحْ
فقلت أنا أول شالتَزِم وِشَاحــكْ * وارشف طلا كاسه أقاحْ
قال لي معكْ في ذا الكـلام عِلَّه * كنت احسبكْ صالِحْ تَقي!
توشيح
فقلت واظامي الوشاح / تحْسِبْ قلوب اهل الصلاحْ / ما تعَشقْ الغيد الملاح
كـــم من تقي ، يازِينــة الأشِلَّةْ * ويـا سَحـــــــــور المنطقِ
يطيش عقلـــه ويعيـش مُـــوَلَّه * حيـن تنطقي أو تــــرمقي
* * *
بيت
آح يا رداح ، بالله قفـي وشُقّي * قلبي بصــــــــارم اعينك
وفتشي قلبــــي عسى تــــرقي * حين تنظري أين مسكنك
هـــــــــــواك ملَّكْ مقلتيك رِقِّي * وفي عــــــــــيوني زيّنِك
أصبحت عبـــــدك احكمي بذِلِّهْ * بيعي وإلاّ فــــــــــاعتقي
توشيح
عِتقي التزامكْ في العناق / وأحلْ طوقك والنطاق / والثم فمك حالي المذاق
تقفيل
واشتم ماورد الخَفَـــــــر بقبلـة * من وجنتيك حين تَعرقي
ونلتقي داخـــــــلْ خِبــــــا وكِلَّه * قــــريب علـى الله نلتقي
* المقدمة من مقالة نشرتها بجريدة (الثقافية) العدد (145) في 6 يونيو 2002
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية ( لقيت في المسقى ) الكوكباني الصنعاني، اللحن: صنعاني، غناء: فيصل علوي 36
أغنية ( يقرب الله ) كلمات: عبدارحمن الآنسي؟ ، اللحن : صنعاني ، غناء: عبود زين 41