كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان ، غناء: العنتري وفيصل علوي وعبود زين
المقام: جنس بياتي على النوى ، الإيقاع: شرح لحجي ثقيل
رقّق شعراء لحج الشعر وخرجوا عن عموده التقليدي، و استهواهم الموشح الأندلسي لتجدّده وتنوّعه ، فاتبعوه زمناً ثم تجاوزوه معنى ومبنى. استحدثوا في فن الغناء حتى غدت الأغنية اللحجية طرباً سلطانياً آسراً ؛ فأتمّت اليمن عرسها، وطلعت على الناس متوشِّحةً بتواشيح صنعاء ، ودان حضرموت بأذنيها قرطاً بديعاً، ترفل في ثوبٍ ذي أذيالٍ مُجرجرَةٍ من غناء عبدليٍّ يأسر القلوب، ويفتن العقول، يُسعد الأسماع ويملأ الأصقاع. وهكذا دارت الرؤوس وتمايلت (مَيْحَةً ومرَكّح)، وتثنّت الأعطاف، وارتجّت الأرداف، وماحت القلوب الخالية من الهموم المتوجة بالورود، والعقول المتأججة بنيران الولاء للسلطان وللحبيبة. ودارت الكؤوس سريعة صِرْفَة دون أن يخالطها ماء من (بئر ناصر) ..
العهد العبدلي، هو العهد الذي أنجب الشاعر الأمير صالح سعد بن سالم صاحب كتاب "حوطة الفضائل"ومندوب الأمير القمندان إلى مصر لمبايعة أحمد شوقي، والشاعر الأمير علي بن أحمد فضل (الرصّاص) شاعر الحكمة ، وصالح فقيه صاحب القصيدة السياسية ، والأمير عبدالحميد عبدالكريم الشاعر "الخطير" والملحن الكبير ، وعبدالله هادي سبيت الثائر المجدّد، وعبدالخالق مفتاح الشاعر المتهجِّد ... وقبلهم وبعدهم القمندان "سلك الكهرباء في لحج" ونور الشعر ومرآته.
اصطحبه عمه السلطان (أحمد فضل محسن) إلى الهند فقرزم من هناك:
عليــك وا نـــــاشر تبـأ للحـوطة * عبّـر لنا من فلّها النيســـانِ
سلّم على الحوطة معك وا ناشر * من حين تقبل نوبة الهرّاني
والله القسم ما بفرقك يا الحوطة * لو با يشلّوني على العيـداِنِ
ثم اصطحبه أخوه السلطان عبدالكريم إلى مصر فلم تطب له وجوه السياسة هناك فصرخ يبعث أشواقه للحج وأهلها ووديانها وزروعها:
يا عاني تجمّــــل سلم لي ع الأحبــه جَمْ * بالشُّقـــر الــذي حمحم
بالله قل لهم مهما طــال البعــد عنهم ثم * إنّ الوصل شيء مُحتَم
بأ سمرة معاهم ما بأ النحـاس أو مَكْرَم * هات لي خُبرتي واسلَمْ
يا حالي عسل بأ منّك رشفة من المبسم * ترويـــني وتجلـي الهم
بافرّح بها أهلي وأصحـــــابي وابن العم * واللـي ما علــم يعلــم
أيام اللقـــــاء عادت با اتسلّى وبا اتنسّم * باشـمّ العســـل واطعم
ربّك في السماء لا تقنط من فضله ولا تكظم * بايغفـــر وبايـرحم
شنّي يا مطــــــر منّش باسقّي وبا اتحمّم * وأنتَ يا فهيــــم افهـم
سال السيل جانا الوادي يسفح ويتــلاطم * بأ رزقـي من المَقسَم
باسقّي الزريعي ذي في الثعلب بلا معقم * عَـــم الخيـــر فينـا عم
يا عمبأ مُشَيّم ليلي يُضــرَب لك المَهزَم * شـدّوا المُهر لك الأدهم
با اسلُقْ لا تُبأ جلجــــل ولاّ لا تبــأ مَتْلَم * وانته كِيْــــــــل واتكـرّم
يا عنبر من أبين باتبخّـر لي وبا اتشمّم * بأ قسمي من المَقْـــــدَم
باكتب لك شجوني بدمعي وانْ تبأ بالدم * وانته افهـم وقُـل لي تَمْ
إقرأ بســم ربـــــك خطي ذي بالقلم علّم * لا تـَظـلُــــم ولا تُظلَـــم
واحتمها بـذي له ماء الزرقاء وماء زمزم * سيّـــد فـي بنـي آدم
ـــــــــــــــــــــــــ
* نظمت في 15 ذي القعدة 1356 هـ / الإثنين 17 يناير 1938 م
** صورة السلطان عبدالكريم فضل تلوين وديع أمان
المفردات: بأ: أبغي ، أريد. النحاس: مصطفى سعيد باشا زعيم حزب الوفد المصري في عهد مصر الملكي. مكرم: مكرم عبيد باشا أمين سر حزب الوفد المصري. خُبرتي: جماعتي، ندمائي. با اتنسّم: سأروّح عن القلب. منّش: منكِ. الزُّريعي: اسم أرض زراعية واقعة في قرية (الثعلب) بلحج. عمبأ مشيّم: نوع من المانجو. المهزم: طبلة تُستخدم لنداء الناس إلى التجمع.با أسلق: سأبذُر البذور. المَتْلَم: الخط الذي يتركه المحراث على الأرض قبل وضع البذور، وتعني زرع من غير ثمر.
الشاعر: الأمير أحمد فضل بن علي محسن العبدلي الملقب بـ (القمندان) (1885 ــ 1943). ولد في مدينة الحوطة محافظة لحج ـ اليمن، هو أبو الغناء اليمني ورائده في كل جزيرة العرب بلا منازع. شاعر عامي فحل، وكاتب مجيد ومؤرخ ثقة. كتب الشعر العامي فتسلل إلى قلوب الناس إذ وجدوا في أغانيه تعبيراً عن مشاعرهم وما تلتهب به أفئدتهم من لواعج الغرام. غلبت على شعر الأمير بساطة المزارع وفرحة الفلاح ؛ فالأرض والزرع والخضرة والريحان هي غاية متعته، بل كانت المرأة وسيلته للتمتع بالفاكهة والرياحين أو مكملاً ضرورياً لذلك.
ترك الأمير القمندان ديوان شعر عنوانه: "الأغاني اللحجية" صدر عن مطبعة الهلال ـ عدن عام 1938م ، ثم وسّعه وأسماه:"المصدر المفيد في غناء لحج الجديد" وصدر عن مطبعة فتاة الجزيرة ـ عدن عام 1943، ثم عن دار الهمداني ـ عدن مرتين في 1983و1989م، وفي بيروت عام 2006 . وفي التاريخ ترك كتاب "هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن"(ثلاث طبعات)، وله أربع مقالات:"فصل الخطاب في تحريم العود والرباب" و"لمن النصر اليوم: لسبول الذرة أم لطبول المجاذيب؟"و"الخزائن المظلمة"و "وداع بيت على أكبار"، يجادل في الأولى السيد الحضرمي صاحب كتاب "رقية المصاب بالعود والرباب" ، ويدعو في الثانية والثالثة إلى التخلي عن الشعوذة وخرافات القرون الوسطى والسير نحو العلم والعمل والتحرر، وفي الرابعة يودع داراً استئجرها من هندي بعدن إبان الإحتلال العثماني للحج في الحرب العظمى. زاره الأديب الكبير امين الريحاني في لحج وأسماه في كتابه (ملوك العرب):"شاعر لحج وفيلسوفها" ووصفه بـ"سلك الكهربا في لحج". نشرنا عنه عدة مقالات بالمجلات والصحف ومحاضرات جمعناها في كتاب: (القمندان.. الحاضر بمجمرة رومانسية).
المطرب: فيصل علوي سعد ( 1949 ــ 2010 ). ولد بقرية (الشقعة) مديرية تُبَن محافظة لحج. احترف الغناء صغيراً بالتحاقه بالندوة الموسيقية اللحجية في العام 1959م بمعية كبار شعراء لحج ومطربيها. ومنها صدح بأولى أغانيه (أسألك بالحب يا فاتن جميل) من شعر أحمد عباد الحسيني ولحن صلاح ناصر كرد و (ورا ذي العين ذي تدمع) كلمات عوض كريشة ولحن صلاح كرد.. تميّز بعزفه الجميل على العود، وبصوته الجهوري الأخّاذ. بعد وفاة أستاذه الموسيقار فضل محمد اللحجي، غطّت شهرة (أبو باسل) كل جزيرة العرب، وغدا مطرب الجزيرة الأول بلا منازع. غنى في القاهرة وبيروت ولندن، وطاف أصقاع المعمورة يحمل شعراً ونغماً صافياً ضافياً، ومحبة وسلاماً. لقد كان أحد أعمدة الأغنية اللحجية في دورها الثالث. كتبنا عنه كتاب:(المقامة اللحجية: نحن للطرب عنوان). توفي في عدن في 7 فبراير 2010م
المطرب: عبود زين محمد السقاف ويعرف بـ(عبود خواجة) وخواجة لقب لأبيه. أما هو فالجماهير تلقبه (ربان الطرب) ولد في 29 نوفمبر 1972م بقرية الوهط بلحج. والوهط بلدة علم وأدب وطرب منها نبغ شعراء غنائيون مميزون مثال سالم زين عدس ومهدي علي حمدون ومنها بزغ المطرب الشهير محمد صالح حمدون رحمهم الله جميعاً. بدأ الغناء صغيراً في العام 1984م وقد تعهده المطرب الشيخ يحيى محمد فضل العقربي وذاعت شهرته إلى كل اليمن وخارجها. عبود هو خلاصة رؤوس الطرب الكبار في لحج، يؤدي ألوان الغناء اليمني على تنوعها واختلافها, بإتقان وبإطراب لا تجده عند سواه. لذلك وجدت اللحجيين والصناعنة واليوافع والحضارمة وأهل الحديدة وأهل الجزيرة يفسحون له في صدور مخادرهم ومحافلهم ومجالسهم. وإلى جودة غنائه وإطرابه، يتفرّد عبود في عزفه على آلة العود فيأتي بما يبهر الحس ويسعد الوجدان. نشرنا فيه بمجلة الثقافية وصحيفة الأيام مقالات: " الوهط دار المسرة"، " الصاعد من مقام الروَاد" و "فرحة العود في طرب عبود".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية (حالي يا عسل نوب) كلمات ولحن: الأميرأحمد فضل القمندان ، غناء: عبود زين 254
المقام: جنس بياتي على النوى ، الإيقاع: شرح لحجي ثقيل
أغنية ( حالي يا عسل نوب ) كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل القمندان ، غناء: فيصل علوي 36