شريط

13‏/9‏/2023

باحاشرة .. نعجة معي بيضاء

 



الوادي الفياض من طرائف بيت عياض
نعجة معي بيضاء
---------------------------------
كرؤبة بن العجّاج شعر باحاشرة رَجَزٌ كلُّه. وهو شديد الإيجاز حتى في استخدام بحر الشعر ؛ فلا ينظم على غير بحر الرجز في تمامه . والرجز بحر يستطيبه بدو الصحراء لأنه يتفق وتوقيع الإبل في سيرها. ينتزع الشاعر تشبيهاته من محيطه و صِنْعته ، ولا يعمد إلى إجهاد الخيال، غير أنه لم يخرج حلّ الغضب عن سلوك شعراء الهجاء و"سفاهتهم" ..
كان جرير سفيهاً مُفْحِشاً في هجائه يعمد إلى اختراع المثالِب حين لا يجدها ، ففي نقيضته لقصيدة الأخطل "خف القطين" هجا جرير تغلبَ و حَقَّرَ رجالهَم وشتم نساءَهم شتماً قبيحاً:

والتغلبيُّ إذا تَمَّـتْ مـــروءته * عبد يسوقُ رِكابَ القومِ مُؤْتجَرُ
نسوانُ تغلِبَ لا حلمٌ ولا حَسَبٌ * ولا جمــــالٌ ، ولا دِينٌ، ولا خَفَرُ

تلك هي أخلاق الخطفي وقد غضب ، كذلك يحمل الغضب بحاشرة إلى التشنيع والتشهير ونبش الأعراض ؛ غير أنه في حمى فورانه ورغبتة المتأججه للانتقام من الخصم ابتعدَ عن التصريح القبيح ، و التحفَ ثوب الكناية والاستعارة واكتفى بالتلميح. قال :
نعجة معيْ بيضا وجابَتْ لي سُـوُدْ * وِالعالمْ اللهْ أَينْ خالهْ أينْ بُوه
لا هُوْ منِ الساحــــلْ ولا من بَربــرَهْ * وانْتوا يا العُرَّافْ سيروا قلّبوه

لقد قارع هجّاء العرب الخصوم فشابه بحاشرة جريراً .. وكان جرير – كما وصفهُ بعضهم – جرواً هرَّاشاً ..