شريط

31‏/8‏/2023

المعلم عوض عبود والباب المسدود


الوادي الفياض من طرائف نوبة عياض
المعلم عوض عبود والباب المسدود
------------------------------

عوض بن محمد عبود رجل من نوبتنا معدود. اشتغل فراشاً لمدرستنا من يوم افتتاحها في 1963م، بل وتبرّع بأرضه الزراعية لتكون ميدان الرياضة للمدرسة، وكان أهل القرية يقدرونه ويتعاملون معه لكأنه نائب المدير؛ وذلك لقوة شخصيته وطيبته واخترام المدرسين وتقديرهم له. وبكلمة مختصرة: عوض عبود رجل شريف، وعفيف ونظيف اليد والقلب واللسان، له روح مرحة لا يشبع المرء من حديثه وحلاوة طرائفه.

كان لعوض خبرة بسيطة في البناء. وطُلب مرّة لبناء غرفة في قرية (نوبة الهرّاني)..
بكّر "المعلم" عوض مُصطحباً ولده خالد.. وصلا (هرّان) وشرعا في تقريب اللبن وخلط الطين بالهدّي والماء .. وجيء لهم بالماء والشاي وبالمسجل وكاسيتات فضل اللحجي وفيصل علوي .. فالوسطى في لحج يُعامل معاملة المطرب فيقدم له ولعماله: صبوح وغداء وشاي وحلوى وللوسطى قات من الحسين وتحضر مسجل وكاسيتات .. في ذلك تنشيط لهمة العمال بدلاً عن اهازيج الشغل القديمة أو إضافة لها ..

وضع عبود على الأساس الحجر اللِّبنة الأولى على صوت فضل اللحجي يغني من شعر القمندان:

سلّم على الحوطة معك وا ناشر * من حين تِقبِـــــل (نوبة الهرّاني)
والله القسم ما بفرقك يالحــوطة * لو با يشلّــوني على العيـــداني
يا ذنبهم ذي ودفـوا بي ســــــافر * يا ذنب ذي قال لي وذي ودّاني


منسجمان في العمل .. والأوسطى يردد: ناوله .. ناوله ، وولده يناوله الطوب وتورة الخلطة وهو يجيبه: والشقاء باوله ..
بنى عبود ثمانية أطواف وصار عليه أن يعمل السقالة ويحدد مساحة النوافذ.. وفجأة انتبه إلى أنه لم يترك فراغاً لباب الغرفة .. التفت نحو ولده وقال:
ــ خالد، وين الباب؟ كيف بانخرج؟ ناوله ناوله ليش ما نبهتني؟!
_ ونا شو درّاني .. والشقاء باوله ــــ والإبن بطبعه أمزح من أبيه ..

ضحك عوض وقال له: هيا كسّر .. كسّر يا ابني للباب خلينا نخرج ..

ولما عادا طفق أبو خالد يحكي الحكاية لأصدقائه ويضحك فترى في أسنانه بياض سريرته، وتشي سنته الذهب عن قلب من ذهب ..
حفظه المولى وصَحّه وعافاه وأولاده!

-----------------------
• المعلم والأوسطى (الوسطى) كلمة تعني (العمّار). اللٍّبْن: الظوب. الهدّي: هو ورق شجرة الإثل يخلط مع الطين والماء فيعمل على تماسك الطين ويعمل عمل الإسمنت في البلوك/ البردين.
• هذه القصيدة / الأغنية قالها القمندان وعمره 17 سنة عندما أصطحبه وأخاه عبدالكريم عمهما السلطان أحمد فضل محسن العبدلي (1898 ـ 1914) في زيارته للهند عام 1902
• الشقا: أي الأجر الذي يُعطى للعامل في العمل الشاق ويسمى (الشاقي). باوله: أربع عانات من الشلن (Shilling) وهي عملة انكليزية قدرها عشر عانات.
• السٍّقالة: لوح يوضع عل برميلين يصعد عليه البناء.
• الصبوح والغداء أمر ضروري ويضيف إليه صاحب الدار من كرم نفسه .. كما كان أيام الأسطى سعيد النجار وصاحبه كشمبر من الحوطة، وانزاد عليه المسجل على أيام المعلم صلاح أحمد نَعَم وصاحبه سعيد الطمبشي من عبر لسلوم ، وسنفرد لهم حلقة خاصة.