وأسبتَ تفاحة مع الـ(كتكت) (مَشمور) ، فصار للحج درزيّاً من الطراز الأول
كان أحمد صالح متعلماً ، وكان له (قمبوس) ، كما كان مغرماً بطرب فضل محمد اللحجي وتجمعهما صداقة وجوار ، ثم أنه هو الذي يفصل لمطرب لحج قميصه (البنجابي)
شق ابن الكتكت بصره على النور في حوطة لحج المحروسة عام 1946م .. ودخل ابن احمد صالح الكتّاب ، وختم الكتاب: قرآناً عربيّا ، وعُملَ له (الصاد) وحانت ساعة "عُرسه" المعرفي فألبسوه جديداً، وعمّموه بالعبدلية ، وتحلّق حوله أقرانه محتفلين ينشدون:
وا امتعلّم تعلَّم ، وا متعلَّم يا سينَ علمنا العلم كله عند ربك يعينَ
أكمل سعودي الإعدادية في المدرسة المحسنية في العام 1959م ليعمل موظفاً في إدارة الزراعة بلحج، وليلتحق بـ(الندوة الموسيقية اللحجية) كعازف كمنجة وعود. يكمل عامه الأول فيضع في 1960باكورة ألحانه لأغنية الأمير محسن صالح مهدي: "بنار الشوق قلبي تجلّع" من مقام الراست ، وهو اللحن الذي أجازه له شيخا الطرب الأمير الشاعر والملحن عبده عبدالكريم والفنان محمد سعد صنعاني، فسجله لإذاعة عدن بصوت فيصل علوي. هو نفس اللحن الذي حمله على ترك الملحن صلاح كرد وندوته في عام 1961والانتساب إلى (ندوة الجنوب الموسيقية) بقيادة الموسيقار فضل محمد اللحجي. وهناك وضع (سعود) ثاني ألحانه :"أنا والعقل في حيرة" من كلمات أحمد سيف ثابت وغناء علي سعيد العودي.
واشتغل (سعود) ـ كما كان يدعوه الموسيقار فضل اللحجي ، مساعداً لفضل في قيادة (ندوة الجنوب الموسيقية)..
وحتى لا تخرج عن كار السلا ، أخذت فاطمة بنت علي حسين لولدها زوجةً (فطوم) بنت صالح يوسف الزبيدي. وأنجبت له سبعة أولاد وبنتين هم: ردفان ، منيف ، عبدالناصر ، عبدالعزيز ، أحمد ، خالد ، محمد ، رابعة وأنصاف.
وانطلق عضو (ندوة الجنوب) يصوغ الألحان ويملأ الأسماع والأصقاع طرباً عذباً. لحن لصالح نصيب:" يقول لي للصدف خلي كفانا" و"تباني عود له ثاني" وغناهما العودي.
في العام 1966 شكل الأمير محسن بن احمد مهدي والفنان احمد بن احمد قاسم (فرقة الإذاعة والتلفزيون) واختير من لحج أربعة عازفين هم صلاح كرد وسعودي والنجار وفضل ميزر.
ثم ما لبثت أن توقفت هذه الفرقة بعد (حادثة الكود/أبين) الشهيرة التي توفي فيها: علي فقيه قائد الفرقة (أخ فتحيه الصغيرة) والملحن صلاح ناصر كرد، وآخرين وكانوا في طريقهم لإحياء حفلة فنية بمنطقة (باجدار) في أبين في شهر سبتمبر 1966م.
وصاغ سعودي خمسة الحان لدرر صالح نصيب هي: " يقول لي للصدف خلي كفانا" وغناها علي سعيد العودي ، و"ناموا كلهم ناموا" وغناها عوض احمد ، و" توبة من الحب " وهي طقطوقة لحنها وسجلها لإذاعة عدن بصوته ، و" الحب مش عيب" إيقاع مركح كويتي ثم كسرة شرح لحجي وسط.
ولحن من كلمات الأمير صالح مهدي العبدلي صاحب ديوان (على الحسيني سلام)([1]) أغنية:"يقولوا لي الهوى قسمه" وغناها مهدي درويش ، لكنها سجلت لإذاعة عدن بصوت ملحنها. ويقول السعودي أن الفنان مهدي درويش كان أبدع في أدائها منه . ولحن للسلامي :" كيف افعل بقلبي" التي سجلها بصوته للإذاعة ، و"حبيبي لو جفا" و"الحب حالي ومر" ، و"يستحيل اهواك من بعد الجفا" على إيقاع المركّح مع كسرة شرح لحجي وسجلها لإذاعة عدن ، و"محد جرحني ولا حد يوم بكاني" غناها فاروق عبدالقادر.
وعلى (إيقاع الرومبا ـ Rumba) لحن لأحمد صالح عيسى([3]):" أنا وانته " وسجلها لإذاعة عدن في التسعينات. وهي الأغنية التي يقول مازحاً:" جئت لها من الوسط" أي بدأ تلحينها من الكوبليه الثاني الذي نصّه:
ربيع العمر يطويني * ونار الهجر تصليني
وظلينــا مع الأيام * بين الشك والأوهام
نتقارب .. ونتباعد / نتصافى .. ونتعـاهد
كذلك لحن لأحمد صالح عيسى في أواخر الستينات رائعته " محلا خصامه حبيبي " على إيقاع سماعي وغناها عبدالكريم توفيق. وفي عام 1984 لحن لعيسى "عاتب" وسجلها للإذاعة بصوته.
درزي الألحان
اشتغل السعودي مدرساً حتى تقاعده ، واشتغل درزي الألحان كذلك درزياً عند صهره الشاعر محمد حسين الدرزي، ولما فصّل محمد حسين قصيدته "بعدت عني باختيارك" ضبطها (الكَتكَت) بلحن زادها جمالاً على جمال:
كتمت آهــاتي وحنيني فـي فــؤادي يـا ضنيني
حرمت نفسي نعيم حياتي وعشت أمسي وذكرياتي
من بعـــادك ــ ما شكيت / من عنـادك ــ ما بكيـت
بعدت عني بختيارك
ومن إبداعات سعودي المتميزة وضعه مقدمات لثلاث من أغاني القمندان عزفتها (فرقة الحوطة الموسيقية) التي تأسست في الثمانينات بإشراف محمد مرشد ناجي وكان وقتها المشرف على أغاني التراث بإذاعة عدن، والألحان هي: "ذنوب سيدي ذنوب يا ورد نيسان" و"غزلان في الوادي يا سُعد رعيانه" و"يا ذي تبوا للحسيني" وسجل الأخيرتين بصوته لإذاعة عدن.
ووضع ليوم جلاء المستعمر الإنكليزي لحناً لكلمات الشاعر (حمود نعمان – أبو كدرة) :"عيد الجلاء الأكبر" هو نسيج وحده؛ تلفّع فيه الفرح بالشجن فسرت في اللحن مسحة حزن عبّرت عن مقدار الفرح الأكبر الذي احتشد في الخاطر فنزل دمعاً من نغم.
زار السعودي بلدان: القاهرة ولبنان في الستينات والهند عام 1983 للعلاج ، وأديس أبابا ، وكانت زيارته الأخيرة عام 2003م إلى سوريا ؛ وقد أعجبته أديس أكثر من البلدان الأخرى لجوها الجميل وحسن استقبال أهلها ورخص الحياة فيها وقبل ذلك توفر القات هناك.
قال السعودي بحسرة لقد كنت أتمنى أن أدرس الموسيقى، وإني محتفظ بالأمل حتى وأنا بهذه السن. وهو يتحسر كيف لم يكن للحج فرقة موسيقية علمية في حين أن لدى عُمان فرقة نحاسية وطربية سلطانية تؤدي عازفاتها مقاطع من سمفونيات بيتهوفن ــ مع أن نحن عندنا بيت عياض!!
جالس السعودي فضل وساهره ، ونادم نصيب و سامره ، واشتغل مع الدرزي وصاهره.هو مطرب ملتزم ، مقل ، مُجيد ؛ وهو حاد في قلبه وفي فنه الذي يعشقه .