كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل العبدلي (القمندان) ، غناء: فيصل علوي وعبود زين
المقام: البياتي على درجة الحسيني ، الإيقاع: مركّح لحجي
إنّ رأسمال الشاعر اللحجي عاطفة. اعتقد أن السعادة في ثياب الغواني، فصال في الخدور ، وجال في القصور، وصاحب القامور .. في الحوافي غير حافِ ، سار نظّام القوافي وسْط تعكير النوافي ، وله مع كل خميرةٍ قصة ، وله عند كل خَبزَةٍ خَبر.
سرى "على راس الحنش يدعس ونابه".. يرْقِي سعاد ، ويجمِّش ليلى ، ويطلب المغفرة لفانوسة ..
متى عنّ المحبوب للشاعر اللحجي، أو سرى منه هبوب ، ذهب همه ، وتبدد حزنه وضيقه، وطاب خاطره. كل مقصده أن يرى محبوبه هانئاً ، سالياً ، طرباناً، سالماً إلا من الهوى. الهوى زاده وزوّاده. يغترف من بحر الغرام بالتنك متى عزّ وجود الدلو. لا قدرة له على فراق الزين.
كان مبتغى الجميلات، كنَّ يطلبنه ويخطبن ودّه ويأمِّرنه على قلوبهنّ .. وهو كريم في حبّه ، سخيُّ في عطائه: منهنّ من تستحق حبّه ، ومنهنّ مَن يستحق حُبّها ..
وليه تبكي ذا تُبن خطّر دَفَر .. إسمع الأنغام من عود الزَّجَر .. صنْ فذا الربّان قد زوّر وزر … يا عنب عاصمي .. يا خميسان:
حدثني خالي ، وكان صديقاً للفنان مسعد بن أحمد حسين ، أن الأمير القمندان ألقى هذه القصيدة في حفلة زواج (مخدرة) مطربه المحبوب مسعد بحوطة لحج. دخل القمندان المخدرة ولما توسطها وقف وألقاها على الحاضرين وذلك جَبراً لخاطر مسعد الذي كان غاضباً يومها ومقهوراً من أمر جرى له مع أحد أصدقائه؛ وبدأها بقوله: ابتسم جلّ لنا بيض الدرر * فعسى الحاسد ما يأتي شذر.
يا عنب عاصمي ..
مرحبا بكْ ويا حيَّا مِيَهْ يا خميسان
فوق غصن البان غنى في السّحَرْ
قمــري البستان ما ادري ما ذكــر
ليه يا قمـري (الحسيني) ما الخبر
ليــه هـــــذا النـــوح كُلّه والسهـر
ليــه تـبكـي ذا (تُـبَـنْ) خـطـّـر دفــَرْ
وغـصـون (الحَـيْــط) دلّــتْ بالثمـر
وسحـــاب الخـيــر أرخـَـتْ بالمطـر
هلّــتْ الأفــــراح في اليــوم الأغـر
والهنـاء في الدار يــومي والسمر
فاسمع الأنغـــام من صــوت الوتر
هات كـــأس الراح با نجلي الكدَر
هـــــــل مُزن الأنـس وانشق القمر
كم عقــدنا في الهــوى من مـؤتمر
كـــم حِلِيْ للقلـب تـغـريـــــدك ومَـرّ
كـــم تـمـــادى الحب فـيـنـا وعَـقـَر
ثــــم أوحــى فــي فـــــؤادي وأسر
إنّ أمـــــــــــر الحب فينا كالقـــــدر
ليس للعشــــــاق عــــــــذر أو مفر
يا غــــــــزالاً صـــــــــاد قلبي ونفر
جنّب الرحمــــــــــان عنكم كـل شر
ابتسم … جلّ لنـــا بيــض الدرر
فعسى الحـــــاسد ما يــــــأتي شذر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفردات: الحُسيني: بستان واسع بلحج مساحته 75 فداناً يشمل عدة بساتين هي:بستان الحسيني والرمادة وغرّة العين والبحيرة وحيط البصل، وكان الأمير الشاعر قد جلب كثيراً من غروس أشجار الفواكه من الهند كالاترنج والليمون والعاط والخرنوب والشيكو، والبيذان والمانجو والتمبل وغيرها؛ ومن الرياحين الفل والكاذي والنرجس والياسمين والخوع والحنون وغيرها. ومثلت بساتين الحسيني مغاني طيبة للشاعر. وقد زار البستان لشهرته عدد من الشخصيات العربية المرموقة : من لبنان الأديب الكبير(أمين الريحاني) صاحب كتاب (ملوك العرب) عام 1952م، ومن مصر الأديب السيد محمد الغنيمي، ومن تونس عبدالعزيز الثعالبي، ومن العراق الأديب صالح جلبيت وبعثة مجلة العربي الكويتية في استطلاعها عن لحج، وآخرون.
تُبَن: أهم وديان لحج وينقسم إلى واديين كبيرين الوادي الكبير والصغير وعلى طول ضفتيهما تمتد بلدة لحج الزراعية.. خطّر دَفَر: سال متدفقاً. الحَيْط: البستان سُمّي بذلك لتحويطه بسور. البَز: القماش قبل تفصيله ثوباً.
الشاعر: هو الأمير أحمد فضل بن علي محسن العبدلي الملقب بـ (القمندان) (1885 ــ 1943). ولد في مدينة الحوطة محافظة لحج ـ اليمن، هو أبو الغناء اليمني ورائده في كل جزيرة العرب بلا منازع. شاعر عامي فحل، وكاتب مجيد ومؤرخ ثقة. كتب الشعر العامي فتسلل إلى قلوب الناس إذ وجدوا في أغانيه تعبيراً عن مشاعرهم وما تلتهب به أفئدتهم من لواعج الغرام. غلبت على شعر الأمير بساطة المزارع وفرحة الفلاح ؛ فالأرض والزرع والخضرة والريحان هي غاية متعته، بل كانت المرأة وسيلته للتمتع بالفاكهة والرياحين أو مكملاً ضرورياً لذلك.
ترك الأمير القمندان ديوان شعر عنوانه: "الأغاني اللحجية" صدر عن مطبعة الهلال ـ عدن عام 1938م، ثم وسّعه وأسماه:"المصدر المفيد في غناء لحج الجديد" وصدر عن مطبعة فتاة الجزيرة ـ عدن عام 1943، ثم عن دار الهمداني ـ عدن مرتين في 1983و1989م، وفي بيروت عام 2006 . وفي التاريخ ترك كتاب "هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن"(ثلاث طبعات)، وله أربع مقالات:"فصل الخطاب في تحريم العود والرباب" و"لمن النصر اليوم: لسبول الذرة أم لطبول المجاذيب؟"و"الخزائن المظلمة"و "وداع بيت على أكبار"، يجادل في الأولى السيد الحضرمي صاحب كتاب "رقية المصاب بالعود والرباب" ، ويدعو في الثانية والثالثة إلى التخلي عن الشعوذة وخرافات القرون الوسطى والسير نحو العلم والعمل والتحرر. زاره الأديب الكبير امين الريحاني في لحج وأسماه في كتابه (ملوك العرب):"شاعر لحج وفيلسوفها" ووصفه بـ"سلك الكهربا في لحج". نشرنا عنه عدة مقالات بالمجلات والصحف ومحاضرات جمعناها في كتاب: (القمندان.. الحاضر بمجمرة رومانسية).
المطرب: فيصل علوي سعد ( 1949 ــ 2010 ).ولد بقرية (الشقعة) مديرية تُبَن محافظة لحج. احترف الغناء صغيراً بالتحاقه بالندوة الموسيقية اللحجية في العام 1959م بمعية كبار شعراء لحج ومطربيها. ومنها صدح بأولى أغانيه (أسألك بالحب يا فاتن جميل) من شعر أحمد عباد الحسيني ولحن صلاح ناصر كرد و (ورا ذي العين ذي تدمع) كلمات عوض كريشة ولحن صلاح كرد.. تميّز بعزفه الجميل على العود، وبصوته الجهوري الأخّاذ. بعد وفاة أستاذه الموسيقار فضل محمد اللحجي، غطّت شهرة (أبو باسل) كل جزيرة العرب، وغدا مطرب الجزيرة الأول بلا منازع. غنى في القاهرة وبيروت ولندن، وطاف أصقاع المعمورة يحمل شعراً ونغماً صافياً ضافياً، ومحبة وسلاماً. لقد كان أحد اعمدة الأغنية اللحجية في دورها الثالث. توفي في عدن في 7 فبراير 2010م. كتبنا عنه كتاب:(المقامة اللحجية: نحن للطرب عنوان). توفي في عدن في 7 فبراير 2010م.
المطرب: عبود زين محمد السقاف ويعرف بـ(عبود خواجة) وخواجة لقب لأبيه. أما هو فالجماهير تلقبه (ربان الطرب) ولد في 29 نوفمبر 1972م بقرية الوهط بلحج. والوهط بلدة علم وأدب وطرب منها نبغ شعراء غنائيون مميزون مثال سالم زين عدس ومهدي علي حمدون ومنها بزغ المطرب الشهير محمد صالح حمدون رحمهم الله جميعاً. بدأ الغناء صغيراً في العام 1984م وقد تعهده المطرب الشيخ يحيى محمد فضل العقربي وذاعت شهرته إلى كل اليمن وخارجها. عبود هو خلاصة رؤوس الطرب الكبار في لحج، يؤدي ألوان الغناء اليمني على تنوعها واختلافها, بإتقان وبإطراب لا تجده عند سواه. لذلك وجدت اللحجيين والصناعنة واليوافع والحضارمة وأهل الحديدة وأهل الجزيرة يفسحون له في صدور مخادرهم ومحافلهم ومجالسهم. وإلى جودة غنائه وإطرابه، يتفرّد عبود في عزفه على آلة العود فيأتي بما يبهر الحس ويسعد الوجدان. نشرنا فيه بمجلة الثقافية وصحيفة الأيام مقالات: "الوهط دار المسرة"، "الصاعد من مقام الروَاد" و "فرحة العود في طرب عبود".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غناء: عبود زين (ربّان الطرب)