كلمات ولحن : الأمير أحمد فضل القمندان ، غناء: مهدي درويش
على العهد العبدلي وإبان الإحتلال البريطاني لمدينة عدن ربط الإنكليز عدن بلحج بسكة حديد .. وسار القطار من المعلا إلى قرية الشقعة .. ثم استغنى الإنكليز بقرار من الحاكم (ويدردن ) عن القطار وجاءوا بمواتر (فورد) ، ويبدو من القصيدة أن السلطنة اللحجية احتجت على تقليع السكة دون جدوى ، وقد تم تقليعها وقت كان السلطان في زيارة للعراق. فنظم أخوه الأمير القمندان هذه القصيدة في صفر 1348 / يوليو 1929م وأرسلها إليه ليبلغه بالأمر وما يحدث للركاب من ازدحام ومشقة بسبب المواصلات.
قضية المواتر
يا كتـــــابي سير في البحر العظيم * لا تعـروج بالصراط المستقيم
واهبط البصرة على (عبد الكريم) * بلغه يا خطنـــــا منا الســــلام
قوله جينـاك شوف معنا خبر * كم وقع في الأرض هـذي من عبر
قلّعـــــــوا ( السكّه ) ولا خلّوا أثر * قال (ويدردن) ما يسمع كـلام
كم تخـــــــــــــابرنا وسوّينا بصر * والفرنجي ما رضي يسمع خبر
كملت الحيلة وضيعنــا الفِكَـــــــر * وعن اللحـــــم اكتفينا بالعظـام
يوم جانا الفورد يمشي في الردف * كلنا من (قهوجي) نأخذ سلف
والمخـــــــارج با يخارج بالصدف * اركبوا باب الكراء سنب وقام
حملوا الركّـــــــــــاب فيها اربعين * كأنها قصعة حشوها ساردين
هكـــــذا قـــــــــــانوننا يا مسلمين * في مواترنا مصيبه وازدحــام
تبصر المــــــــــــوتر حنيّه مفجعه * حمّله مــــــــــــولاه لمّا شبّعه
صَفْ ، والبنكه عليها أربعــــه * من صبر جالس ومن مل استقام
ذا تبنشر ، ثم ذا هبّ الكمــــــــان * حيّر الركــاب لا الساعة ثمان
اركبوا با يصلـــــــح الله كل شان * ما معـــانا ليت، والدنيـا ظــلام
ينزل الراكب من الموتر حَنون* من ضنى الركبه ومن شغل الجنون
اركبوا ما قـــــــــدر الله با يكون * الكراء بس ادفعـــوا وافي تمام
شاف ( ريني ) جـورهم لمّا بكى * قـــــــــال يا ربّي إليك المشتكى
بطّلوا القـــــــــانون وافتك الوكا * دائم والاستـــان ما يبرأ خصام
ضَـــــدّهم ريني من الأمر النكير * ركّبـوا المطفـــاح لا دار الأمير
معركه لما المغــــــــــوّر با يغير * لا حيـــاء فينا ولا نخشى مـلام
الكراء في التــاكسي نص روبيه * والمواتر قــــــاربت نحو الميه
والزرايب في الحــــوافي مَحشيه * بالجرشبويات أبنـــــــاء اللثام
هــل تشأ من بعد هــذا أن نزيــد* قد دخلنا اليوم في العصر الجديد
دلّنا يا الله على الرأي الرشيـــــد * والخبر با يفتهم من بعــــد عام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفردات: سنّب وقام: نهض بلا مبالاة. ليت: ضو. حنون: محني الضهر. الكرا: الأجرة. الوكا: حبل رفيع يربط به رأس الزير (الجرة) فيحميها ؛ انفلات الأمر بغير القانون. الاستان: المحطة (ٍٍStation). ضَدّهم:زجرهم. دار الأمير: هي مدينة دار الأمير سعد اليوم. الجرشبول: مساعد السائق.
الشاعر: الأمير أحمد فضل بن علي محسن العبدلي الملقب بـ (القمندان) (1885 ــ 1943). ولد في مدينة الحوطة محافظة لحج ـ اليمن، هو أبو الغناء اليمني ورائده في كل جزيرة العرب بلا منازع. شاعر عامي فحل، وكاتب مجيد ومؤرخ ثقة. كتب الشعر العامي فتسلل إلى قلوب الناس إذ وجدوا في أغانيه تعبيراً عن مشاعرهم وما تلتهب به أفئدتهم من لواعج الغرام. غلبت على شعر الأمير بساطة المزارع وفرحة الفلاح ؛ فالأرض والزرع والخضرة والريحان هي غاية متعته، بل كانت المرأة وسيلته للتمتع بالفاكهة والرياحين أو مكملاً ضرورياً لذلك.
ترك الأمير القمندان ديوان شعر عنوانه: "الأغاني اللحجية" صدر عن مطبعة الهلال ـ عدن عام 1938م ، ثم وسّعه وأسماه:"المصدر المفيد في غناء لحج الجديد" وصدر عن مطبعة فتاة الجزيرة ـ عدن عام 1943، ثم عن دار الهمداني ـ عدن مرتين في 1983و1989م، وفي بيروت عام 2006 . وفي التاريخ ترك كتاب "هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن"(ثلاث طبعات)، وله أربع مقالات:"فصل الخطاب في تحريم العود والرباب" و"لمن النصر اليوم: لسبول الذرة أم لطبول المجاذيب؟"و"الخزائن المظلمة"و "وداع بيت على أكبار"، يجادل في الأولى السيد الحضرمي صاحب كتاب "رقية المصاب بالعود والرباب" ، ويدعو في الثانية والثالثة إلى التخلي عن الشعوذة وخرافات القرون الوسطى والسير نحو العلم والعمل والتحرر، وفي الرابعة يودع داراً استئجرها من هندي بعدن إبان الإحتلال العثماني للحج في الحرب العظمى. زاره الأديب الكبير امين الريحاني في لحج وأسماه في كتابه (ملوك العرب):"شاعر لحج وفيلسوفها" ووصفه بـ"سلك الكهربا في لحج". نشرنا عنه عدة مقالات بالمجلات والصحف ومحاضرات جمعناها في كتاب: (القمندان.. الحاضر بمجمرة رومانسية).
المغني: مهدي درويش فرْدين العزيبي ( 1944 ــ 2008 ). ولد بحوطة لحج حارة مساوى. درس في المدرسة المحسنية، ثم اشتغل ممرضاً بمستشفى الحوطة. هو مطرب مقل مجيد ، وله صوت مُطرِب ومُفرح، إعتمد عليه الأستاذ عبدالله هادي سبيت عند توثيقه لألحان لحج وإيقاعاتها المتعددة. بدأ الغناء صغيراً عام 1956م؛ وكانت أولى أغنيه (يا للي تركت الدمع) وغناها على مسرح (البادري) بعدن ونال بها شهرة واسعة.. ثم انقطع عن الغناء لظروف اجتماعية لفترة. وبعدها عاد ليضيف إلى ديوان الغناء اللحجي روائع أخرى منها: (حالي يا عنب رازقي) ، (ياللي تركت الدمع) ، ( يقولوا لي الهوى قسمة)، (يذكرني القمر خده) من شعر نصيب ولحن فضل اللحجي .مات عام 2008 بالحوطة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غناء: مهدي درويش (في جلسة برنامج سُبيت لتسجيل اللحن)