الوادي الفياض من طرائف نوبة عياض
محمد بليش .. عسل في جواني
-------------------------------------
هي عادة أهل لحج في أعراسهم أن يتبارون في استضافة المطربين المشهورين لإحياء مخادرهم، كلّ بحسب سعته ومكانته المالية والإجتماعية. وكان المطربون المعتمدون لقريتنا على الترتيب الزمني: فضل محمد اللحجي والمسلمي وبامخرمه وفيصل علوي ومحمد سعد عبدالله والدباشي وفرقة تكرير .. وهؤلاء المطربون خير من يؤدي طرب المقيل باللون الصنعاني واللحجي السماعي ..
وأهل قريتنا مزارعون وكبار القوم منهم يتعاطون (القات) في المخدرة ويدخنون (المداعة) الأركيلة.. ولهؤلاء يغني المطرب في المقيل اللون الصنعاني واللحجي السماعي. وأما وقت السمرة فيكون اللحجي الراقص لأن أغلب الحضور من الشباب فهم اهل الخفة والإيقاعات الراقصة ..ولأن المطرب يتعب فإنه لا يمانع إن جيء إليه بموهوب من شباب القرية للغناء.
في مخدرة كان يحييها المطرب عوض المسلّمي (الأعمى)، جيء له بالشاب محمد بن محمد هادي باعامر الملقب (بليش) فقبل وأجلسه بجانبه وعزف له بناء على طلبه أغنية القمندان ( صادت عيون المها قلبي بسهم المحبة). وترنّم البليش وغنى وأكمل المقطع/الدور الأول بسلام ، ولأنها المرة الأولى له أمام الجماهير ارتبك في نهاية الدور الثاني الذي نصه :
دور
يا حلـو يا شُهـد (دوعاني) وطعـم المربّا
المُحتجبْ عن عيــوني أوسع القلب نهبا
متى عسى يا حبيبي بايبــــــــان المخبا
شُفْ كل شيْ ما سوى جَبْر المحبين فانِي
توشيح
كل شيْ ما سوى جبر المحبين فاني * ليت سعد المنى لو ساعدتني الأماني
تقفيل
ياما هــوى الغيــد سـلاني وبكّــاني * أما صبِـر أو عســـــــل فـي صياني
وارتبك محمد بليش وغنى: (عسل في جواني) .. فما كان من المرحوم المسلمي إلا أن وقّف العزف وصاح: " عسل في جواني .. في جواني .. قوم بلا مرفاله " .. وضجّت المخدرة بالضحك ..
رحمة الله عليهما وغفرانه ورضوانه!
----------------
* مرفالة: تقابلها في اللحجية: المعوالة. والروفل: في لسان العرب: الرَّفِل : الأحمق ، الرَّفْلاء: الحمقاء القبيحة، غير أن المعنى انزاح ليعني البلطجي وابن السوق.