كلمات ولحن: شاعر الهجاء مسرور مبروك ، غناء: محمد علي الدباشي
بمناسبة الذكرى الثانية لرحيل سلطان لحج السلطان الثائر علي عبدالكريم العبدلي (1922—2016)
من هذه الأغنية نتبيّن قوّة قريحة مسرور السيالة، وتدفّقها في شعر بسيط ولكنه صعب، قريب ولكنه بعيد .. حلو ومُرٌّ في آن ؛ فانظر كيف جعل من سلطانه (القُطبْ والقَود المكرَّم) .. وفيها نرى مسرور بثلاث عيون: واحدة تنظر نحو الخصم، وعين ثانية إلى المداعة، والثالثة نحو الجائزة ـــــ رحمة الله عليهم.
قلاقل واضطرابات، وإشاعات ووشايات، والحقد ما انفك ينخر في الجذع العبدلي.
النار تستعر، و(وطس ــ Watts) يدبّ لها بالحطب حتى صاروا إليها كالفراش جميعهم..
ابتنى المتأخرون من العبادلة لأنفسهم قصراً أساسه من ملح، كذاك الذي بناه المنصور لعمه (عبدالله بن علي)، فلما شربت الأرض ماء الشتاء ذاب الملح وسقط البيت فقضى على من فيه.
ظلّ الظلم ظلماً وزاد. ظاناً أنْ ليس له (أشوليٌّ) ضَوَّاد، يفترعُ (عمليق) كلَّ بكرٍ في البلاد، مؤمّلاً أن يُصيبَ ذكراً من الأولاد؛ وعلى سلطانهم يتآمر القوّاد ، فيُدْخِلُ السلطان خصومه السجنَ دَخلَةَ ابن المقفّع دار سفيان .. وتكون القاصمة ..
وما أوجعها حين تضْرب بها قريحة ابن مبروك .. وأعدّ مسرور للشعراء سمّاً ناقعاً ، واضعاً مكواه على بطن الفرزدق ، وجادعاً أنف الأخطل ... قال الراوي:"ومرض الفرزدق بدملٍ في جوفه فأُسقِيَ النفطُ علاجاً حتى مات".
إنْ عصَاكْ الحَيْد لَثْرَم
يا ولــــــي الله يالقطبْ المُكــــــرَّم * عنـــــد ربّك إنّ شعـبك في حماكْ
أنت في لحـج الولي القود المُكرَّمْ * قــدت قومك بالفضـايل من صباك
أنت في الحوطة المؤيــد والمُحكّم * ما بـــذا شك ربنا الباري عطــاك
نلت رتبة عاليــــــة من ربّ أعظم * ما بـــذا شك ربنا البـــاري عَلاك
في الولايـــة والدك قبـــــــلك تقدّم * وأصبحت لك ما لها واحد سواك
وأنا شبّهت بك في الجــــــود حاتم * ما نصفتك فقت حــاتم في سخاك
أنت في حكمـك كما كسرى وأحكم * بل لحكمك أنت تنصف من أتــاك
بالولايـــــــة قــــــد كتب ربك وتمّم * شاء ربــــك فهو خصّك وانتقاك
قـــــــــد علم بك كفو للأمر المفخّم * لائقـاً بك دمت بــــدراً في سماك
يا ولي الله شـدّ المُهر الادهـم * شدّ عزمك بالعصا اضرب مَن عصاك
يا عصا العاصي اخرجي يالحيد لَثْرَم *عاد بعــدك ذي يهدّك من علاك
لا تركّبْ قَرْبَعَــــــة : بيرق ومهزم * ليس عنـــــدك مقدرة حلّ العراكْ
وانْت صلّــــــح ساحلي ولا دمنــدم * داهيــــة بكْ موْردك بحر الهـلاك
لا عَزَمْ لكْ يـــوم بالجيش العرمرم * با يصـــــــدّك بايــــردّك لى وراك
بالعصا بايضربــــــك ضربة مسمّم * فـــوق راسك ذي تردك في ثراك
خير تهـــــــدِنْ من قبل تصبح تندّم * رِيْضْ بَسّكْ ما جرى سابق كفاك
شوف ذا الخيّـــــال قد مُهره ملجّم * قِرّ حيثــــك لا تحـــــرّشْ به قداك
بس يكفي ما مضى في العــام لَقْدَم * كَفّ عنّكْ قـد سمح لك في خطاك
قط ما فـــاد الــــــــذي شارك وعلّم * حاص منّك ذي بشوره قد غواك
فاحمـــــد الله الذي لاطــــــف وسلّم * حُسْن حظك خلّصـــك مما دهاك
وان تركّـب ذي السنة ربشة ستندم * رُدّ حسّك والحَــذَرْ تِتْبَـــعْ هـواك
شوفهـا الأولى وروز القــول وافهم * ضِـدّ نفسك قبــل ما تلقى جزاك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفردات: القَوْد: طائفةُ من الخيل تُقاد في السفر بجوار الرَّكْب ولا تُركب، بل تُودَّع حتى يُحتاج إِليها في دفاع عن الركب. الحيد: الجبل. لَثْرَم:الأثرم والأخرم من انكسرت سنته من أصلها. الحوطة: حاضرة لحج وعاصمة السلطنة العبدلية. لا تركّب قَرْبَعة: لا تفعل فوضى وتحرّش وتدق طبول الحرب. بيرق ومَهزم: كناية عن المولد أي زيارة دينية لأحد الأولياء وما أكثرهم في لحج، وهي كناية عن استخدام الدين ، والمَهْزَم هو طبل كبير يقرع لإعلان الحرب. ساحلي ودمندم: هما رقصتان لحجيتان مشهورتان. لى وراك: إلى وراك حذفت ألفها "ترخيم مقلوب". تهدن: تهدأ تماماً(صيغة مبالغة). رِيْض: ابق في محلّك. بَسَّكْ: بَس؛ كفاك. قَدَاك: نحوك. حاص: طحس، اختفى فجأة. روز القول: أوزنه. ضِدّ نفسك: ضد نفسك وضودها في لهجتنا أزجرها، والضَّوّاد الزَّاجر.
الشاعر: مسرور مبروك عوض ( 1911 ــ 1992 ). من مواليد الحوطة ـ لحج عام 1906م، وقد تلقى دراسته الإبتدائية والإعدادية في مدرستها المحسنية. مسرور شاعر شعبي غنائي هجّاء يتعاطى الشأن السياسي والإجتماعي بنقد ساخر لاذع عرّضه للسجن والاضطهاد. اشتهر كشاعر في العام 1347هـ عندما وضع قصيدة عراض للشاعرة الأميرة (شمس بنت عبدالله محسن العبدلي) التي عاش وتربى في كنفها. لقد مكنه عيشه في القصر من معاصرة والتاثر بالشاعرين أحمد فضل القمندان وحسن أفندي. لمسرور العديد من الأعمال المسرحية ألف وأخرج بعض المسرحيات التي قدمتها فرقة العروبة عند تأسيسها عام 1942م منها إخراج مسرحيتي (عطيل) لشكسبير و(شهامة العرب) لخليل اليازجي، وتأليفه مسرحية (طرفيشة وشوربان أبو ريشة). ولمسرور اهتمام بفن الغناء وله بعض الالحان سجلت على الأسطوانات. من كلماته وألحانه الأغاني: (لا مزوج سلي ولا عزب مستريح ، مسيمير الوطن ، تحرشوا لي وانا عابر سبيل ، شل الشلن واصرفه سنتات، وبلبل الروض، يابوي انا آه منش، إن عصاك الحيد لخرم)، ومن ألحان صلاح
كرد: (مونلوج بنت الناس هبّي لش)؛ وله (أنا لي قلب ثاني) لحنها وغناها بشير ناصر بلال. ومن لحن وغناء المطرب محمد علي الدباشي: (يازمان النور، عشق الطفر ، من لحج لا الراحه ، في المولعه هب الضمار). (شجاني قمري البان). أصدر في حياته ديوان: ( الدهل والقيد ) 1982، عن دار الهمداني ــ عدن. توفي في عدن ودفن فيها عام 1992م.
المطرب: محمد علي دباشي (1927 ــ 1983 ) واحد من أوائل المطربين بلحج. ولد بقرية (نوبة عياض) محافظة لحج عام 1927م، وعاش بالحوطة ، واشتغل موظفاً بسيطاً بمحلج القطن. مارس الغناء في المخادر والحفلات العامة فذاعت شهرته، وتميّزت أغانيه ببساطة مواضيعها وقربها من العامة. غنى للقمندان (طبت يالمضنون) وغيرها، ولمسرور مبروك: (عشق الطفر بس لا كانه) و(شل الشلن واصرفه سنتات)، (يا زمان النور)، و(يا ولي الله يالقطب المكر!ّم)، (يتحشوا لي ونا عابر سبيل)، ولصالح فقيه (شراحي سمّعوا الأوظاف)، ولعلي عوض مغلّس (من فين لي قلب صابر) ، (عيش يا هذا وبا تنظر عجب) ، (قال أبو مهدي) ، (قال أبو محمود وأحمد) ، (يا دُرّ في دار عامر)، و(كانت محبة لي) وجميعها مسجلة بإذاعة عدن، وغنى لآخرين منها على الاسطوانات: ( طبت يالمضنون) للقمندان، (من لحج للراحة شدّوا الليل)، (فليعيش الثوار)، (كثّروا بالهرج والمكسب عمى)،. توفي في الحوطة مساء الجمعة 18 فبراير 1983م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غناء: محمد علي الدباشي