كلمات ولحن: الأمير أحمد فضل العبدلي (القمندان) ، غناء: عبود زين
في الحرب العظمى الأولى (1914 ــ 1918) دخل الأتراك لحجاً سنة 1915م. أصيب السلطان العبدلي فخرج إلى عدن ومعه حاشيته وكثير من أهل لحج ومن ضمنهم الشاعر الأمير أحمد فضل (القمندار). كانت عدن يومذاك مستعمرة بريطانية قد اقتطعتها حربة القبطان هينس من جسد السلطنة العبدلية سنة 1839م. هُزم العثمانيون في الحرب في العراق .. وأجلوا من لحج فنظم الأمير القمندان هذه الأغنية في شوال 1336هـ/ يوليو 1918م على (إيقاع المركّح اللحجي) وهو لحن يُسمّى بـخرجته وهي (يا مرحبا بالهاشمي) متشفّياً بهزيمة الأتراك ومبايعاً (الشريف الهاشمي) كملك للعرب.
نقدم الأغنية فقط ليتعرّف متابعنا على شعر القمندان السياسي وهو ما نعرضه لأول مرة بعيداً عن الإسقاط .. تلك حقبة تاريخية مرّت بحاليها ومُرّها ــــ محبتي للجميع.
يا مرحبا بالهاشمي
بغـداد يا دار الخـــــلافة دار جعفر والرشيد * الطـــــار بشّرنا فِعِلنا في عــدن مولد وعيد
قم يا رسولي سير عاني وأخبر الباشا سعيد * وقل له البَوْشْ فرّوا خَلّوا المدافع والحديد
بغــداد فيها جيشنا كم من أسد صنـــديد جِيْد * وأصحـــابكم أتشتتوا من نارنا راحوا بـديد
حملات في (كوت العمارة) صيتها لمّا (زبيد)*بسيوفنا في الحرب قطّعنا الحناجر والوريد
ظلّت عيال الهند في الإيوان والقصر المَشيد * وخيلنا فوق الرصـــافة ترعــد الدنيا رعيد
قد خير لك تخرج من البصرة وتسلم من بعيد* وانْ عاد لك رغبة تبانا إلا نزيــدك با نزيد
أنـور لعب بالملك كله يا نـــــــــدم عبدالحميد * وكلما طـــال المدى لابـــد من سقطه جديد
وذي يراجعكــــم تقولوا: خصم ذا بــاقي عنيد * وظلمكم في الأرض نكّــد بالرعية والعبيد
وفي دمشق الشام ذبّحتوا العرب كم من شهيد/وعند قبر المصطفى الشنق حاصل والوعيد
ودفّعوا (البيت المحرّم) صحّـــــح العلم البريد * وقـــــام فيصل بالمهند ينصد الفيلق نصيد
واحنا حلفنا للشريف الهاشمي العهـد الأكيـــد * أنه ملك أرض العرب والله يفعـــل ما يريد
والروس في (أرمينيا) ذي جمعهم مكثر عديد* وما بقي من ملككم قد وسْطه الصائد يصيد
هــــــذا عقاب الله لا قـد جاء خَتَم بيت القصيد * وحكمكم إن زال كم قــد زال من حكمٍ عتيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفردات: الباشا سعيد: هو علي سعيد باشا الذي احتل لحج سنة 1333هـ/ 1915م. البوش: البوش في لهجة لحج (الغنم والسوام) وقد شبّه الشاعر جنود الأتراك بالأغنام التي تُساق إلى حتوفها دون إدراك منها؛ كذلك أحسن إذ ورّى باللفظة أيضاً فاشتق لتلك الأغنام إسماً جامعاً من إسم راعيها فتبّاع الباشا هم البَوش. خَلَّوا: تخلّوا؛ تركوا السلاح وولوا هاربين. تبانا: تبغينا؛ تريدنا أن نزيدك. الشريف الهاشمي: هو حسين بن علي الهاشمي شريف مكة (1908 - 1917) ثم مؤسس المملكة الحجازية الهاشمية (1917 – 1924) وأول من نادى باستقلال العرب من حكم الدولة العثمانية. ولد في إسطنبول سنة 1854م حينما كان والده منفياً فيها فألمّ باللغة التركية وحصل على اجازات في المذهب الحنفي. عاد إلى مكة وعمره ثلاث سنوات. قاد الثورة العربية الكبرى متحالفا مع البريطانيين ضد الدولة العثمانية لجعل الخلافة في العرب بدل الأتراك في 1916 ولقب بملك العرب؛ توفي في 1931م ودفن في القدس. (الويكبيديا).
الشاعر: الأمير أحمد فضل بن علي محسن العبدلي الملقب بـ (القمندان) (1885 ــ 1943). ولد في مدينة الحوطة محافظة لحج ـ اليمن، هو أبو الغناء اليمني ورائده في كل جزيرة العرب بلا منازع. شاعر عامي فحل، وكاتب مجيد ومؤرخ ثقة. كتب الشعر العامي فتسلل إلى قلوب الناس إذ وجدوا في أغانيه تعبيراً عن مشاعرهم وما تلتهب به أفئدتهم من لواعج الغرام. غلبت على شعر الأمير بساطة المزارع وفرحة الفلاح ؛ فالأرض والزرع والخضرة والريحان هي غاية متعته، بل كانت المرأة وسيلته للتمتع بالفاكهة والرياحين أو مكملاً ضرورياً لذلك.
ترك الأمير القمندان ديوان شعر عنوانه: "الأغاني اللحجية" صدر عن مطبعة الهلال ـ عدن عام 1938م ، ثم وسّعه وأسماه:"المصدر المفيد في غناء لحج الجديد" وصدر عن مطبعة فتاة الجزيرة ـ عدن عام 1943، ثم عن دار الهمداني ـ عدن مرتين في 1983و1989م، وفي بيروت عام 2006 . وفي التاريخ ترك كتاب "هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن"(ثلاث طبعات)، وله أربع مقالات:"فصل الخطاب في تحريم العود والرباب" و"لمن النصر اليوم: لسبول الذرة أم لطبول المجاذيب؟"و"الخزائن المظلمة"و "وداع بيت على أكبار"، يجادل في الأولى السيد الحضرمي صاحب كتاب "رقية المصاب بالعود والرباب" ، ويدعو في الثانية والثالثة إلى التخلي عن الشعوذة وخرافات القرون الوسطى والسير نحو العلم والعمل والتحرر، وفي الرابعة يودع داراً استئجرها من هندي بعدن إبان الإحتلال العثماني للحج في الحرب العظمى. زاره الأديب الكبير امين الريحاني في لحج وأسماه في كتابه (ملوك العرب):"شاعر لحج وفيلسوفها" ووصفه بـ"سلك الكهربا في لحج". نشرنا عنه عدة مقالات بالمجلات والصحف ومحاضرات جمعناها في كتاب: (القمندان.. الحاضر بمجمرة رومانسية).
المطرب: عبود زين محمد السقاف ويعرف بـ(عبود خواجة) وخواجة لقب لأبيه. أما هو فالجماهير تلقبه (ربان الطرب) ولد في 29 نوفمبر 1972م بقرية الوهط بلحج. والوهط بلدة علم وأدب وطرب منها نبغ شعراء غنائيون مميزون مثال سالم زين عدس ومهدي علي حمدون ومنها بزغ المطرب الشهير محمد صالح حمدون رحمهم الله جميعاً. بدأ الغناء صغيراً في العام 1984م وقد تعهده المطرب الشيخ يحيى محمد فضل العقربي وذاعت شهرته إلى كل اليمن وخارجها. عبود هو خلاصة رؤوس الطرب الكبار في لحج، يؤدي ألوان الغناء اليمني على تنوعها واختلافها, بإتقان وبإطراب لا تجده عند سواه. لذلك وجدت اللحجيين والصناعنة واليوافع والحضارمة وأهل الحديدة وأهل الجزيرة يفسحون له في صدور مخادرهم ومحافلهم ومجالسهم. وإلى جودة غنائه وإطرابه، يتفرّد عبود في عزفه على آلة العود فيأتي بما يبهر الحس ويسعد الوجدان. نشرنا فيه بمجلة الثقافية وصحيفة الأيام مقالات: "الوهط دار المسرة"، " الصاعد من مقام الروَاد" و "فرحة العود في طرب عبود".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غناء: عبود زين